صحة غزة: 100 ألف طفل دون الخامسة يواجهون خطر الموت بردا

حذر مسؤولون طبيون في قطاع غزة من تدهور حاد في الأوضاع الصحية والإنسانية مع اقتراب فصل الشتاء وتزايد الأمطار، مما يزيد من معاناة آلاف العائلات النازحة. وتواجه المراكز الطبية تحديات كبيرة في توفير العلاج والرعاية اللازمة، خاصة مع نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية. هذا النقص يفاقم المخاطر الصحية على السكان، ويهدد بانتشار الأمراض والأوبئة.
أكد الدكتور منير البرش، المدير العام لوزارة الصحة في غزة، أن المنخفض الجوي الجديد يشكل تهديدًا مباشرًا لحياة الفئات الهشة، بما في ذلك الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى. وأضاف أن غرق الخيام في المخيمات بسبب الأمطار يزيد من خطر الإصابة بالأمراض التنفسية والجلدية، بالإضافة إلى تفاقم حالات سوء التغذية.
نقص الأدوية وتأثيره على الصحة في غزة
تعاني وزارة الصحة في غزة من نقص حاد في الأدوية، حيث تشير الإحصائيات إلى نفاد 70% من أدوية السرطان، وغياب أكثر من ألف صنف دوائي أساسي. بالإضافة إلى ذلك، هناك نقص في 312 دواء و710 من المستهلكات الطبية الأساسية، مما يؤدي إلى شلل في الأقسام الحيوية، وخاصة الرعاية الأولية والأمراض المزمنة. هذا الوضع يهدد حياة المرضى الذين يعتمدون على هذه الأدوية بشكل مستمر.
تزايد الإصابات بالأمراض الشتوية
أفادت وزارة الصحة بتزايد ملحوظ في الإصابات الفيروسية والأمراض التنفسية بسبب البرد الشديد ونقص الغذاء والدواء. وتم إحصاء أكثر من 102 ألف طفل دون سن الخامسة في القطاع، منهم أكثر من 9 آلاف يعانون من سوء تغذية حاد، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض. وتشير التقارير إلى أن البرد الشديد يزيد من خطر الإصابة بالالتهاب الرئوي والتهابات القصبات الرئوية ونزلات البرد الحادة.
وقد سجلت حالة وفاة لطفلة تبلغ من العمر 8 أشهر، رهف أبو جزر، في خان يونس جنوبي القطاع، نتيجة الظروف الجوية القاسية ونقص الرعاية الطبية. هذه الحادثة المأساوية تسلط الضوء على الوضع الخطير الذي يواجهه الأطفال في غزة.
ومع استمرار هطول الأمطار، تتفاقم معاناة النازحين في مخيمات قطاع غزة، حيث غرقت خيام مئات الأسر النازحة في مناطق مختلفة. وتواجه هذه الأسر صعوبات كبيرة في الحصول على مأوى آمن وجاف، مما يزيد من خطر تعرضهم للأمراض والإصابات.
وحذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) من أن البرد والاكتظاظ وانعدام النظافة يزيد من خطر الإصابة بالأمراض والعدوى. وأكدت الوكالة أن هطول الأمطار يحمل مصاعب جديدة ويفاقم الأوضاع المعيشية المتردية أصلاً، مما يجعلها أكثر خطورة. ودعت أونروا إلى تقديم المساعدات دون قيود، بما في ذلك الإغاثة والدعم الطبي المناسب.
يأتي هذا في ظل استمرار نقص كبير في الخيام والمواد الإغاثية بسبب عدم التزام الأطراف المعنية بما تم التوافق عليه في اتفاق وقف إطلاق النار. فقد لم تتلق المراكز الطبية سوى كميات ضئيلة جداً من مواد الإيواء بعد شهرين من سريان الاتفاق، في حين لم تتمكن الأمم المتحدة ومنظمات أخرى من إدخال سوى 15 ألف و600 خيمة تكفي 88 ألف شخص فقط.
وبحسب المجلس النرويجي للاجئين، فإن نحو مليون و300 ألف شخص في قطاع غزة بحاجة إلى مأوى من أجل النجاة خلال فصل الشتاء. ودعا المجلس قادة العالم إلى توفير وصول غير مقيد إلى القطاع لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.
بالإضافة إلى نقص الأدوية، يواجه القطاع تحديات أخرى، مثل نقص الوقود الذي يؤثر على عمل المستشفيات والمراكز الصحية. كما أن نقص المياه النظيفة والصرف الصحي يزيد من خطر انتشار الأمراض والأوبئة.
وتشير التقديرات إلى أن الوضع الصحي والإنساني في غزة سيستمر في التدهور إذا لم يتم توفير المساعدات اللازمة بشكل عاجل. ومن المتوقع أن تشهد الأيام القادمة زيادة في عدد الإصابات بالأمراض الشتوية، خاصة مع استمرار هطول الأمطار وانخفاض درجات الحرارة.
من المتوقع أن تستمر الجهود الدولية لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ولكن مدى نجاح هذه الجهود يعتمد على التزام الأطراف المعنية بوقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات. يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته تجاه الشعب الفلسطيني في غزة وأن يعمل على توفير الحماية والرعاية اللازمة له.




