استضافت مدينة إسطنبول منتدى الأعمال التركي السوري، ضمن فعاليات قمة العالم الحلال ومعرض حلال إكسبو 2025، مسجلاً خطوة مهمة نحو تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين. جاء المنتدى برعاية رئاسة الجمهورية التركية وبالتعاون مع معهد المواصفات والمقاييس للدول الإسلامية، وشهد مشاركة واسعة من رجال الأعمال والمسؤولين من كلا الجانبين، مما يعكس رغبة متزايدة في إعادة بناء التعاون التجاري والاستثماري.
عقد المنتدى في 30 نوفمبر 2025، وشهد إطلاق مجلس الأعمال السوري التركي المشترك، بهدف تنسيق الجهود التجارية وتطوير مشاريع استثمارية مشتركة. ويأتي هذا الحدث في ظل تحولات اقتصادية وسياسية تشهدها سوريا، وتسعى إلى تعزيز دور القطاع الخاص في عملية التعافي الاقتصادي.
إطلاق مجلس الأعمال السوري التركي المشترك: منصة جديدة للتعاون
أعلن وزير الاقتصاد والصناعة السوري الدكتور نضال الشعار عن تأسيس مجلس الأعمال السوري التركي المشترك (STİK)، ليكون بمثابة منصة رسمية لتسهيل التعاون التجاري والاستثماري بين الشركات السورية والتركية. يهدف المجلس إلى توفير بيئة مواتية لتبادل الخبرات وتحديد الفرص الاستثمارية المشتركة، بالإضافة إلى معالجة العقبات التي تواجه التجارة الثنائية.
أهداف المجلس ورؤيته المستقبلية
أكد الرئيس التنفيذي للمجلس، رواد رمضان، أن المنتدى يمثل بداية “مرحلة الفرص” للعلاقات الاقتصادية بين سوريا وتركيا. وأضاف أن الاقتصاد السوري يتجه نحو تعزيز دور القطاع الخاص وتحديث بيئة الأعمال، وفتح قنوات تجارية ولوجستية جديدة مع تركيا. كما أشار إلى وجود أكثر من 34 ألف شركة تركية تشارك فيها جهات سورية، مما يشكل قاعدة قوية لإطلاق شراكات اقتصادية أوسع.
وتشير التقديرات إلى أن قطاع الحلال العالمي يبلغ حجمه أكثر من 2.3 تريليون دولار أمريكي، وهناك توقعات بأن تلعب سوريا دورًا مهمًا في سلاسل الإمداد الزراعية واللوجستية لهذا القطاع، خاصة مع عودة النشاط الصناعي ودخول أكثر من 1300 مصنع مرحلة الإنتاج. هذا التحول يمثل فرصة لتعزيز الصادرات السورية وتنويع مصادر الدخل.
فرص استثمارية واعدة في قطاع الحلال والصناعة
ركز المنتدى على استكشاف الفرص الاستثمارية في قطاع الحلال، الذي يشهد نموًا متزايدًا على مستوى العالم. كما سلط الضوء على إمكانات التعاون في قطاع الصناعة، وخاصة في مجالات النسيج والزراعة والأغذية. وكشف رئيس مجلس الإدارة، حسام ططري، عن مباحثات متقدمة مع الجانب التركي لإطلاق مشروع مشترك في قطاع النسيج، بهدف تعزيز التكامل الصناعي بين البلدين.
بالإضافة إلى ذلك، شهد المنتدى إقبالًا لافتًا على عضوية مجلس الأعمال السوري التركي المشترك، حيث تلقى المجلس أكثر من 730 طلب عضوية خلال يومين فقط. يعكس هذا الإقبال حجم الاهتمام بالشراكة الاقتصادية بين البلدين ورغبة الشركات في الاستفادة من الفرص المتاحة. وتعتبر هذه الخطوة مؤشرًا إيجابيًا على مستقبل التعاون الاقتصادي بين سوريا وتركيا.
وشاركت شركات سورية في جناح خاص داخل معرض حلال إكسبو 2025، بالتعاون مع وزارة التجارة التركية، مما يمثل بداية مرحلة أكثر استقرارًا وتنظيمًا في مسار التعاون الاقتصادي. وقد ساهمت هذه المشاركة في تعزيز التواصل بين الشركات السورية والتركية، وتحديد فرص التعاون المحتملة.
يأتي هذا المنتدى في سياق التطورات السياسية والاقتصادية التي تشهدها سوريا، والتي تهدف إلى إعادة بناء الاقتصاد وتعزيز دور القطاع الخاص. وتشكل العلاقات التجارية مع تركيا جزءًا أساسيًا من هذه الجهود، نظرًا لأهمية تركيا كشريك تجاري رئيسي لسوريا.
من المتوقع أن يعقد مجلس الأعمال السوري التركي المشترك اجتماعات دورية لتقييم التقدم المحرز في تنفيذ المشاريع المشتركة، وتحديد التحديات التي تواجه التعاون الاقتصادي، واقتراح الحلول المناسبة. كما من المقرر أن يتم تنظيم فعاليات مماثلة في المستقبل لتعزيز التواصل بين الشركات السورية والتركية، وتوسيع نطاق التعاون ليشمل قطاعات جديدة. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض التحديات التي تواجه التعاون الاقتصادي، مثل القيود المفروضة على التجارة والتحويلات المالية، والتي تتطلب حلولًا سياسية واقتصادية مستدامة. وستظل التطورات السياسية والأمنية في المنطقة عاملاً مؤثرًا على مسار الاستثمار والتعاون الاقتصادي بين البلدين.
