Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ثقافة وفنون

قراءة في كتاب المؤرخ إيلان بابيه.. إسرائيل على حافة الهاوية

صدر مؤخرًا كتاب “إسرائيل على حافة الانهيار: ثماني ثورات قد تؤدي لتصفية الاستعمار والتعايش” للمؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه، والذي يثير جدلاً واسعًا حول مستقبل الكيان الإسرائيلي. يتناول الكتاب، الذي صدر في سبتمبر/أيلول 2025، تحليلاً معمقاً للانقسامات الداخلية المتزايدة في إسرائيل، وتأثيرها المحتمل على استقرار الدولة ووجودها. ويركز بابيه بشكل خاص على إمكانية حدوث تغييرات جذرية في السياسة والمجتمع الإسرائيلي، قد تؤدي إلى حلول جديدة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

يُعد بابيه من أبرز المؤرخين الإسرائيليين الجدد الذين انتقدوا الروايات التقليدية للتاريخ الإسرائيلي، وركزوا على منظور الفلسطينيين في أحداث النكبة وحرب 1948. وقد أشارت دراساته إلى ممارسات التطهير العرقي التي صاحبت تأسيس إسرائيل، وأثارت نقاشًا حادًا حول المسؤولية التاريخية والعدالة. يعتمد الكتاب بشكل كبير على رؤية بابيه حول إمكانية تفكك الدولة نتيجة للضغوط الداخلية والخارجية.

هل تشهد إسرائيل انهيارًا وشيكًا؟

يرى بابيه أن إسرائيل تواجه أزمة وجودية متفاقمة، تتجلى في تصاعد الانقسامات السياسية والاجتماعية، وفقدان الثقة في المؤسسات الحكومية. وقد أبرزت أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والحرب اللاحقة في غزة، نقاط الضعف الكامنة في الدولة، وقدرتها المحدودة على حماية مواطنيها. كما يشير إلى تزايد عزلة إسرائيل على المستوى الدولي، وتراجع الدعم لها من بعض الحلفاء التقليديين.

صعود اليمين المتطرف وتأثيره

يركز بابيه على صعود الحركات اليمينية المتطرفة في إسرائيل، والتي تتبنى أجندة توسعية واستيطانية، وتعارض أي حلول تفاوضية للصراع مع الفلسطينيين. ويصف هذه الحركات بأنها تمثل “صهيونية جديدة” أكثر تطرفًا وعنصرية من الصهيونية الأصلية. ويعتقد أن هذه الحركات تسعى إلى تغيير جذري في طبيعة الدولة، وتحويلها إلى دولة ثيوقراطية يهودية متطرفة.

سيناريوهات التفكك المحتملة

يقترح بابيه أن إسرائيل قد تتفكك بطرق مختلفة، بما في ذلك الانقسام إلى دولتين، أو الاندفاع نحو نظام أبارتهايد داخلي، أو الانهيار الكامل للدولة. ويشير إلى أن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو مزيج من هذه العوامل، حيث تتصاعد الانقسامات الداخلية وتتدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية. ولفت إلى إمكانية نشوء “دولة يهوذا” متطرفة، منفصلة عن دولة “إسرائيل” الأكثر اعتدالاً.

“إسرائيل على حافة الانهيار”: رؤية للعدالة التصالحية

لا يقتصر الكتاب على تشخيص المشكلات، بل يقدم أيضًا رؤية لمستقبل بديل، يقوم على مبادئ العدالة التصالحية وتصفية الاستعمار. يدعو بابيه إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين، وإنهاء المستوطنات في الضفة الغربية، وبناء جسور التواصل مع العالم العربي. ويؤكد على ضرورة إقامة دولة ديمقراطية واحدة للفلسطينيين والإسرائيليين، تضمن حقوقًا متساوية للجميع.

يرى بابيه أن تحقيق هذا المستقبل يتطلب ثورات صغيرة أو تحولات نوعية على عدة مستويات. ويشمل ذلك إعادة تعريف الهوية اليهودية في فلسطين التاريخية، ووضع خطة لمستقبل المستوطنات، وتبني استراتيجية جديدة لحركة وطنية فلسطينية موحدة. هذه التغييرات، بحسب بابيه، ضرورية لإنهاء الصراع وبناء مستقبل سلمي ومزدهر للجميع.

التحولات الديموغرافية والسياسية

يشير بابيه إلى التحولات الديموغرافية والسياسية المتسارعة في المنطقة، والتي تضع إسرائيل أمام تحديات جديدة. ويتوقع أن يزداد النفوذ الإقليمي للقوى الصاعدة، مثل إيران وتركيا، وأن تتراجع الهيمنة الأميركية. ويعتقد أن هذه التغيرات ستجبر إسرائيل على إعادة تقييم سياساتها ومصالحها، والبحث عن حلول جديدة للصراع مع الفلسطينيين.

يدعو الكتاب إلى إعادة النظر في مفاهيم الأمن القومي والهوية، وتجاوز الأيديولوجيات المتطرفة التي تعيق السلام والتعاون. ويؤكد على أهمية الحوار والتفاهم المتبادل بين الثقافات والأديان المختلفة، لبناء مستقبل مشترك قائم على الاحترام والعدالة.

في الختام، يمثل كتاب “إسرائيل على حافة الانهيار” دعوة جريئة للتفكير في مستقبل بديل للكيان الإسرائيلي. ويرى بابيه أن استمرار إسرائيل في المسار الحالي سيؤدي حتماً إلى تفككها، وأن الحل الوحيد هو تبني رؤية جديدة تقوم على العدالة والمساواة. من المتوقع أن يستمر الجدل حول أفكار بابيه، وأن يشكل الكتاب نقطة انطلاق لمناقشات أوسع حول مستقبل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وتطورات الوضع الإقليمي خلال الفترة القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى