Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ثقافة وفنون

“طفولتي تلاشت ببساطة”.. عرائس الرياح الموسمية في باكستان

إقليم السند – شهد إقليم السند في باكستان ارتفاعًا مقلقًا في حالات زواج الأطفال في أعقاب الفيضانات المدمرة التي ضربت المنطقة في عام 2022. تُظهر التقارير أن الأسر التي تعاني من الفقر واليأس تلجأ إلى تزويج بناتهن الصغيرات كوسيلة للتخفيف من الأعباء المالية، مما يهدد مستقبل الفتيات وصحتهن وتعليمهن. تتزايد الجهود المجتمعية والتوعوية لمواجهة هذه الظاهرة المتفاقمة.

تعيش آسفة، البالغة من العمر 15 عامًا وهي أم لطفل رضيع، في قرية صغيرة تضم 250 عائلة في قلب إقليم السند. تتذكر بوضوح اليوم الذي أخبرها فيه والداها أنها ستتزوج، عندما كانت تبلغ من العمر 13 عامًا فقط. كانت تعتقد في البداية أن الزواج سيكون احتفالًا، لكنها سرعان ما أدركت الواقع القاسي الذي ينتظرها.

الفيضانات وتصاعد ظاهرة زواج الأطفال

تسببت الفيضانات الكارثية التي اجتاحت باكستان في عام 2022 في دمار واسع النطاق، مما أثر على ملايين الأشخاص. في إقليم السند، تضرر ما يقرب من 4.8 مليون شخص، مما أدى إلى تفاقم الفقر وانعدام الأمن الغذائي. وفقًا لمنظمة سوجاغ سانسار، وهي منظمة غير حكومية تعمل على مكافحة زواج القاصرات، فقد تم تسجيل 45 حالة زواج لأطفال دون سن 18 عامًا في قرية خان محمد ملاح وحدها في العام الماضي.

لم يكن قرار عائلات مثل عائلة آسفة بتزويج بناتهن نابعًا من التقاليد، بل من يأس حقيقي. فقدت العائلات سبل عيشها ومنازلها ومحاصيلها بسبب الفيضانات، وأصبحت غير قادرة على إعالة أطفالها. في بعض الحالات، يتم دفع مبلغ من المال للعائلات مقابل تزويج بناتهن، مما يزيد من استغلالهن.

الوضع القانوني والتحديات الاجتماعية

يحدد قانون تقييد زواج الأطفال الباكستاني لعام 1929 السن القانونية للزواج بـ 18 عامًا للذكور و16 عامًا للإناث. في إقليم السند، تم تعديل القانون في عام 2014 لرفع الحد الأدنى لسن الزواج إلى 18 عامًا لكل من الفتيات والفتيان. ومع ذلك، لا تزال ممارسة زواج الأطفال منتشرة، خاصة في المناطق الريفية والفقيرة.

يشير الخبراء إلى أن الفقر ونقص التعليم والتقاليد الاجتماعية هي العوامل الرئيسية التي تساهم في استمرار هذه الممارسة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الوضع، حيث تلجأ العائلات إلى تزويج بناتهن كوسيلة للبقاء على قيد الحياة.

تأثير تغير المناخ على زواج الأطفال

تعتبر باكستان من بين الدول الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك الفيضانات والجفاف وموجات الحر. تتسبب هذه الكوارث الطبيعية في دمار واسع النطاق وتزيد من الفقر وانعدام الأمن الغذائي، مما يدفع المزيد من العائلات إلى تزويج بناتهن الصغيرات. تُظهر الدراسات أن هناك علاقة مباشرة بين الكوارث المناخية وزيادة معدلات زواج الأطفال.

تطلق منظمة سوجاغ سانسار مبادرات مجتمعية لرفع مستوى الوعي حول مخاطر زواج الأطفال وتقديم الدعم للفتيات المعرضات للخطر. تشمل هذه المبادرات تنظيم عروض مسرحية وموسيقية، وتقديم التدريب المهني للنساء والفتيات، وتوفير الدعم النفسي.

قصص من الواقع: معاناة الفتيات وأمل المستقبل

سامينا، البالغة من العمر 28 عامًا وأم لخمسة أطفال، هي واحدة من العديد من النساء اللاتي تزوجن في سن مبكرة في إقليم السند. تزوجت وهي تبلغ من العمر 13 عامًا بعد أن دمرت الفيضانات سبل عيش عائلتها. تتذكر سامينا أنها كانت خائفة وحزينة في يوم زفافها، وأنها فقدت طفولتها في ذلك اليوم. ومع ذلك، فهي الآن مصممة على ألا تواجه بناتها نفس المصير.

تقول سامينا: “سأتأكد من تعليمهن، حتى يتمكنّ من الهروب من الجحيم الذي عانيته”. تعمل سامينا بجد لتوفير حياة أفضل لأطفالها، وتأمل في أن تتمكن من بدء عملها الخاص في المستقبل.

الخطوات التالية والمخاوف المستمرة

أمر وزير السند بإجراء تحقيق في حالات زواج الأطفال المبلغ عنها في قرية خان محمد ملاح، في محاولة لتقييم مدى انتشار المشكلة وتحديد الأسباب الجذرية. من المتوقع أن يقدم التحقيق توصيات بشأن الإجراءات التي يمكن اتخاذها لمواجهة هذه الظاهرة. ومع ذلك، يظل الوضع مقلقًا، حيث لا تزال العائلات تعاني من الفقر واليأس، مما يجعل الفتيات الصغيرات عرضة للخطر. يجب على الحكومة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني العمل معًا لتقديم الدعم اللازم للعائلات المتضررة وضمان حصول الفتيات على التعليم والحماية اللازمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى