شهدت الساحة الدولية خلال الأيام الماضية تداعيات متسارعة للأزمات المتفاقمة، وتحديداً فيما يتعلق بالوضع في غزة، ومستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية التي تواجه أوروبا. وتزايدت حالة الترقب بشأن السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة، مع تقييم مختلف الأطراف لمواقف إدارة ترامب المحتملة تجاه القضايا الرئيسية.
وتُركز الأنظار بشكل خاص على زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن في نهاية الشهر الجاري، والتي يتوقع المراقبون أن تكون حاسمة في تحديد مسار العلاقة بين البلدين بعد الحرب. تأتي هذه التطورات في ظل انتقادات أوروبية متزايدة لدورها المتراجع في الشرق الأوسط، خاصةً في ما يتعلق بجهود تحقيق السلام في غزة.
توقعات أمريكية بشأن مستقبل غزة والعلاقات الإقليمية
أفادت صحف أمريكية بأن الإدارة الأمريكية تدرس بحذر سياسات الحكومة الإسرائيلية الحالية، وتخشى من إمكانية تعمد تل أبيب عرقلة تنفيذ أي خطوات مستقبلية لتحقيق الاستقرار في المنطقة. وتشير التقارير إلى أن مواقف الرئيس ترامب اتسمت بالتقلب خلال الأشهر الماضية، وأن هناك حالة من عدم اليقين بشأن ما إذا كان سيضغط على نتنياهو لدفع عملية السلام إلى الأمام.
وبحسب مراقبين، فإن استعداد حركة حماس للانتقال إلى مرحلة سياسية جديدة يمثل فرصة قد لا تتكرر، إلا أن نجاح هذه الخطوة يعتمد بشكل كبير على الدور الذي ستلعبه الولايات المتحدة في تسهيل الحوار وتقديم الضمانات اللازمة. وتشير بعض التحليلات إلى أن واشنطن قد تفضل التركيز على قضايا أخرى، مثل الملف النووي الإيراني، مما قد يعقد جهود تحقيق السلام في غزة.
تراجع النفوذ الأوروبي في المنطقة
في المقابل، تواجه أوروبا انتقادات بسبب تراجع دورها ونفوذها في الشرق الأوسط، وسط انشغالها بالأزمة في أوكرانيا. وأشارت الصحف الأوروبية إلى أن هذا التراجع جعل القارة تبدو عاجزة عن التأثير في الأحداث، على الرغم من أن المنطقة تعتبر ذات أهمية استراتيجية كبيرة لها. وتُركز بعض الدعوات على ضرورة زيادة الدعم الأوروبي للحوكمة والإصلاح في دول مثل سوريا والعراق ولبنان، من أجل استعادة النفوذ المفقود.
تداعيات الأزمة الإنسانية في غزة
لا تزال الأزمة الإنسانية في قطاع غزة تتفاقم، حيث تواجه المدنيون صعوبات كبيرة في الحصول على الغذاء والدواء والمأوى. ونقلت صحيفة “فايننشال تايمز” تقارير عن غرق خيام النازحين وانهيار المباني المتضررة بسبب العواصف الشتوية، في ظل منع دخول مواد الإغاثة والإيواء بشكل كافٍ. وأكدت منظمات حقوقية أن الوضع في غزة يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، وأن هناك حاجة عاجلة لتقديم المساعدة الإنسانية للمدنيين.
وتشير التقارير إلى أن العواصف الشتوية الأخيرة فاقمت من معاناة السكان، وزادت من خطر انتشار الأمراض والأوبئة. وتدعو المنظمات الدولية إلى فتح الحدود والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين. وتشكل الظروف المعيشية الصعبة في غزة تحديًا كبيرًا أمام جهود تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة.
تطورات دولية أخرى
على صعيد آخر، وافق الاتحاد الأوروبي على إقراض أوكرانيا 105 مليارات دولار بعد فشل خطة استخدام الأصول الروسية، وذلك وفقًا لتقارير من بروكسل. ويأتي هذا القرار في إطار جهود دعم أوكرانيا لمواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجهها بسبب الحرب. في الوقت نفسه، تقود الولايات المتحدة محادثات مع موسكو بشأن مستقبل أوكرانيا، مما يعكس تباين الأدوار بين الطرفين.
وفي آسيا، أشارت صحيفة لوتان السويسرية إلى أن صفقة الأسلحة الأمريكية لتايوان قد تعزز ثقة تايبيه بمصداقية واشنطن، ولكنها قد تدفع بكين إلى اتخاذ إجراءات تصعيدية. في المقابل، وصفت صحيفة تشاينا ديلي الصينية الصفقة بأنها مقامرة خطيرة، وأنها تمثل انتهاكًا لمبدأ الصين الواحدة. وتؤكد التقارير أن هذه القضية تمثل نقطة خلاف رئيسية في العلاقات بين البلدين.
بشكل عام، يظهر الوضع الدولي تعقيدات وتحديات متزايدة، مع تداخل الأزمات وتشابك حسابات القوى الكبرى. ومن المتوقع أن تستمر حالة عدم اليقين خلال الفترة القادمة، وأن تشهد الساحة الدولية تطورات مفاجئة. وستكون مواقف القوى الإقليمية والدولية تجاه الأزمة في غزة، ومستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، من العوامل الرئيسية التي ستحدد مسار الأحداث في المنطقة خلال الأشهر المقبلة. وستشكل زيارة نتنياهو لواشنطن نقطة تحول هامة، حيث من المقرر أن يناقش مع إدارة ترامب القضايا العالقة، والبحث عن حلول للأزمة المتفاقمة.
