عبقرية السنافر.. الأقزام الزرق الذين أسروا قلوبنا منذ 63 عاما
قرية في قلب غابة يلفها واد مفقود وتحيط بها الصخور من كل مكان، هناك تعيش قبيلة من المخلوقات الصغيرة المدهشة في شكلها ولونها، لكن الغابة تؤمن لهم كل شيء يحتاجونه في هذا الوادي السعيد.
63 عاما مرت على ولادة السنافر عام 1981، لكن ما هي القصة الحقيقية وراء هذه الشخصيات الكرتونية الصغيرة التي أصبحت أيقونات مشهورة عالميا؟ الجميع يعرفهم، ولكن ما هم حقا؟ ولماذا يتكونون من 99 ذكرا وأنثى واحدة؟ لماذا لونهم أزرق؟ وما سر نجاحهم؟
في هذا الفيلم التسجيلي -الذي تبثه الجزيرة الوثائقية- نقترب من هذه الغابة لنكشف سر هذه المخلوقات العجيبة، فنتأملها عن قرب ونقرأ تفاصيل قصتها منذ البداية.
مدينة فاضلة خارج أسوار الزمان والمكان
من منا لم يحب السنافر في طفولته؟ تلك المخلوقات القزمة الزرقاء التي لا يتجاوز ارتفاعها ثلاث تفاحات، لها أربعة أصابع وتبلغ من العمر مئة عام، ترتدي قلنسوة ولها أنف كبير وقدمان كبيرتان.
رغم كل هذه الغرابة فإنهم لطفاء ويعيشون في الغابة المفقودة حياة المدينة الفاضلة، أما عنصر الشر في القصة فهو شرشبيل الشرير الساذج الذي يخسر كل مرة.
جاءت القصة محاكاة للخرافات الأوروبية في القرون الوسطى، وتعددت أسماء هذه المخلوقات في لغات العالم، فعلى سبيل المثال عرفوا في بريطانيا باسم “سمارفز”، وفي كوريا “سوموبو”، أما في فرنسا فكان اسمها “شترومف”، وهكذا تختلف في كل بلد وثقافة.
كانت البداية تتمثل في رسومات كرتونية على صفحات المجلات الخاصة، وقد شغف بها الكثيرون كما هو الحال مع فنان الرسوم المتحركة “فيليب غيلوك” الذي أنفق مدخراته ذات مرة لشراء سنفور، وكان ثمنه عشرين فرنكا بلجيكيا وقتها.
ومنهم من اعتبر ألبوم السنافر بمثابة كنز ثمين، وهذا بالضبط مع حصل مع فنان أفلام الكرتون “كوسيه” الذي تمكن من امتلاك ألبوم لها ليلة عيد الميلاد.
أما “فابيان فيلمان” كاتب السيناريوهات فكان يعاني في طفولته من مرض ألزمه بأخذ حقنة شهرية، ولينسى آلامه كان يكافئ بألبوم للسنافر حتى غدا لديه 130 ألبوما في نهاية المطاف.
بدأت صناعة السنافر منذ نحو 60 عاما، وينتج لها سنويا من ست إلى ثمانية نماذج للسنافر، أي أن هناك نحو 600 نموذج لها، كما ينتج ما بين 20 ألف إلى 40 ألف سنفور تباع حول العالم.
ينظر بعض الناس إلى السنافر على أنها مجرد ألعاب، بينما يعتبرها البعض تمائم أو شخصيات، وآخرون يرونها روابط لأشخاص آخرين، ورغم أن البعض يراها مسيئة إلا أن كثيرين يجدون المتعة عند مشاهدتها.
“مرر لي السنفور”.. صدفة ابتكار السنافر الطريفة
أما مبتكر شخصية السنافر فهو “بيير كوليفورد” أو مختصرا كما كانوا ينادونه (بييو)، ووراء هذا الابتكار قصة طريفة، فبينما كان “بييو” المؤلف والرسام البلجيكي يتناول الطعام مع صديقه “أندريه فرانكان” في رحلة على الساحل البلجيكي، قال “بييو”: مرر لي السنفور وكان يقصد الملح. فرد عليه “أندريه” قائلا: حسنا أعطيك السنفور، وحين تنهي السنفرة أعده لي. وانفجرا كلاهما بالضحك وواصلا الحديث بتلك العبارات.
