وول ستريت جورنال: الجيش الأميركي يغير أدواته وتكتيكاته استعدادا لحرب المحيط الهادي

تشهد الاستراتيجية العسكرية الأمريكية تحولاً جذرياً في ظل مخاوف متزايدة من صراع محتمل مع الصين، مع التركيز بشكل خاص على تطوير القدرات في مجال الحروب الحديثة والتكيف مع التهديدات المتطورة. هذا التحول يتضمن إعادة تقييم الأدوات والتكتيكات العسكرية، والتحول نحو أنظمة أسلحة أرخص وأكثر مرونة، بالإضافة إلى الاستعداد لمواجهة التفوق الصاروخي والصناعي المحتمل للخصم.
وقالت صحيفة وول ستريت جورنال إن الجيش الأمريكي يستعد لعصر جديد من الصراعات، يختلف بشكل كبير عن الحروب التي خاضها في العقود الأخيرة في العراق وأفغانستان. هذا الاستعداد يتطلب إعادة النظر في أساليب القتال التقليدية، والتركيز على ساحات قتال مفتوحة وجزر متناثرة، مما يفرض تحديات لوجستية وتشغيلية جديدة.
الاستعداد لـالحروب الحديثة: تحول في التكتيكات والأسلحة
بعد عقود من التركيز على مكافحة الإرهاب والعمليات غير النظامية، يواجه الجيش الأمريكي الآن ضرورة الاستعداد لمواجهة خصم يتمتع بقدرات عسكرية متطورة، مثل الصين. هذا يتطلب تحولاً في التفكير العسكري، والتركيز على القدرات التي تمكن الولايات المتحدة من المنافسة بفعالية في بيئة قتال عالية التقنية.
وكشفت المناورات العسكرية الأخيرة في هاواي عن هذا التحول، حيث عرض الجنود الأمريكيون أحدث المعدات خفيفة الوزن وسريعة الحركة، بما في ذلك الطائرات المسيّرة بأنواعها المختلفة. هذه الطائرات المسيّرة تستخدم في الاستطلاع والهجوم، ويمكن تشغيلها بشكل فردي أو ضمن أسراب، مما يزيد من فعاليتها وقدرتها على التكيف مع الظروف المتغيرة.
الطائرات المسيّرة: سلاح المستقبل
أصبحت الطائرات المسيّرة عنصراً أساسياً في الحروب الحديثة، حيث توفر قدرات استخباراتية وهجومية لا مثيل لها. الجيش الأمريكي يستثمر بكثافة في تطوير هذه التقنية، ويختبر باستمرار طرقاً جديدة لاستخدامها في ساحة المعركة.
وتشمل هذه الاستثمارات تطوير طائرات مسيّرة قادرة على تعطيل أنظمة العدو، وتوفير حماية للقوات الأمريكية، وتنفيذ مهام استطلاعية متقدمة. بالإضافة إلى ذلك، يتم تطوير أنظمة للتحكم في أسراب الطائرات المسيّرة، مما يسمح بتنسيق هجمات معقدة وزيادة الضغط على العدو.
التركيز على الحرب الإلكترونية
إلى جانب الطائرات المسيّرة، يولي الجيش الأمريكي اهتماماً كبيراً للحرب الإلكترونية. فقد أصبحت القدرة على تعطيل أنظمة العدو الإلكترونية، وحماية الأنظمة الأمريكية، أمراً بالغ الأهمية في الحروب الحديثة.
ويتم تدريب الجنود على القتال في الفضاء الإلكتروني، وكشف التهديدات الإلكترونية، وتنفيذ عمليات هجومية ودفاعية. كما يتم تطوير أجهزة وتقنيات جديدة لتعطيل الطائرات المسيّرة للعدو، وحماية القوات الأمريكية من الهجمات الإلكترونية.
التحديات التي تواجه الجيش الأمريكي في عصر التكنولوجيا
على الرغم من التقدم الكبير في تطوير التكنولوجيا العسكرية، إلا أن الجيش الأمريكي يواجه العديد من التحديات. أحد هذه التحديات هو القدرة على الإنتاج الكمي للمعدات والأسلحة الجديدة. ففي حين أن الولايات المتحدة قادرة على تطوير تقنيات متطورة، إلا أنها قد تواجه صعوبة في إنتاج كميات كافية منها لتلبية احتياجات حرب طويلة الأمد.
وتشير التقارير إلى أن روسيا وأوكرانيا تنتجان ملايين الطائرات المسيّرة سنوياً، بينما تمتلك الصين قدرة صناعية أكبر بكثير. ولهذا السبب، يسعى الجيش الأمريكي إلى تسريع آليات الشراء، وتحفيز التصنيع المحلي، ومنح القادة مرونة أكبر في اقتناء التقنيات الحديثة.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه الجيش الأمريكي تحدياً في دمج التكنولوجيا الجديدة في العقيدة العسكرية الحالية. فقد يتطلب استخدام الطائرات المسيّرة والحرب الإلكترونية تغييرات كبيرة في طريقة تفكير الجنود وتدريبهم.
ويتطلب هذا التحول استثماراً كبيراً في التدريب والتعليم، بالإضافة إلى تطوير عقيدة عسكرية جديدة تأخذ في الاعتبار التهديدات والتحديات المتطورة. التحول نحو أنظمة أسلحة أرخص وأكثر مرونة، مثل الطائرات المسيّرة، يمثل أيضاً تحدياً ثقافياً للجيش الأمريكي، الذي اعتاد على الاعتماد على أنظمة باهظة الثمن ومعقدة.
في الختام، يشهد الجيش الأمريكي تحولاً عميقاً في الاستعداد لـالحروب الحديثة، مع التركيز على التكنولوجيا والمرونة والقدرة على التكيف. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها، بما في ذلك القدرة على الإنتاج الكمي، وتطوير عقيدة عسكرية جديدة، والتغلب على الحواجز الثقافية. من المتوقع أن يستمر هذا التحول في السنوات القادمة، مع استمرار تطور التكنولوجيا العسكرية وتغير التهديدات العالمية. سيراقب المراقبون عن كثب التقدم المحرز في هذه المجالات، وكيف يؤثر ذلك على التوازن العسكري في المحيط الهادي وخارجه.





