عشرات الآليات الإسرائيلية تقتحم قباطية عقب عملية بيسان

شهدت بلدة قباطية جنوب جنين، في الضفة الغربية، تصعيدًا عسكريًا إسرائيليًا كبيرًا مساء الجمعة، حيث فتحت مروحيات إسرائيلية نيران رشاشاتها في مناطق مفتوحة، بينما أغلقت جرافات عسكرية الطرق الداخلية. يأتي هذا التصعيد في أعقاب عملية أمنية واسعة النطاق أطلقها الجيش الإسرائيلي ردًا على مقتل اثنين من الإسرائيليين في هجوم مزدوج في بيسان والعفولة، مما أدى إلى فرض قيود على حركة السكان وتصاعد التوترات في المنطقة. هذه العملية العسكرية هي الأحدث في سلسلة من التحركات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
أعلن الجيش الإسرائيلي عن بدء العملية بمشاركة قوات من المظليين ووحدة دوفدوفان، بالإضافة إلى جهاز الشاباك ومصلحة السجون. وتهدف العملية، وفقًا للبيان الإسرائيلي، إلى “إحباط الإرهاب” وتحديد واعتقال المتورطين في الهجوم الأخير. وقد اقتحمت القوات منزل منفذ العملية، وأفادت التقارير بأنها تستعد لهدمه، بالإضافة إلى تمشيط مواقع أخرى في المنطقة بحثًا عن مطلوبين وأسلحة.
تصعيد إسرائيلي في قباطية: تفاصيل العملية العسكرية
وذكرت مصادر محلية لوكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا) أن نحو 44 آلية عسكرية وجرافات اقتحمت قباطية، وفرضت حظر تجول شامل في البلدة. كما أفادت المصادر بانتشار كثيف للجنود في شوارع البلدة، واعتلاء قناصة أسطح المباني. هذا الحظر المفروض يعيق حركة السكان ويؤثر على حياتهم اليومية.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية إن القوات الإسرائيلية اقتحمت منزل عائلة أحمد أبو الرُّب (37 عامًا)، الذي وصفته بأنه منفذ العملية، واعتقلت والده يونس أبو الرُّب. وأكدت مصادر عسكرية لموقع “والا” أن الجيش والشاباك يواصلان التحقيق مع أفراد عائلة أبو الرُّب بعد اقتحام منزلهم.
ردود الفعل الإسرائيلية على العملية
أدلى وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بتصريحات حادة، مشيرًا إلى أن العملية تثبت الحاجة الملحة لتمرير قانون عقوبة الإعدام للمنفذين. وأضاف أن “من يخرج لتنفيذ عملية إرهابية يجب أن يعرف أن إسرائيل لن تسمح له بمواصلة الحياة”. هذه التصريحات تزيد من حدة الخطاب السياسي وتثير مخاوف بشأن حقوق الإنسان.
وكان الإسعاف الإسرائيلي قد أعلن في وقت سابق عن مقتل شخصين وإصابة اثنين آخرين في عملية دعس وطعن مزدوجة في بيسان والعفولة. وأفادت الشرطة الإسرائيلية بأن منفذ العملية أصيب ونقل إلى المستشفى. وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن المنفذ تسلل من منطقة الجدار الأمني في القدس، وأنه كان ممنوعًا من دخول إسرائيل، وسجن سابقًا لمشاركته في مواجهات.
الوضع الأمني في الضفة الغربية متدهور منذ بداية العام، مع تصاعد الهجمات المتبادلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وتتهم إسرائيل الفلسطينيين بتنفيذ هجمات إرهابية، بينما يتهم الفلسطينيون إسرائيل بممارسة العنف والاعتقالات التعسفية. هذا التوتر المستمر يعيق أي جهود لتحقيق السلام والاستقرار.
وتشير التقارير إلى أن الجيش الإسرائيلي يواصل حصاره المشدد على مخيمات جنين ونور شمس وطولكرم، حيث يقوم بتدمير البنية التحتية ومنازل المواطنين. وقد أدى هذا الحصار إلى نزوح نحو 50 ألف فلسطيني، مما أثار أزمة إنسانية في المنطقة. هذه الإجراءات الإسرائيلية تثير انتقادات دولية واسعة.
من ناحية أخرى، يذكر أن القانون الإنساني الدولي يحظر بشكل صريح تدابير العقاب الجماعي بحق السكان المدنيين على جرائم لم يرتكبوها. وتنص المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة على حظر العقوبات الجماعية، واعتبرها ضمن جرائم الحرب. هذا يؤكد على ضرورة احترام حقوق الإنسان في جميع الظروف.
من المتوقع أن تستمر العملية العسكرية الإسرائيلية في قباطية خلال الساعات والأيام القادمة، مع احتمال حدوث المزيد من الاعتقالات والهدم. وتعتمد مدة العملية على مدى نجاح القوات الإسرائيلية في تحقيق أهدافها، وعلى ردود الفعل الفلسطينية. من المهم مراقبة التطورات على الأرض، وتقييم تأثيرها على الوضع الأمني والإنساني في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، يجب متابعة ردود الفعل الدولية على هذه التطورات، والضغط على الطرفين لتهدئة التصعيد والعودة إلى طاولة المفاوضات.
الاضطرابات الأمنية الحالية تلقي بظلالها على أي آفاق مستقبلية لعملية السلام، وتزيد من صعوبة تحقيق حل شامل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ويتطلب الأمر جهودًا دولية مكثفة، ومبادرات بناءة من الطرفين، لإعادة الثقة وتجاوز العقبات التي تعيق التقدم نحو السلام.