تقول “فيرونيك كوليفورد” ابنته -وهي مديرة في قناة IMPC- إن والدها قام بتدوين الاسم على قصاصة ورقية.
بعد عام ابتكر “بييو” شخصية جديدة لمغامرات “يوهان وبيوب”، وقال لنفسه تذكرت اسما ضحكنا منه كثيرا أنا و”أندريه”، وهنا ظهرت شخصية السنافر، كان مخلوقا خرافيا يصدر صوتا عندما يتحرك، وكان البداية حيث قدم السنفور كشخصية ثانوية في تلك السلسلة.
يرى المختص في ثقافة البوب “سبيستيان مينبسترو” أن ما حققه “بييو” كان عبقريا، وهو نوع من التعلق الفكري بالأدب والفلكلور والحكايات الشعبية من خلال محاكاته لأساطير القرون الوسطى التي لا يعرف مصدرها وكأنها تجديد للقصص الدانماركية، ولكن الأمر ليس كذلك على الإطلاق.
لقد استغل “إيفان ديبلورت” محرر جريدة “سيبيرو” الشخصية الجديدة وكان مبدعا وخلاقا، وقرر إرسال مرفقات وكتيبات في المناسبات والأعياد يملأها القراء بأنفسهم واقترح ذلك على الأخوين “ديبوي” فكانت المبيعات مذهلة.
تصميم السنافر.. بساطة وألوان تذيب الفوارق العرقية
أهم ما يميز شخصية السنافر هو الغنى والبساطة في الوقت ذاته والتعدد، فأوجدوا القرية التي تضم كل أطياف المجتمع، فهذا سنفور كسول وذاك سنفور شجاع وذلك سنفور نشيط، وكانت السنافر بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهبا من الناحية الفنية.
من ناحية الشكل، يقول “باتريك ميت” مصمم الشخصيات في سوني: السنفور بيضوي الشكل، والقبعة تمتد للخلف بينما يبرز الأنف ويأتي الحاجبان فوق القبعة من الناحية السفلية، وأما الأذنان فهما أكثر انخفاضا من المعتاد، وكلما كانت الشخصية أبسط كان تحويلها أسهل لشخصية أخرى.
أما الكاتب والمؤرخ “جيل دال فيرى” فيعلق قائلا: في قبعاتهم الصغيرة وسراويلهم الضيقة ومنازلهم المصنوعة من الفطر.. كل هذه العناصر ذات المنحنى الدائري الخالية من الزوايا توحي بأنه كائن مسالم لا يؤذي.
حلم كثير من الناس بالعيش في بيوت السنافر المصنوعة من الفطر، وأحب التعرف عليهم لأنهم كانوا يمثلون الصفات المحببة بالإضافة للونهم الأزرق المريح والجميل في الوقت ذاته، وقد اختير هذا اللون بطريقة الإقصاء، فلم يرد “بييو” أن يكونوا بلون البشر، وأما اللون البني والأخضر فهو لا يناسب طبيعة الغابة، أما الأحمر فهو عدواني بعض الشيء، فاختارت زوجته اللون الأزرق بهذه الدرجة حتى يكون بارزا ومتماهيا في نفس الوقت مع الطبيعة.
ويرى “كيلي أسبوري” مخرج السنافر والقرية المفقودة أن اللون الأزرق يذيب العرقيات، ومن الناحية الإنسانية يجعل الناس يتعلقون بهم فلا فروقات بينهم.
كان رسمهم واضحا للغاية بدون تعقيدات، ويعتبر “كوسيه” أن هذا كان ناجحا من الناحية الفنية، فكثير من الرسومات المعقدة والجميلة لا تستطيع الوصول إلى ماهيتها وفهمها، أما الغاية في السنافر فهي واضحة وتفاصيل الرسم وافية، وقد كان الكاتب “زيدرو” يعرض السنافر لطلابه الإسبان كأمثلة للوضوح.
