في عهد ترامب.. هل يمكن لأي شخص بناء عملات رقمية؟
![](https://dailygulfnews.com/wp-content/uploads/2025/02/D8AAD8B1D8A7D985D8A8-D988D8AFD98AD8A8-D8B3D98AD983-1-1738586195-780x470.jpg)
عشية حفل تتويج الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، طرح هو وزوجته عملات رقمية تحمل اسميهما، وذلك في خطوة مفاجئة للعالم أجمع، سواء كانوا من المهتمين بالعملات الرقمية أو حتى من الاقتصاديين.
تسببت هذه الخطوة في هجوم واسع على الرئيس وزوجته، وذلك عقب مخاوف التجارة الداخلية والعمل على رفع سعر العملة ثم التخلي عنها تماما، مما يعد مخالفا للقوانين الأميركية، رغم أن نيّة الرئيس وزوجته قد تكون أبسط من ذلك، وهي مجرد إظهار لدعم العملات الرقمية.
وصلت قيمة عملة “ترامب” الإجمالية إلى 12 مليار دولار وقيمة عملة “ميلينا” الإجمالية إلى 1.7 مليار دولار، وذلك وفق تقرير موقع “كوين ماركت كاب” (CoinMarketCap) المختص بالعملات الرقمية.
عززت هذه الخطوة من موقف ترامب تجاه العملات الرقمية وطمأنت عمالقة هذا القطاع بشكل أكبر، ومع تأسيس أولاده لشركة “وورلد ليبرتي فايننشال” (World Liberty Financial) المختصة بتجارة العملات الرقمية ثم انتعاش “بيتكوين” وكسر حاجز 100 ألف دولار للعملة الواحدة، أصبح من الواضح أن عهد ترامب سيكون منفتحا على العملات الرقمية، وهذا يدفعنا للتساؤل، هل يمكن لأي شخص بناء عملة رقمية خاصة به مثلما فعل ترامب؟
مفهوم العملات الرقمية الهزلية
يعرف عن مجتمع العملات الرقمية بشكل عام كونه مجتمعا هزليا وساخطا بشكل كبير، إذ يرى أفراده أنفسهم شخصيات ثورية تترك بصمتها في العالم عبر طرحها للعملات الرقمية وهروبها من المنظومة البنكية الموحدة حول العالم.
وفي هذا السياق، ولدت مجموعة من العملات الرقمية التي تعرف باسم “العملات الرقمية الهزلية” (MeMe Coins)، وهي عملات رقمية طورت وطرحت لتكون تصريحا هزليا حول العالم والقضايا المختلفة، وهي في العادة تكون ذات قيمة منخفضة حتى تصبح رائجة وتنتشر بشكل كبير لتقفز أسعارها.
تعد عملة “دوجي” (DOGE) التي كان إيلون ماسك أحد أبرز المستثمرين فيها مثالا واضحا على العملات الرقمية الهزلية، إذ طرحت العملة بشكل ساخر مع صورة مضحكة عبر الإنترنت بقيمة أقل من دولار واحد بكثير، وبعد اهتمام إيلون ماسك بها، قفزت العملة في معدل نمو غير مسبوق، محققة ثراء فاحشا لكل المستثمرين بها.
وكذلك الأمر مع عملة “ترامب” و”ميلينا”، فكلاهما عملات هزلية طرحت لتعلن تأييد حكومة البيت الأبيض الجديدة وحاشيتها للعملات الرقمية، ومؤذنة بعصر جديد للعملات الرقمية في الولايات المتحدة وشركاتها.
هل يمكن لأي شخص طرح عملة رقمية خاصة به؟
يشير وجود مجموعة من العملات الرقمية الهزلية التي تطرح بشكل ساخر إلى سهولة طرح العملات الرقمية وجعلها رائجة، ورغم هذا، فإن الأمر ليس سهلا كما يبدو، إذ تحتاج إلى خبرة برمجية سابقة من أجل طرح عملات رقمية وتأسيسها في شبكة “بلوك تشين”.
وبشكل عام، توجد 3 خيارات من أجل طرح عملات رقمية جديدة، الأولى وهي طرح عملة مرتبطة بشبكة “بلوك تشين” قديمة وموجودة بالفعل، لتكون هذه العملة جزءا من الشبكة وجزءا من عملة أخرى، ويمكن أيضا طرح عملة رقمية مرتبطة بشبكة “بلوك تشين” جديدة تماما، وأخيرا، يمكن تعديل الكود البرمجي لشبكة “بلوك تشين” قائمة سابقا فيما يعرف باسم “هارد فورك” (Hard Fork) من أجل طرح العملة الرقمية الجديدة.
