صحفيون فرنسيون يقاضون إسرائيل بتهمة عرقلة وصولهم إلى غزة

أعلن الاتحاد الدولي للصحفيين والنقابة الوطنية للصحفيين في فرنسا اليوم الثلاثاء عن تقدّمهما بدعوى في باريس ضد السلطات الإسرائيلية بتهمة “عرقلة حرية ممارسة الصحافة”، وذلك على خلفية منع الإعلاميين الفرنسيين من تغطية الأحداث الجارية في قطاع غزة. وتأتي هذه الخطوة القانونية في ظل تزايد المخاوف بشأن سلامة الصحفيين وقدرتهم على أداء عملهم بشكل مستقل في مناطق النزاع، خاصة مع استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة.
وأوضحا أن الأفعال التي تتهمان السلطات الإسرائيلية بها قد تشكّل “جرائم حرب” بموجب القانون الدولي، مما يمنح النيابة العامة لمكافحة الإرهاب في باريس صلاحية التحقيق في هذه الادعاءات، نظرا إلى كونها طالت مواطنين فرنسيين. تعتبر هذه الدعوى سابقة من نوعها، حيث تسعى إلى تطبيق مفهوم “عرقلة حرية الصحافة” في سياق دولي.
الخلفية القانونية للدعوى وادعاءات بجرائم حرب
تستند الدعوى إلى تقارير تفيد بأن السلطات الإسرائيلية فرضت قيودًا تعسفية على وصول الصحفيين الفرنسيين إلى غزة، ومنعتهم من إجراء مقابلات مع السكان المحليين، وقيدت حركتهم داخل القطاع. وتشير الأدلة المقدمة إلى أن هذه القيود كانت تهدف إلى منع تغطية مستقلة للأحداث، وتشويه صورة الوضع الإنساني المتدهور في غزة.
وأضافا أن هذه أول دعوى يقدمانها “سندا إلى جريمة عرقلة حرية ممارسة الصحافة”، والأولى أيضا التي يطلبان فيها من النيابة العامة الفرنسية “تطبيق هذه التهمة في سياق دولي”، بحسب النص المرفوع إلى القضاء والمنشور على موقع “فرانس إنفو” الإخباري الإلكتروني. وتعتبر هذه الخطوة بمثابة محاولة لتعزيز حماية الصحفيين في مناطق النزاع، ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حرية الصحافة.
وشرحت المحامية لويز اليافي التي شاركت في رفع الدعوى أنها تشير إلى “عرقلة متعمدة، وعنيفة أحيانا، تمنع الصحفيين الفرنسيين من العمل في الأراضي الفلسطينية وتسيء إلى حرية الصحافة”. وأكدت اليافي أن هذه الإجراءات تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني.
أما زميلتها إينيس دافو، فأشارت إلى أن الدعوى “تتعلق أيضا بانعدام الأمن المتزايد الذي يستهدف الصحفيين الفرنسيين في الضفة الغربية” المُحتلّة. وقالت دافو إن الصحفيين يتعرضون للتهديد والمضايقة والاعتداء من قبل المستوطنين الإسرائيليين والقوات الأمنية.
الوضع الإنساني في غزة وتأثيره على التغطية الإعلامية
تأتي هذه الدعوى في وقت يشهد فيه قطاع غزة أزمة إنسانية خانقة، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والماء والدواء والكهرباء. وقد أدى ذلك إلى صعوبات كبيرة في عمل الصحفيين، الذين يواجهون خطرًا محدقًا على حياتهم أثناء تغطية الأحداث. كما أن القيود المفروضة على الوصول إلى غزة تجعل من الصعب الحصول على معلومات دقيقة وموثوقة حول الوضع على الأرض.
أحصت منظمة “مراسلون بلا حدود” مقتل أكثر من 210 صحفيين على الأقل منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في حين تؤكد إحصائيات أخرى أن العدد يتجاوز 250 صحفيا. وتعتبر هذه الأرقام بمثابة صدمة للمجتمع الإعلامي الدولي، وتؤكد أهمية حماية الصحفيين في مناطق النزاع.
منذ بداية الحرب، منعت السلطات الإسرائيلية الصحفيين الأجانب من دخول غزة بشكل مستقل، ولم تسمح إلا لعدد قليل من المراسلين بمرافقة قواتها. وهذا ما أثار انتقادات واسعة النطاق من قبل المنظمات الدولية المعنية بحرية الصحافة.
جهود قانونية أخرى متعلقة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني
ورُفِعَت في فرنسا دعاوى عدة تتعلق بالحرب على غزة، تستهدف أبرزها جنودا فرنسيين إسرائيليين من وحدة النخبة في الجيش الإسرائيلي، وشركة الأسلحة الفرنسية “يورو لينكز”، بالإضافة إلى فرنسيين إسرائيليين بتهمة التواطؤ في جريمة الاستيطان. تهدف هذه الدعاوى إلى تحقيق العدالة للضحايا الفلسطينيين، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات التي ارتُكبت بحقهم.
يذكر أن النيابة العامة لمكافحة الإرهاب طلبت من قاضي تحقيق باريسي فتح تحقيق في “جرائم حرب” في قضية مقتل طفلين فرنسيين بقصف إسرائيلي على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023. ويعتبر هذا التحقيق خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة للعائلتين، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة.
من المتوقع أن تستغرق إجراءات التحقيق في هذه الدعوى وقتًا طويلاً، نظرًا لتعقيد القضية وطبيعتها الدولية. ويبقى من غير الواضح ما إذا كانت النيابة العامة الفرنسية ستقرر توجيه اتهامات إلى أي مسؤول إسرائيلي. ومع ذلك، فإن هذه الدعوى تمثل سابقة مهمة، وقد تشجع منظمات أخرى على تقديم دعاوى مماثلة في المستقبل. يجب متابعة تطورات هذه القضية، والجهود المبذولة لتعزيز حماية الصحفيين في مناطق النزاع.