شخصية الملك سنفور.. تجسيد شخصية الزعيم النازي هتلر
تعتمد اللغة على الفهم النسبي وتتغير بتغير السياق، وذاك باختلاف القسم الذي يعيش فيه السنفور، وهذا ينبع من الصراع البلجيكي القائم على تساؤلات من قبيل هل نتحدث الهولندية أم الفرنسية أم الألمانية.
كانت اللغة حقيقية في السنافر وليست لهجة، وقد استطاع “بييو” اختراع عالم خاص متفرد قائم بذاته، وكانت الحوارات غنية وواضحة بسيطة للأطفال وعميقة للكبار.
ويعتبر الكاتب “فابيان فيلمان” أن السنافر كانت وسيلة جيدة للتواصل مع الأطفال إلى جانب معالجتها لمواضيع لم تكن بتلك البساطة التي كانت تبدو عليها.
حملت فكرة السنافر المتضادات، فهي بسيطة ومعقدة ليست قصصا سخيفة ولا هابطة، وكانت تطرح مشاكل وعقبات لدى اشخاص لا يمكنهم التأقلم مع المجموعة.
ويرى المتخصص “مات موراي” أن شخصية الملك سنفور هي تجسيد للزعيم النازي “هتلر”، ويقول إن العمل عبر عن الاحتلال النازي لبلجيكا بهذه الوسيلة المذهلة، وهذا من عجائب سلسلة السنافر وأكثر عناصرها إدهاشا باحتوائها على هذه المواضيع العميقة.
إن ما صنعه “بييو” أقرب ما يكون إلى المعادلات الكيميائية، وهو ذلك المزيج الرائع من حيث المظهر والتصميم واللغة والقصة التي تسللت إلى الوعي الجمعي لدى المشاهد، وهذا هو السر خلف حب الناس لهذه الشخصيات.
يقول المؤلف الفرنسي “بيير دوبويس”: إن الشعوب تجدد أعظم أساطيرها، فأسطورة “آرثر” تحولت إلى حرب النجوم، وقد فعلها “بييو” بطريقة حدسية أيضا عن طريق الأقزام، وخاض عالم الخيال لينشئ مملكة.
شرشبيل مثال الشر.. سخرية السنافر من إسرائيل
تعد السنافر ميلودراما فكاهية توجد فيها مكونات الحكاية بين شخصية الخيّر والشرير، وتذكّر بشخصيات المجتمع الحقيقي، وقد يجد القارئ نفسه في إحدى تلك الشخصيات، يعرفون من خلال شخصياتهم أو مهنهم، فهناك سنفور مغرور، وسنفور آخر مزارع قد يكون اسمه أو مهنته أو الاثنين معا بتناغم تام، والسنافر منظمة سياسية شمولية تعمها السعادة والبهجة.
كل حكاية تحتاج لساحرة أو شرير كما هو الحال في قصة بياض الثلج، لأن دمج العناصر المتشابهة لن يعطي نتيجة مثيرة، فكان شرشبيل هو الشخصية الشريرة والراشدة أيضا، وكان هدفه في القصة تحقيق غايته، ولديه استعداد لتدمير الصغار وكل شيء جميل، وهو مثال للشخصية المؤذية التي لا تمتلك ما تريد فيسبب لها ذلك تعاسة ويزيدها شرا.
يرى “فرانسوا والتيري” -وهو مؤلف مساعد لـ”بييو”- أن شرشبيل شخصية مخادعة وفاسدة، لكنه ليس ذكيا بما يكفي ليكون شريرا، فهو مثال الشرير الساذج ورغم أن نواياه بالغة السوء فإنه يفشل في النهاية وبصورة مكررة.
يعتبر منتج السنافر “جوردن كيرلر” بأن شرشبيل من الشخصيات الشريرة المفضلة لديه، لأنه لا يخيف الأطفال مثل شخصية “أورسلا” في “حورية البحر”، أو الملكة في “سنو وايت”، فهو نوع آخر من الشخصيات الشريرة المطورة والهزلية.
ويقول الكاتب “جيل دال” أن كثيرين وضعوا تفسيرات مختلفة لشرشبيل، فمنهم من رآه تجسيدا للإسرائيليين في تحليلات مكررة، فشرشبيل على وزن إسرائيل، في حين يراه “سبيستيان مينيسترو” تجسيدا للرأسمالية، حيث يجد الفرد نفسه أكثر أهمية من الآخرين.
وتذهب تفسيرات أخرى إلى أن شرشبيل أراد إنهاء الاشتراكية بتحويل السنافر إلى ذهب، وحاله كحال أي رأسمالي مثل آدم سميث في حالته الطبيعية يريد الاستحواذ على المال.
سنفورة.. أنثى وحيدة تعبث بعالم الذكور
سنفورة هي واحدة من شخصيات شرشبيل أرسلها للقرية كحصان طروادة لتثير الفوضى، إذ حين تدخل امرأة إلى عالم الرجال، ينقلب كل شيء رأسا على عقب، لكن الملفت هو أن سنفورة لم تثر إعجاب أحد.
تقول “ميريام ليروي” أخصائية ثقافة البوب: كانت سنفورة كالأطفال، ولم يكن فيها شيء مزعج سوى شعرها الأسود القصير، ولم تكن تنتعل الكعب العالي ولم تكن جذابة، إلى أن قرر بابا سنفور تغيير مظهرها، وبعد ذلك أصبحت شقراء جذابة ترتدي تنورة قصيرة وحذاء بكعب عال، وحينها جن جنون السنافر وبدأ الصراع بينهم على إرضاءها، لكنها قررت تجاهلهم جميعا والاستمتاع بالمشاكل التي تتسبب بها.
لم يطرق عالم السنافر المسائل الجنسية، لكن من المسائل التي دارت حولها نقاشات كثيرة الطريقة التي أوجد بها شرشبيل سنفورة، فيرى “فابيان فيلمان” أنها لمسة من الدرجة الثانية لـ”بييو”، لكنه لم يخدم الرؤية المختلفة للأنثى، فهو يتماهى في فكرة إيجاد العنصر الدخيل، تماما مثل انضمام فتاة لصف من الذكور.
ولطالما سببت شخصية سنفورة لـ”بييو” المشاكل مع زوجته، فقد بقيت غاضبة منه لأسبوعين، وكان السبب في ذلك تجسيدها لشخصية تظهر فيها عيوب المرأة، ومع ذلك فقد تعرض “بييو” للانتقاد رغم أنه قضى حياته منتقدا لعيوب الرجال من خلال باقي السنافر.
وفي الوقت الذي يرى فيه “كوسيه” أن سنفورة تسخر من الرجال بالقدر الذي تسخر فيه من النساء، فإنه يرفض أن تكون شخصية سنفورة للتمييز الجنسي، بل هي طريقة لتوضيح الفروقات بين الجنسين بطريقة كوميدية، لقد كان وجود سنفورة نتاجا للوقت والبيئة التي عاشها “بييو” ولم يكن استثناء.
شركة النفط البريطانية.. درجة السلم الأولى إلى النجاح التجاري
استخدمت منتجات السنافر للترويج لعلامات تجارية، وامتلك “بييو” سلسلة تجارية ناجحة وكان يشارك في الإعلانات بادئ الأمر، وقد وجد متعة في استخدام شخصياته لخدمات العلامات التجارية مثل حبوب الفطور ومسحوق الغسيل وأنواع مختلفة من المنتجات.
يعتبر “مات موراي” بأن “بييو” شخصية متفردة ويفهم التسويق أكثر من أي شيء آخر، وهو من وضع الأسس لحق الامتياز، والتسويق هو من أوصل السنافر للعالمية.
عرفت السنافر في بلجيكا عام 1958، لكن الانتشار الكبير احتاج لإعلان شركة النفط البريطانية، وتعد السنافر من أهم المنتجات الثانوية التي ساهمت في التسويق العالمي وهذا سر نجاحها.
كان “بييو” يقضي معظم وقته في العمل على الهاتف أو في سيارته متنقلا من مكان لآخر لإبرام العقود والاجتماع بالناس، كان في طريقه لابتكار عالم كامل.
غزو عالم التلفزيون.. صدفة تصنع تحولا كبيرا للسنافر
يروي المنتج “جوردن كيرنر” كيف كان دخوله إلى عالم السنافر على شواطئ هاواي في عام 1979 برفقة “براندون تارتيكوف” رئيس شبكة “آي أم بي إس” (IMPS)، حين سأله إن كان يعرف السنافر فأجابه بالنفي فأعطاه ثلاثة كتب وطلب منه أن يقرأها في نفس الليلة.
