فايز المطيري: الفقر والاقتصاد غير المنظم والأزمات الممتدة تشكّل بيئة خصبة لانتشار عمل الأطفال

أكد خبراء وسياسيون في مؤتمر عربي رفيع المستوى أن عمل الأطفال لا يزال يمثل تحديًا كبيرًا تواجه المجتمعات العربية، وذلك في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تشهدها المنطقة. انعقد المؤتمر في القاهرة برعاية جامعة الدول العربية ومنظمة العمل العربية وبرنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) والمجلس العربي للطفولة، لمناقشة السياسات اللازمة لحماية الأطفال وتوفير فرص تعليمية وعيش كريمة لهم.
بدأت أعمال المؤتمر يوم الأربعاء الماضي، حيث شارك فيه مسؤولون من مختلف الدول العربية وممثلون عن المنظمات الدولية المعنية بحقوق الطفل. ويهدف المؤتمر إلى وضع استراتيجية عربية شاملة للقضاء على عمل الأطفال، مع التركيز على معالجة الأسباب الجذرية لهذه المشكلة.
عمل الأطفال في العالم العربي: تحديات متزايدة
أشار المدير العام لمنظمة العمل العربية، فايز المطيري، إلى أن الحروب والنزاعات والتغيرات المناخية والتقلبات الاقتصادية العالمية قد ساهمت في تفاقم الوضع الاجتماعي في بعض الدول العربية، مما يزيد من خطر عمل الأطفال. وأضاف أن الفقر والاقتصاد غير المنظم والأزمات المستمرة تخلق بيئة مناسبة لانتشار هذه الظاهرة.
الأسباب الجذرية لظاهرة عمل الأطفال
تتعدد الأسباب التي تدفع الأطفال إلى العمل، وتشمل الفقر المدقع، وعدم كفاية فرص التعليم، والنزاعات المسلحة، وغياب الحماية الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، تلعب الأعراف الاجتماعية والثقافية دورًا في استمرار هذه المشكلة في بعض المجتمعات. وتشير الإحصائيات المحدودة المتاحة إلى أن عدد الأطفال العاملين في المنطقة العربية قد ازداد في السنوات الأخيرة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
تأثير النزاعات على الأطفال
شدد المتحدثون في المؤتمر على أن النزاعات المسلحة لها تأثير مدمر على الأطفال، حيث يجبرهم على ترك مدارسهم والعمل لتوفير احتياجات أسرهم. كما أنهم يتعرضون لمخاطر كبيرة، بما في ذلك الإصابة والإعاقة والاستغلال. وأشاروا بشكل خاص إلى الوضع المأساوي للأطفال في غزة، الذين يعانون من ويلات الحرب.
الحماية الاجتماعية وسياسات مكافحة عمل الأطفال
أكدت مديرة إدارة الأسرة والطفولة بجامعة الدول العربية، لبنى عزام، أن مواجهة عمل الأطفال تتطلب اتباع نهج شامل ومتكامل، يشمل تعزيز التعليم الجيد والشامل، وتوفير نظم حماية اجتماعية فعالة، والاستثمار في الأسر الفقيرة والمهمشة. وشددت على أهمية دور المجتمع المدني والإعلام في التوعية بمخاطر عمل الأطفال وحشد الدعم لجهود مكافحتها.
ودعا الأمير عبدالعزيز بن طلال، رئيس المجلس العربي للطفولة والتنمية، إلى بناء سياسات حماية اجتماعية متكاملة تعالج جذور مشكلة عمل الأطفال وتوفر بدائل كريمة للأسر، مثل التعليم وفرص العمل اللائقة والدعم الاجتماعي المستدام. وأشار إلى أن هذه القضية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بأهداف التنمية المستدامة لعام 2030، وخاصة الهدف الثامن المتعلق بالعمل اللائق والنمو الاقتصادي، والهدف السادس عشر الذي يدعو إلى إقامة مجتمعات عادلة وسلمية وشاملة.
بالإضافة إلى ذلك، ناقش المؤتمر أهمية الاستثمار في البيانات والرصد الرقمي لمتابعة التسرب المدرسي وعمل الأطفال، وتمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا، وتسخير التحول الرقمي لتحقيق هذه الأهداف. كما تم التأكيد على ضرورة تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لمكافحة عمل الأطفال.
من المتوقع أن يخرج المؤتمر بتوصيات محددة للدول العربية، تتضمن خططًا عمل وطنية للقضاء على عمل الأطفال، وتوفير الحماية الاجتماعية للأسر الهشة، وتعزيز فرص التعليم والتدريب المهني للأطفال. وسيتم متابعة تنفيذ هذه التوصيات من قبل جامعة الدول العربية ومنظمة العمل العربية، مع تقييم التقدم المحرز بشكل دوري. يبقى التحدي الأكبر هو توفير التمويل الكافي لتنفيذ هذه الخطط، وضمان التزام جميع الأطراف المعنية بتحقيق الأهداف المرجوة.




