شعبية ماكرون في أدنى مستوياتها منذ انتخابه عام 2017

شهدت شعبية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انخفاضًا ملحوظًا في ديسمبر الحالي، لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ توليه منصبه عام 2017. أظهر استطلاع للرأي نشر مؤخرًا أن نسبة الموافقة عليه تراجعت إلى 25% فقط، مما يعكس تزايد الاستياء العام. هذا الانخفاض في شعبية ماكرون يأتي في ظل تحديات داخلية واقتصادية متزايدة تواجه فرنسا.
أجري الاستطلاع بواسطة مؤسسة “تولونا/هاريس انتراكتيف” لصالح قناة “إل سي إي” التلفزيونية، وكشف أن 37% فقط من الفرنسيين يعتزمون مشاهدة خطاب الرئيس السنوي الذي يُبث في ليلة رأس السنة. يُظهر هذا الرقم انخفاضًا ملحوظًا مقارنة بالسنوات السابقة، مما يشير إلى تراجع الاهتمام بخطابات الرئيس وتوقعاته.
تراجع الثقة في القيادة الفرنسية
أشار خبراء إلى أن هذا التراجع في شعبية ماكرون يعكس تحولًا في أولويات الناخبين الفرنسيين. فبعد فترة من التركيز على القضايا الدولية، أصبح الفرنسيون أكثر اهتمامًا بالقضايا الداخلية، مثل تكاليف المعيشة، والبطالة، والإصلاحات الاقتصادية. وفقًا لنائب مدير المؤسسة جان دانيال ليفي، فإن تقييم الرئيس أصبح الآن مرتبطًا بشكل أكبر بالقضايا الداخلية.
أسباب انخفاض التأييد
يعزى انخفاض التأييد للرئيس ماكرون إلى عدة عوامل. من بينها، الإصلاحات الاقتصادية المثيرة للجدل التي أطلقها، والتي واجهت معارضة قوية من النقابات العمالية وأجزاء من المجتمع الفرنسي. بالإضافة إلى ذلك، أثرت التحديات الاقتصادية العالمية، مثل ارتفاع أسعار الطاقة والتضخم، سلبًا على مستوى معيشة المواطنين الفرنسيين.
ومع ذلك، فإن الوضع السياسي في فرنسا لا يقتصر على تراجع شعبية الرئيس. فقد أظهر الاستطلاع أيضًا انخفاضًا في شعبية الوزراء الفرنسيين، باستثناء وزير البيئة الذي حافظ على نسبة تأييد ثابتة. هذا يشير إلى أن المشاكل لا تقتصر على شخص الرئيس، بل تمتد إلى الحكومة بأكملها.
صعود اليمين المتطرف
في المقابل، يشهد اليمين المتطرف في فرنسا صعودًا في شعبيته. يتصدر جوردان بارديلا، زعيم التجمع الوطني، مؤشر الثقة بنسبة 42%، متقدمًا بفارق ضئيل على مارين لوبان، زعيمة الحزب نفسه (39%). هذا الصعود يعكس تزايد القلق بشأن الهجرة، والأمن، والهوية الوطنية في فرنسا. الانتخابات الأوروبية القادمة قد تشهد نتائج مفاجئة في ظل هذه التحولات في الرأي العام.
بالإضافة إلى ذلك، يحظى برونو روتايو، زعيم الجمهوريين (يمين)، بنسبة تأييد تبلغ 30%. هذا يشير إلى أن اليمين التقليدي لا يزال يتمتع بقاعدة دعم قوية، على الرغم من تراجع شعبيته في السنوات الأخيرة. التحالفات السياسية المحتملة بين هذه القوى اليمينية قد تشكل تحديًا كبيرًا للرئيس ماكرون في المستقبل.
الرأي العام الفرنسي يتسم بالتشدد تجاه القيادة الحالية، حيث أن أغلبية الفرنسيين (62%) لا يعتزمون مشاهدة خطاب الرئيس في ليلة رأس السنة. هذا الرقم يمثل زيادة كبيرة مقارنة بالسنوات السابقة، مما يعكس تزايد الاستياء العام وعدم الثقة في الحكومة. الخطاب السنوي للرئيس يعتبر تقليديًا فرصة له لتقديم رؤيته للعام الجديد، ولكن يبدو أن هذه الفرصة قد أصبحت أقل تأثيرًا في الوقت الحالي.
أما بالنسبة لرئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو، فقد حافظ على نسبة تأييد ثابتة تقريبًا عند 34%. ومع ذلك، فإن هذا المستوى من التأييد لا يزال منخفضًا نسبيًا، مما يشير إلى أن الحكومة تواجه تحديات كبيرة في كسب ثقة الجمهور. الوضع الاقتصادي والاجتماعي في فرنسا يلعب دورًا حاسمًا في تحديد مستقبل الحكومة.
من المتوقع أن يستمر الرئيس ماكرون في جهوده لإعادة بناء الثقة العامة في الأشهر المقبلة. من بين الإجراءات المحتملة، قد يعلن عن حزمة جديدة من الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية تهدف إلى تحسين مستوى معيشة المواطنين الفرنسيين. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الجهود يعتمد على قدرة الحكومة على معالجة القضايا الداخلية الملحة، وإقناع الناخبين بأنها لديها رؤية واضحة للمستقبل. الوضع السياسي في فرنسا سيظل تحت المراقبة الدقيقة في عام 2026، مع التركيز على التطورات الاقتصادية والاجتماعية، والاستعدادات للانتخابات القادمة.