عادا في الصباح التالي وخاضا نقاشا طويلا وطلب منه “جوردن” أن يُعرض فورا لأنه سيؤثر على جيل كامل من الأطفال، وبعد عام ونصف اتصل به “براندون” ليخبره أن شركة “هانا باربيرا” الأمريكية ستنتج مسلسلا تلفزيونيا، وكان هذا في عام 1981.
يقول “جيرارد هيرنانديز” صاحب صوت بابا سنفور بالنسخة الإنجليزية: تلقيت مكالمة غريبة، قال لي المتحدث جي جي هل أنت متفرغ؟ الجمعة لدينا عمل برنامج رسوم متحركة، وعندما ذهبت وجدت مجموعة من الزملاء مع “بييو”، لقد رأيته لأول مرة وطلب مني عمل الشخصية المسنة لأن نبرة صوتي أمريكية.
يتحدث “جان كلير فانسون” -الحاصل على الدكتوراه في علم الموسيقى- عن شارة المسلسل التي أصبحت مشهورة.
فيقول إن اللازمة “لا لا لا لا..” استخدمت للتعبير عن السعادة، فكثيرا ما تكون الأغاني التي حققت نجاحا توجد فيها تفاصيل أكسبتها شهرة، على الرغم من تفاهتها في بعض الأحيان، وفي تلك الشارة استخدمت ثلاثة مفاتيح متسلسلة، مما جعل النوتة متفردة وهي نفس المفاتيح التي استخدمها “موزارت” في سيمفونيته.
زحمة النجاح.. حقبة الثمانينيات التي استنزفت المؤلف
يقول “هوغيز دييز” كاتب السيرة الذاتية لـ”بييو”: خرج “بييو” من ظلامه العميق عندما قرر مقابلة “هانا باربيرا” لأنها كانت مواجهة غير متكافئة.
أراد “بييو” التحكم في السيناريوهات التي كانت تصل عن طريق الفاكس، وبمجرد وصولها يبدأ بوضع التعديلات، لذا فقد استُنزف أمام كل تلك الأعمال سواء المسلسل أو الإعلانات، وكان كثيرا ما يواصل حتى المساء، وعندما يتوقف الهاتف عن الرنين يبدأ بوضع الرسومات .
شهدت فترة الثمانينيات من القرن الماضي شغفا لدى الجمهور بمسلسل السنافر بمواسمه التسعة وما قدمته شركة “هانا باربيرا” من رسوم متحركة غزت العالم، ويرى “هوغيز دييز” أن هذه الفترة من حياة “بييو” رغم النجاح والشهرة والثراء كانت أتعس أيام حياته، فقد قضاها متنقلا بين الطائرات والاجتماعات، وكان يجد صعوبة فيما يحبه فعلا، وفي أيامه الأخيرة أراد استهداف الأطفال فقط، لذا تحول إلى برنامج تهريجي بسيط كان أقل إمتاعا وأكثر اختصارا.
ويعتبر المدير الفني لشبكة “آي أم بي إس” “خوسيه غراندمونت” أنه كان على دراية كاملة بالتمويل، وكان يكسب مالا وفيرا، وأنه أحيط بأشخاص أرادوا الاستفادة من أمواله، لذا تقلص عمله لدرجة لا تصدق، ولم يبق لديه سوى نصّين (سيناريوهين) هما سنفور طبيب وسنفور مالي، لأن لقاءاته كانت مقتصرة على الأطباء والمصرفيين، فاستوحى منهم شخصياته.
إخراج السنافر من قريتهم.. امتطاء صهوة السينما في نيويورك وباريس
قارن الناس في بلجيكا بين ميكي ماوس والسنافر، فيرى “مات موراي” أن السنافر كانوا متفردين، فمثلا شخصية “تين تين” لم تستطع الانتشار وتحقيق ما حققته السنافر في الولايات المتحدة.
