Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخر الاخبار

شبكة رقمية تغذي خطاب الكراهية ضد المهاجرين بعد طعن شرطي في أيرلندا

|

في أعقاب محاولة طعن استهدفت أحد أفراد الشرطة الأيرلندية وسط العاصمة دبلن الأسبوع الماضي، اشتعلت منصات التواصل بسيل من المنشورات المتضاربة والمضللة، في مشهد بدا كأنه يتجاوز حادثة فردية إلى حملة رقمية منظمة.

وركزت الحملة الرقمية -التي قادتها حسابات مؤثرة على منصة “إكس”- على تأجيج الخطاب المعادي للمهاجرين، من خلال روايات مشككة في هوية المهاجم ودوافعه، وربطه بأجندات دينية وعرقية، وتوظيف حوادث مشابهة في أوروبا، بهدف تكوين سردية عامة تُحمّل المهاجرين مسؤولية عنف ممنهج.

في هذا التقرير، تتبعت “الجزيرة تحقق” مضمون هذه الادعاءات، وحللت الشبكة الاجتماعية التي أسهمت في تضخيمها، وطبيعة الحسابات المشاركة، لفهم ما إذا كانت ردود فعل فردية أم حملة منسقة لتأجيج الكراهية تجاه المهاجرين عبر سرديات مضللة.

فيديو الحادثة يتصدر المنصات

في 29 يوليو/تموز الماضي، انتشر على نطاق واسع مقطع فيديو يظهر رجلا يحاول طعن عناصر من الشرطة الأيرلندية خلال دورية وسط دبلن، في هجوم مفاجئ بسكين.

وأظهر المقطع -الذي حصد ملايين المشاهدات- محاولات عناصر الشرطة السيطرة على الشاب باستخدام العصي ورذاذ الفلفل، قبل أن يتمكنوا من اعتقاله.

وتمكنت وكالة سند للتحقق التابعة لشبكة الجزيرة من تحديد الموقع بدقة عبر أداة “التجول الافتراضي” (Street View) في خرائط غوغل، باستخدام صور التقطت في أبريل/نيسان من العام الجاري.

تضليل وخطاب تحريضي

ترافقت مشاهد الهجوم مع موجة من التعليقات التحريضية على منصات التواصل، استهدفت المهاجرين ووصفتهم بأنهم “تهديد وجودي”، مع ربط الحادث بخلفيات دينية وعرقية. من بين العبارات المتداولة: “هل يبدو اسم عبد الله خان أيرلنديا؟”، و”الإسلامي عبد الله خان يطعن شرطيا والشرطة تلقنه درسا”.

 

وامتد الخطاب التحريضي ليشمل مقارنات بحوادث في دول أخرى مثل ألمانيا وبريطانيا، في محاولة لبناء سردية أوسع مفادها أن السلطات الأوروبية تتكتّم على جرائم يُنفّذها مهاجرون، ولا سيما من أصول إسلامية.

وسعت حسابات مؤثرة إلى ترسيخ صورة نمطية للمهاجر باعتباره “تهديدا داخليا”، من خلال مزاعم تفتقر إلى دليل. فقد زعمت حسابات أن المهاجم “عبد الله خان” دخل المملكة المتحدة بشكل غير قانوني عبر قارب صغير، وحصل لاحقا على “امتيازات قانونية تفوق ما يناله المواطنون”، في محاولة لتأجيج الغضب الشعبي تجاه سياسات الهجرة.

وفي بيان رسمي، أكدت الشرطة الأيرلندية أن أحد عناصرها تعرض لاعتداء “غير مبرر” وسط دبلن، ونقل إلى المستشفى لتلقي العلاج.

وحذر مساعد مفوض الشرطة في دبلن، بول كليري، من انتشار معلومات مضللة عبر المنصات الرقمية، متهما بعض المغردين بمحاولة “تأجيج الموقف لأغراض خاصة”، ومؤكدا أن التحقيق ما زال جاريا لتحديد الدوافع.

في المقابل، فندت وسائل إعلام أيرلندية المزاعم التي ربطت المهاجم بالهجرة أو بالتطرف الديني، إذ أظهرت المعلومات الرسمية أن المشتبه به مواطن أيرلندي ولد في شمال دبلن حيث يقيم، ويبلغ من العمر 23 عاما. كما طلبت محاميته فرض قيود على نشر عنوانه، نظرا لحساسية القضية ومخاوف تتعلق بسلامته.

وأكدت التحقيقات الأولية أن الهجوم لا يحمل أي طابع إرهابي، وأن التهم الموجهة إليه تقتصر على الاعتداء على فرد شرطة وحيازة سكين قد يتسبب بإصابات خطرة.

شبكة تضليل عابرة للحدود

عقب انتشار فيديو حادثة الطعن في دبلن، لم تكن موجة التفاعل على “إكس” مجرد ردود فعل فردية، بل بدت كأنها جزء من شبكة رقمية منظمة تنسّق فيما بينها لنشر رواية موحدة تستهدف المهاجرين.

أجرت “الجزيرة تحقق” تحليلا معمقا لبنية هذه الشبكة، فوجدت أن عشرات الحسابات المترابطة -معظمها ذات تأثير واسع- لعبت دورا محوريا في نشر الخطاب التحريضي وتعزيز مصداقيته عبر التكرار والتنسيق.

خلال فترة لا تتجاوز 4 أيام، نشرت أكثر من 4 آلاف تغريدة مرتبطة بالحادثة، عبر نحو 2862 حسابا، وتضمنت آلاف التفاعلات من إعادة نشر وتعليقات وذكر حسابات أخرى.

تحليل للشبكة التي تبنت ترويج الخطاب المعادي للمهاجرين في أيرلندا (جيفي)

 

في قلب هذه الشبكة، برزت أسماء بعينها تعيد التدوير وتوسيع دائرة السردية، وجاء في الصدارة حساب “suffragent”، تلاه “editorialz”، ثم “RadioGenoa” الذي ينتمي إلى مجتمع رقمي مختلف من حيث اللغة والجغرافيا، لكنه يتحرك في الاتجاه نفسه.

ولم تكن هذه الحسابات وحدها، فقد كشفت خريطة الشبكة عن مجتمعات رقمية متعددة الجنسيات، من بينها مجموعة إيطالية تتفاعل حول حساب RadioGenoa، وأخرى إسبانية مرتبطة بـacom_es، بالإضافة إلى مجتمع بولندي، ومجتمعات ناطقة بالإنجليزية في بريطانيا وأيرلندا، تتشارك السردية نفسها وتروجها بلغات مختلفة.

تحليل لأسماء الحسابات التي تبنت سردية الخطاب المعادي للمهاجرين (جيفي)
تحليل لأسماء الحسابات التي تبنت سردية الخطاب المعادي للمهاجرين (جيفي)

ما جمع هذه الأطراف المتباعدة جغرافيا هو إستراتيجية رقمية موحدة: إعادة تغريد ممنهجة، وذكر حسابات مؤثرة، وبناء روابط متقاطعة، في نمط يعرف بتحليل الشبكات باسم “التضخيم المتبادل”. كل حساب يعزز الآخر، ويروج لمنشوراته، بما يمنح السردية زخما و”شرعية رقمية” حتى إن كانت مزيفة.

وبهذا الشكل، لم تعد الحادثة مجرد واقعة محلية في أحد شوارع دبلن، بل تحولت إلى مادة مشحونة تعاد صياغتها ونشرها وتضخيمها في فضاءات رقمية متعددة، عبر شبكة تمتد من أيرلندا إلى إيطاليا، ومن إسبانيا إلى بولندا، وتتقاطع عند فكرة واحدة: بناء عدو داخلي اسمه “المهاجر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى