شرق الكونغو: قتلى بورونديون وأحكام بحق جنرالات

أعلنت مصادر عسكرية عن مقتل ما لا يقل عن 20 جندياً بوروندياً في اشتباكات عنيفة مع متمردي حركة “إم 23” بالقرب من الحدود مع جمهورية الكونغو الديمقراطية. يأتي هذا التصعيد في وقت أصدرت فيه محكمة عسكرية في كينشاسا أحكاماً بالسجن على أربعة جنرالات بارزين على خلفية سقوط مدينة غوما، مما يزيد من تعقيد الأوضاع الأمنية في المنطقة. هذا النزاع في الكونغو يثير مخاوف إقليمية متزايدة.
وقعت المعارك في منطقة روزيزي الحدودية، حيث تشارك القوات البوروندية ضمن التحالف الإقليمي الداعم للجيش الكونغولي. وأفادت مصادر محلية بأن القتال كان عنيفاً، وأن قصفاً طال مواقع داخل الأراضي البوروندية، مما أثار غضب بوجمبورا التي وصفت الحادث بأنه “غير مقبول” وهددت بالرد. هذا التطور يهدد بتوسيع نطاق الصراع ليشمل مواجهة مباشرة بين بوروندي والمتمردين الكونغوليين.
محاكمة جنرالات في كينشاسا وتداعيات سقوط غوما
في موازاة التصعيد الميداني، أصدرت المحكمة العسكرية العليا في كينشاسا أحكاماً بالسجن بحق أربعة جنرالات بارزين من الجيش والشرطة بعد إدانتهم بتهم “الإهمال” و”الفرار أمام العدو”. وتراوحت الأحكام بين سنة وثلاث سنوات، وكان من أبرز المدانين المفوض العام للشرطة وروموالد إكوكا، نائب سابق لحاكم شمال كيفو، الذي حُكم عليه بثلاث سنوات.
جاءت هذه المحاكمة على خلفية سقوط مدينة غوما، عاصمة إقليم شمال كيفو، في يد حركة “إم 23″، وهو ما اعتُبر ضربة قاسية لهيبة الدولة الكونغولية وأثار غضباً شعبياً واسعاً ضد المؤسسة العسكرية. يعكس هذا الحدث تحديات كبيرة تواجه الجيش الكونغولي في السيطرة على الأراضي الشرقية.
السياق الإقليمي المعقد وتأثير رواندا
لم يعد النزاع في الكونغو شأناً داخلياً فحسب، بل تحول إلى ساحة صراع إقليمي تتداخل فيه مصالح رواندا وبوروندي وأوغندا. تتهم الحكومة الكونغولية رواندا بدعم حركة “إم 23″، وهو ما تنفيه كيغالي بشدة. تؤدي هذه الاتهامات إلى تفاقم التوترات الإقليمية وتعقيد جهود السلام.
ورغم توقيع اتفاق سلام في واشنطن مؤخراً، فإن استمرار القتال وسقوط قتلى من القوات البوروندية يهدد بانهيار المسار الدبلوماسي. يثير هذا الوضع تساؤلات حول جدية الأطراف في الالتزام بالحل السياسي، خاصة مع استمرار الاشتباكات الحدودية.
بالإضافة إلى ذلك، تكشف هذه التطورات عن أزمة مزدوجة: تصاعد العنف الميداني الذي يجر دول الجوار إلى قلب النزاع، واهتزاز المؤسسة العسكرية الكونغولية داخلياً عبر محاكمات لجنرالات بارزين. هذا الاهتزاز يضعف قدرة الجيش الكونغولي على مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة.
تأثير حركة “إم 23” على الاستقرار الإقليمي
تعتبر حركة “إم 23” من أبرز الجماعات المسلحة النشطة في شرق الكونغو، وتطالب بحقوق الأقليات التوتسية. تستفيد الحركة من الدعم الخارجي، مما يمكنها من مواصلة القتال وتوسيع نفوذها في المنطقة. يؤدي هذا الدعم إلى إطالة أمد الصراع وزيادة معاناة المدنيين.
تسببت أعمال العنف التي تقوم بها حركة “إم 23” في نزوح مئات الآلاف من الأشخاص، وتدهور الأوضاع الإنسانية في المنطقة. تعاني المنظمات الإنسانية من صعوبة الوصول إلى المحتاجين، مما يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية. يتطلب الوضع الإنساني تدخلًا عاجلاً من المجتمع الدولي لتقديم المساعدة للمتضررين.
في المقابل، تسعى الحكومة الكونغولية إلى تعزيز قدراتها العسكرية، وتطالب المجتمع الدولي بفرض عقوبات على الدول التي تدعم حركة “إم 23”. تعتبر الحكومة الكونغولية أن الدعم الخارجي هو السبب الرئيسي في استمرار الصراع، وتطالب بوقف هذا الدعم فوراً. تعتمد جهود السلام على قدرة الأطراف المعنية على التوصل إلى حل سياسي شامل يضمن حقوق جميع الأطراف.
وبينما يترقب المجتمع الدولي مآلات اتفاق السلام الأخير، يبدو أن شرق الكونغو يتجه نحو مرحلة أكثر خطورة، حيث تتقاطع الحسابات المحلية والإقليمية في مشهد مفتوح على احتمالات التصعيد أو الانفراج. من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية خلال الأسابيع القادمة، مع التركيز على إقناع رواندا بالتوقف عن دعم حركة “إم 23”. يبقى الوضع في شرق الكونغو هشاً وغير مستقر، ويتطلب مراقبة دقيقة من قبل المجتمع الدولي.





