سيول كردستان تحيي شلالا ونبعا وتثير انتقادات للحكومة

انتقد ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي الإهمال الحكومي في البنية التحتية اللازمة للتعامل مع السيول في إقليم كردستان العراق، وذلك بعد الأضرار التي خلفتها الأمطار الغزيرة في العديد من المدن. وتأتي هذه الانتقادات في أعقاب موجة من الفيضانات التي أدت إلى خسائر في الأرواح وتضرر الممتلكات، مما سلط الضوء على الحاجة الملحة لتحسين إدارة المياه والاستعداد للكوارث الطبيعية.
شهدت مدن إقليم كردستان، وخاصة السليمانية، هطول أمطار غزيرة خلال اليومين الماضيين، حيث بلغت كمية الأمطار المتساقطة حوالي 80 ملمترًا في السليمانية وحدها، وهو ما يعادل خُمس المعدل السنوي. وقد أعلنت هيئة الأنواء الجوية عن تحذيرات من سيول محتملة في محافظات السليمانية وديالى وميسان وواسط وشمال البصرة، بسبب الأمطار الرعدية والرياح الهابطة.
انتقادات واسعة النطاق بسبب السيول والإهمال الحكومي
تسببت الأمطار الغزيرة في فيضانات واسعة النطاق، خاصة في بلدة جمجمال غرب السليمانية، وهي منطقة منخفضة تحيط بها التلال والوديان التي تزيد من سرعة تجمع المياه. وقد أظهرت مقاطع الفيديو المتداولة عبر الإنترنت حجم الأضرار الناجمة عن السيول، بما في ذلك جرف السيارات وانهيار الجسور الحيوية التي تعد محاور مهمة لتنقل السكان.
وأسفرت هذه الفيضانات عن وفاة خمسة أشخاص، ولا يزال البحث جارياً عن المفقودين، بالإضافة إلى إصابة 12 آخرين بجروح متفاوتة. كما تسببت في أضرار مادية كبيرة، حيث غمرت المياه مخازن ومحال ومنازل، وتضررت عشرات السيارات.
تعطلت حركة المرور بشكل كبير بسبب ارتفاع منسوب المياه، مما أدى إلى صعوبة في تنقل السكان. ومع ذلك، استجابت السلطات بسرعة لإجلاء العالقين وتوفير المساعدة اللازمة للمتضررين.
استجابة حكومية مركزية
وجه رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، طيران الجيش لتوفير الدعم اللوجستي وتأمين الطائرات لإجلاء المتضررين وتوصيل المساعدات. كما خصصت وزارة المالية مبلغًا طارئًا لتقديم الإغاثة اللازمة لإقليم كردستان، وذلك لمواجهة تداعيات السيول.
وتفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع مع هذه الأحداث، معبرين عن غضبهم واستيائهم من الإهمال الحكومي في تطوير البنية التحتية اللازمة للتعامل مع الكوارث الطبيعية. وقد عبر العديد منهم عن قلقهم بشأن تكرار هذه المشكلة في المستقبل، إذا لم تتخذ السلطات إجراءات فعالة لمعالجتها.
أكد جبر، أحد النشطاء على وسائل التواصل، أن الحكومة لا تتعامل بشكل جاد مع مشكلة السيول، وتساءل عن سبب عدم معالجة هذه المشكلة بشكل دائم. من جانبه، انتقد عباد وضع البنية التحتية وقلة السدود، مشيرًا إلى أن ذلك ساهم في تفاقم الفيضانات.
ودعا عيسى إلى الاستفادة من هذه السيول لمواجهة الجفاف المحتمل في العراق، من خلال إنشاء قنوات لجمع مياه الأمطار وتخزينها في أحواض للاستفادة منها في فصل الصيف. أما صفاء، فقد اتهمت الحكومة بالإهمال وعدم الاستفادة من هذه الأمطار، متوقعة حدوث أزمة مياه حادة في المستقبل.
على الرغم من الخسائر الناجمة عن السيول، إلا أنها كان لها أثر إيجابي على البيئة، حيث ساهمت في إحياء شلال “گلي علي بك” ونبع “كاني ماران” في أربيل بإقليم كردستان. وأشار مرصد العراق الأخضر إلى أن الأمطار الأخيرة زادت المخزون المائي للعراق بنسبة 2%، ورفعت منسوب المياه في نهري دجلة والفرات.
من المتوقع أن تقوم الحكومة العراقية بتشكيل لجنة تحقيق لتقييم الأضرار الناجمة عن الفيضانات وتحديد المسؤوليات. كما من المرجح أن يتم تخصيص ميزانية إضافية لإعادة بناء البنية التحتية المتضررة وتنفيذ مشاريع جديدة للحد من مخاطر السيول في المستقبل. يبقى التحدي الأكبر هو ضمان تنفيذ هذه المشاريع بشكل فعال وفي الوقت المناسب، لتجنب تكرار هذه الكارثة في السنوات القادمة.





