فتيان بن علي الشاغوري الأسدي.. شاعر برع في وصف دمشق

شاعر سوري، عرف بقصائده البعيدة عن التصنع والتكلف، كتب عن دمشق وبرع في وصف طبيعتها وضواحيها، مدح في شعره ملوكًا أيوبيين.
ولد فتيان بن علي الشاغوري الأسدي في القرن السادس الهجري في مدينة بانياس الساحلية، تلقى العلوم في الجامع الأموي بالعاصمة دمشق، ثم عمل معلما للناشئة، يُقرئ النحو ويدرس الأدب، وتخرج على يديه أشهر علماء عصره منهم، الإمام الأصفهاني.
اتخذ من حي الشاغور في دمشق سكنا له، بعد أن غادر بلاده بسبب الأخطار التي كانت تحيط به من حروب الإفرنجة في ذلك الزمن، وكان الشاعر الدمشقي عارفا بشؤون الحرب، يستوحي كثيرا من مشاهدها في قصائده.
خدم فتيان الشاغوري الملوك الأيوبيين ومدح في شعره الناصر صلاح الدين الأيوبي وبعض أمراء جيشه. وقد لقيه ياقوت الحموي في آخر أيامه وسمع منه بعضا من أشعاره وأعجب بها. وكان الشاغوري قد ناهز حينها التسعين من العمر.
طرق جميع فنون الشعر، وكان يجمع في شعره بين مدن وأماكن عدة، كأنه يترك للقارئ بطاقة تعريف لهذه الأماكن. وكان أبرع ما يميز شعر فتيان الشاغوري كلفه بدمشق:
اذكر دمشق فإن الله فضّلها… على البلاد بما لا يُمترى فيه.
وصف طبيعة دمشق وصفا دقيقا، تجول في ضواحيها ومتنزهاتها النائية، ولم يكن كغيره من الشعراء يتحدث عنها حديثا عابرا يتوافق مع كل بيئة ويصلح في كل زمان ومكان، بل كان حديثا عن المدينة، لا يكون إلّا لها ولا يصلح إلا لها.
ورغم أن التكلف والصنعة الثقيلة غلبا على الأدب في العهد الأيوبي، كان فتيان الشاغوري بعيدا عن التصنع، قويا في لغته وصادقا في عاطفته تطاوعه الفكرة وتواتيه القافية، شاكيا الحنين إلى ديار من يهوى:
ألا هل إلى باب البريد سبيل
فليلي بزوراء العراق طويل
متى تلتقي أجفان عيني والكرى
وهل يتلاقى بكرة وأصيل؟
هلموا انظروا حالي وفي خده دمي
شهيد، فقولوا قاتل وقتيل
أزيد له ذلا ويزداد عزة
وكل محب للحبيب ذليل
وما حسَن عن ذلك الحسن سلوة
ولا الصبر عن ذلك الجمال جميل!