لقد رفض “بييو” العديد من السيناريوهات التي أرادوا فيها إرسال السنافر إلى نيويورك، والطريف في الأمر أن السنافر بعد 15 عاما أخرجوا من قريتهم وذهبوا إلى نيويورك ثم إلى باريس، وقد جرى إعدادهم لفيلم يعتمد كليا على الرسوم المتحركة الرقمية من دون ممثلين حقيقين وقت ظهور فيلم “إلفين والسناجب”، وعندما نجح قرر المشرفون العمل على فيلم السنافر بنفس الطريقة، وهكذا حقق الفيلمان الطويلان للسنافر نجاحا باهرا.
بدأ العمل بالفيلم الثالث للسنافر وهو آخر فيلم للفكاهة الأوروبية الأكثر وفاء، ويعتبر “هوغيز دييز” أن الرسامين استطاعوا قراءة الألبوم في القرية المفقودة بشكل جيد .
لكن المؤلف الموسيقي “هيتور بيريرا” فلم يرد أن يقدم شيئا جديدا بالكامل، واختار أن تكون الشارة كما هي عليه، وكما عرفها الناس حول العالم مع بعض اللمسات العصرية.
أما المؤلف الموسيقي “كريستوفر لينرتز” فيعتبر أنه لا يمكن فك الارتباط في الأعمال المتسلسلة مثل سلسلة حرب النجوم وذهب مع الريح، فعندما يصبح النمط شديد الارتباط بالأشخاص في الفيلم، لا يمكن إقصاؤه ولا طرحه في مكان آخر، سيعرف الناس ذلك، وهذا ما يميز تلك الأعمال.
خطوط بروكسل للطيران.. رحلة السنافر إلى الأمم المتحدة
انتقل السنافر إلى الأمم المتحدة، فمدير المناسبات الخاصة كارلوس إسلام يتحدث عن أهداف التنمية المستدامة الـ17 التي وافق عليها قادة العالم، وستتحقق عام 2030 وتمثلها شخصيات السنافر.
أما وزير الشؤون الخارجية البلجيكية “ديدييه رينديزر”، فيرى أن اختيار قبيلة السنافر منطقي لتمثيل الأهداف وذلك لتعددهم، فالقائد يؤدي دوره، أما سنفورة فستمثل أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالمرأة والتدابير التي تؤخذ في الحروب ضد التمييز الجنسي، كما أن الأطفال يسعدون بلقاء السنافر.
ويعبر “فيليب غلوريو” مدير تسويق شبكة “آي أم بي إس” عن فخره وسعادته لاختيار السنافر في مسابقة نظمتها خطوط بروكسل للطيران، لتمثيل الرمز الخامس الموجود على طائراتها وستكون رسومات السنافر تزين الطائرة الزرقاء.
نادي محبي السنافر.. أحلام الحياة المثالية التي تراودنا
هناك مجموعة من الأشخاص حول العالم ينتسبون لنادي معجبي السنافر، فهذا “سيدريك ليمينز” من بلجيكا نقش على جسده وشما للسنافر، لأن حياة السنافر مثالية يحلم بها الجميع، أما “بريندي ماريا هيوغو” فتحضر افتتاح معرض السنافر الأكبر حول العالم، فهي تحبهم ولطالما شعرت بالسعادة من خلال حلقات المسلسل، لذا تبحث عن مقتنيات لهم من خلال المعرض.
أما “ألكسندر بيرغمان” فقد عاش طفولته في بلجيكا وكان محبا للسنافر، وفي التسعينيات التقى بشريكته فأعادت له هذا الشغف، لأنها أيضا تحبهم ويشترون من المعرض كل عام ليشعرا بالاستمرارية في هذه الحياة.
ويرى “ألان ميشم” أن الأمر لا يتعلق بالغابة السحرية ولا بشرشبيل، بل هو الحنين إلى العائلة والحب والسعادة، فالناس بحاجة لما كان يحتاجه الناس عام 1958 بل ولربما أكثر من أي وقت مضى، وذلك بسبب الوحدة والفقد الذي يعيشونه.
ويبقى الإيمان بتلك الحكايات والأساطير حنينا للطفولة والسحر والأحلام السعيدة، في عالم خال من الأحلام يشبه عالمنا اليوم، ونجاح السنافر هو بمقدار حاجتنا إليهم، فهم موجودون لكن عليك أن تبحث عنهم، فهم في عالم خفي.