ولكن، لا توجد قيود تنظيمية أو إدارية من أجل طرح العملات الرقمية وتأسيسها بشكل كامل، وهو ما يجعل المجال جاذبا لمختلف فئات المجتمع ومن بينهم المتعاملون في شبكات الإنترنت المظلمة والمواد المحرمة دوليا، إذ يمكن لهم بناء عملات رقمية خاصة بهم وتحديد سعرها ثم بيعها بالسعر الذي يرغبون فيه.
العملات الرقمية في عهد ترامب
أحاط ترامب نفسه بمجموعة من أهم المستثمرين ورجال الأعمال المهتمين بقطاع العملات الرقمية، ولا تقتصر هذه الحاشية على إيلون ماسك فقط الذي يظهر في مقدمة قائمة الداعمين للعملات الرقمية في حكومة ترامب الجديدة، بل تمتد إلى العديد من الأسماء البارزة بما فيها أبناء ترامب أنفسهم.
تعاون إيرك ترامب وشقيقه دونالد ترامب جونيور من أجل تأسيس شركة استثمار في العملات الرقمية عام 2024 تحت اسم “ورلد ليبرتي فاينانس” (World Liberty Finance) تحت شعار جعل الاقتصاد عظيما مجددا، وهي إشارة واضحة للشعار الذي اتخذه ترامب في حملته السابقة فضلا عن كونها جملة شهيرة قيلت على لسان الرئيس الأميركي رونالد ريغان.
تتسع قائمة المهتمين بالعملات الرقمية في حاشية ترامب لتضم جيه دي فانس نائب الرئيس الذي صرح سابقا بأنه يملك ما يقرب من 500 ألف دولار على شكل عملات رقمية إلى جانب فيفيك راماسوامي المؤيد بشدة للحرية التي توفرها العملات الرقمية وهو أحد الأعضاء الجمهوريين البارزين، مع روبرت ف. كينيدي الابن الذي يشغل منصب وزير الصحة في إدارة ترامب وطالب مرارا وتكرارا بوجود مخزون وطني للعملات الرقمية على غرار الذهب.
ولا يجب أن ننسى ديفيد ساكس الذي يتمتع بمكانة مقربة من ترامب كونه أحد أبرز المستثمرين ورجال الذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية مع بول أتكينز رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصة المعروف عنه ميله للعملات الرقمية.
ومن ضمن الأوامر التنفيذية العديدة التي أصدرها ترامب في الساعات الأولى لوصوله إلى المكتب البيضاوي كان أمرا تنفيذيا متعلقا بالعملات الرقمية، وذلك في خطوة منه للتشجيع على اقتناء وتخزين العملات الرقمية في الولايات المتحدة.
ويتضمن الأمر التنفيذي توجيهات للهيئات الفدرالية المختلفة من أجل تنظيم العمل في قطاع العملات الرقمية وبناء مخزون إستراتيجي منها، فضلا عن إصدار قوانين تيسر عمل الشركات المختلفة والهيئات العاملة بقطاع العملات الرقمية.
تجدر الإشارة إلى أن فترة ترامب الرئاسية السابقة كانت معادية بشكل كبير للعملات الرقمية، وذلك بعكس هذه الفترة التي يميل فيها إلى العملات الرقمية، إذ قال في يوليو/تموز الماضي أثناء إحدى مؤتمرات “بيتكوين” إنه سيعمل على تعزيز مكانة الولايات المتحدة في قطاع العملات الرقمية بشكل كبير.
ورغم أن أوامر ترامب التنفيذية لم تكن واضحة بخصوص ما يتم فعله مع العملات الرقمية، إلا أن الهيئات الفدرالية بدأت بالفعل في الانصياع لها، ومن ضمنها لجنة الأوراق المالية والبورصات التي طالما عرفت بموقفها المعادي للعملات الرقمية وكانت سببا في إلقاء القبض على بينكمان فرايد المدير التنفيذي لمنصة “إف تي إكس” (FTX) للعملات الرقمية.
جهود لجنة الأوراق المالية والبورصات تجسدت في بناء فريق جديد مختص للتعامل مع العملات الرقمية وكل ما يتعلق بها، وفي قيادة هذا الفريق تأتي هيستر بيرس التي يعرف تأييدها للعملات الرقمية بشكل كبير لدرجة إطلاق لقب “كريبتو مام” (Crypto Mom) عليها.
ومن المتوقع أن يجد ترامب حلولا أيسر لدعم العملات الرقمية وتعزيز موقف مالكيها داخل حدود الولايات المتحدة، إذ كانوا يواجهون تحديات جمّة خاصة في حالة الاحتفاظ بالعملات الرقمية بشكل شخصي داخل محافظ مستقلة وليس مع شركات مركزية.