Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اقتصاد

صدام ترامب مع المركزي الأميركي يهدد الثقة بالدولار

|

تُجمع تقارير صحفية دولية وتحليلات اقتصادية متخصصة على أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ولايته الثانية يقود مواجهة غير مسبوقة مع مؤسسات الدولة الأميركية، مهددًا بتفكيك الأسس التي حافظت على الاستقرار المالي والدستوري للولايات المتحدة لعقود.

وتبرز هذه المواجهة بوضوح في صراعه مع مجلس الاحتياطي الفدرالي، المؤسسة الأكثر حساسية في النظام المالي العالمي، وهو صراع تشير التقارير إلى أنه لم يعد يهدد الداخل الأميركي فحسب، بل يدفع العالم بأسره إلى تسريع خطواته نحو “ما بعد الدولار”.

هجوم على باول واستهداف للاستقلالية النقدية

وبحسب تقرير نشرته صحيفة فزغلياد الروسية، فقد وصف ترامب رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول بأنه “أحمق” لرفضه خفض أسعار الفائدة، وانتقد أداءه في مشروع ترميم مقر الفدرالي في واشنطن، وذهب إلى حد المطالبة بإقالته.

ورغم تراجعه لاحقًا عن التصريح بقوله إن “الإقالة أمر مستبعد في الوقت الراهن”، فإن الأسواق العالمية بدأت فعليًا في تسعير احتمالية حدوث هذا التغيير، وفق ما أوردته فزغلياد.

وتوضح الصحيفة الروسية أن مثل هذا التهديد لمؤسسة تمثل ركيزة الاستقرار المالي الأميركي -والتي تُعد استقلاليتها ضرورية لمكافحة التضخم وتثبيت التوقعات الاقتصادية- لا يفتح الباب فقط أمام اضطراب داخلي بل أمام انهيار واسع النطاق في ثقة الأسواق العالمية بالدولار الأميركي.

الهجوم المتكرر من ترامب على جيروم باول يُظهر رغبة واضحة في إخضاع السياسة النقدية للمصالح السياسية (رويترز)

نهج ترامب المخيف

وفي سياق موازٍ، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن “ترامب تمكن خلال الأشهر الستة الأولى من ولايته الثانية من فرض سيطرة السلطة التنفيذية على مؤسسات أميركية مستقلة تاريخيًا”، موضحة أن هذه السيطرة تتم في بعض الحالات “بموافقة ضمنية من هيئات يُفترض أن تمثل ضوابط دستورية لهذه الهيمنة”.

وتنقل الوكالة عن باربرا بيري، الأستاذة في جامعة فرجينيا وخبيرة التاريخ الرئاسي الأميركي، وصفها لنهج ترامب بأنه “مخيف”.

وتضيف “لقد قوض أحد العناصر الجوهرية في النظام السياسي الأميركي، وهو توازن السلطات”. أما ويندي شيلر، أستاذة العلوم السياسية في جامعة براون، فتصف سلوك ترامب بالقول “يريد سلطة مطلقة ولا يعتبر أي مؤسسة مستقلة عن نفوذه”.

ومن أبرز الأدلة على هذا التوجه ما وثّقته الوكالة الفرنسية من أن ترامب أصدر 170 مرسومًا تنفيذيًا في نصف عام، متجاوزًا ما وقعه سلفه جو بايدن في 4 سنوات كاملة.

كما قام بعزل ثلاثة من 5 أعضاء في لجنة سلامة المنتجات الاستهلاكية، تم تعيينهم من رؤساء ديمقراطيين سابقين، وهو تدخل في مؤسسة مستقلة تمت حمايتها لاحقًا مؤقتًا بقرار قضائي.

الفدرالي تحت المقصلة

وفي تحليل فزغلياد، يوضح يفغيني بابوشكين، مدير تطوير الأعمال في شركة “برايم بروكير سيرفيس”، أن سلوك ترامب تجاه الاحتياطي الفدرالي يعكس “سعيًا لتحويل السياسة النقدية إلى أداة سياسية آنية”، محذرًا من أن فقدان استقلالية الفدرالي سيؤدي إلى انهيار في التوقعات الاقتصادية العالمية ويجعل من التضخم ظاهرة غير قابلة للضبط.

ويضيف بابوشكين -كما نقلت الصحيفة الروسية- أن “القدرة على رفع أسعار الفائدة عند الحاجة هي سلاح البنوك المركزية المستقلة في وجه التضخم”، أما إذا أصبحت رهينة الانتخابات أو المصالح الرئاسية، فإن الأسواق ستفقد إمكانية التنبؤ، وتبدأ دورة من عدم الاستقرار قد تصل إلى كارثة.

وتُجمع تحليلات فزغلياد ووكالة الصحافة الفرنسية على أن الهدف الأساسي لترامب من خفض أسعار الفائدة هو تجنب أزمة مالية تلوح في الأفق.

فوفقًا لنيكولاي نوفيك، الخبير في معهد الاقتصاد العسكري، تجاوزت خدمة الدين العام الأميركي 1.2 تريليون دولار، والفائدة المرتفعة على القروض والرهن العقاري تهدد بدفع الاقتصاد الأميركي إلى ركود خانق. من هنا، يرى ترامب في سياسة الأموال الرخيصة طريقًا لتعزيز الاستثمار، وإنعاش الصناعة، وتقليل البطالة، ومنافسة الصين اقتصاديًا.

Facade,On,The,Federal,Reserve,Building,In,Washington,Dc
استقلالية مجلس الاحتياطي الفدرالي تُعتبر حجر الزاوية في ثقة الأسواق بالدولار الأميركي (غيتي)

الدولار على المحك

ورغم هذه الأهداف، يحذر بابوشكين من أن “الأسواق لا تنظر إلى هذه الإجراءات بوصفها إصلاحًا اقتصاديًا، بل كحالة استغلال سياسي لمؤسسة يفترض أن تكون محايدة”.

ويضيف “في حال تراجعت الثقة في قدرة الفدرالي على ضبط التضخم، ستتجه الأسواق إلى التحوط عبر الذهب والسلع والعملات الأخرى”، متوقعًا قفز سعر الذهب إلى أكثر من 3500 دولار للأونصة، وانهيارًا إضافيًا في قيمة الدولار.

ويرى محللو فزغلياد أن استمرار هذا النهج سيؤدي إلى تسريع خطوات دول مثل الصين وروسيا، ودول البريكس، نحو بناء عملة احتياطية بديلة للدولار.

ووفق التقرير، فإن البنوك المركزية العالمية قد تبدأ في تقليص حيازاتها من الدولار والسندات الأميركية، ما سيضع الولايات المتحدة أمام أزمة تمويل غير مسبوقة.

القضاء الأميركي يُقوّض نفسه

في تطور خطير، تشير وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن المحكمة العليا، التي تضم 6 قضاة محافظين، ثلاثة منهم عيّنهم ترامب، أصدرت في يونيو/حزيران حكمًا يمنع القضاة الفدراليين من إصدار قرارات وطنية تقيد السلطة التنفيذية، ما أضعف فعليًا قدرة القضاء على لعب دور “الفرامل الدستورية”.

وهذا ما دفع وندي شيلر إلى القول إن “المحكمة العليا أصبحت حليفًا قويًا للسلطة التنفيذية”، لتزداد المخاوف من انهيار الفصل بين السلطات وتحول الرئاسة إلى سلطة استبدادية تمارس الحكم بلا رقيب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى