Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سياسة

كنيسة طولكرم الوحيدة تحوّلت إلى مأوى للنازحين

طولكرم – منذ حوالي عام، شهدت كنيسة طولكرم، الواقعة شمال الضفة الغربية المحتلة، تحولاً غير مألوف. فبعد سنوات من قلة المرتادين، أصبحت ملجأً لعائلة فلسطينية نزحت عن منزلها بسبب التوترات العسكرية المتصاعدة. هذه القصة ليست فريدة، بل تعكس واقعاً مأساوياً يعيشه آلاف الفلسطينيين الذين اضطروا للنزوح من مخيماتهم ومدنهم، مما يضع ضغوطاً إضافية على البنية التحتية المحدودة في المنطقة، ويبرز الحاجة الملحة إلى حلول إنسانية وسياسية مستدامة.

ماجد ياسين (60 عاماً)، أحد هؤلاء النازحين، وجد نفسه وعائلته بلا مأوى بعد أن أجبرتهم القوات الإسرائيلية على مغادرة منزلهم في مخيم طولكرم في فبراير/شباط الماضي. وبعد فشل محاولات العثور على سكن بديل، قرر اللجوء إلى الكنيسة الوحيدة في طولكرم، حيث عمل سابقاً كحارس. هذه الحادثة تسلط الضوء على أزمة النزوح المتفاقمة في الضفة الغربية وتأثيرها على حياة الفلسطينيين.

أزمة النزوح في طولكرم وتداعياتها

تأتي قصة ياسين في سياق أوسع لعمليات عسكرية إسرائيلية متكررة في مخيمات شمال الضفة الغربية، وخاصة مخيم طولكرم وجنين. هذه العمليات، التي تستمر منذ عدة أشهر، أدت إلى تدمير واسع النطاق للبنية التحتية وتهجير الآلاف من السكان، وفقاً لتقارير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

وتشير تقديرات أونروا إلى أن حوالي 15 ألف فلسطيني نزحوا من مخيم طولكرم وحده. يعيش العديد منهم في مساجد ومدارس، بينما لجأ آخرون إلى منازل أقاربهم وأصدقائهم. هذه الظروف تزيد من معاناتهم وتؤثر على صحتهم النفسية والجسدية.

الكنيسة كملاذ أخير

لم يكن ياسين وعائلته وحدهم الذين لجأوا إلى الكنيسة. ففي السنوات الأخيرة، ومع تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية، أصبحت الكنيسة ملاذاً آمناً لبعض العائلات التي فقدت منازلها أو تواجه صعوبات في العثور على سكن. ومع ذلك، فإن الكنيسة ليست مجهزة لاستقبال هذا العدد الكبير من النازحين، مما يضع ضغوطاً إضافية على مواردها المحدودة.

يقول ياسين إن الكنيسة كانت في السابق مركزاً حيوياً للنشاط الديني والاجتماعي في طولكرم، حيث كانت تستقبل الزوار والمصلين من مختلف المدن والقرى. لكن مع تكرار الاقتحامات الإسرائيلية وإغلاق المداخل، تراجع الوجود المسيحي في المدينة، وأصبحت الكنيسة شبه مهجورة.

تأثير الأزمة على المجتمع المحلي

لا تقتصر تداعيات أزمة النزوح على النازحين أنفسهم، بل تمتد لتشمل المجتمع المحلي بأكمله. فمع زيادة عدد السكان الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية، يواجه المجتمع المحلي صعوبات في توفير الاحتياجات الأساسية للجميع. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأزمة تزيد من التوترات الاجتماعية والسياسية في المنطقة.

ويؤكد المحللون السياسيون أن إسرائيل تسعى إلى تغيير التركيبة السكانية في الضفة الغربية من خلال عمليات التهجير القسري. ويرون أن هذه العمليات تهدف إلى إضعاف النسيج الاجتماعي الفلسطيني وتقويض حقوق اللاجئين في العودة إلى ديارهم. هذا يشكل تحدياً كبيراً لعملية السلام المستقبلية.

وتشير تقارير حقوقية، مثل تلك الصادرة عن منظمة “هيومن رايتس ووتش”، إلى أن عمليات التهجير الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية قد ترقى إلى جرائم حرب وتطهير عرقي. هذه الاتهامات تزيد من الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف هذه العمليات واحترام حقوق الفلسطينيين.

المستقبل المجهول

مع استمرار التوترات العسكرية في الضفة الغربية، يظل مستقبل النازحين مجهولاً. لا يزال العديد منهم يعيشون في ظروف غير إنسانية، ويعانون من نقص الغذاء والدواء والمأوى. في الوقت الحالي، لا توجد خطط واضحة لإعادة إعمار المنازل المدمرة أو توفير سكن بديل للنازحين. الوضع الإنساني يتدهور باستمرار.

تتوقع الجهات المعنية استمرار أزمة النزوح في الأشهر المقبلة، ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي شامل ينهي الاحتلال الإسرائيلي ويضمن حقوق الفلسطينيين. من المتوقع أن تواصل أونرما ومنظمات الإغاثة الأخرى تقديم المساعدات الإنسانية للنازحين، لكن هذه المساعدات ليست كافية لتلبية جميع احتياجاتهم. يجب على المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل لوقف عمليات التهجير واحترام القانون الدولي.

ما زال مصير كنيسة طولكرم معلقاً، فبينما تقدم ملاذاً آمناً لبعض العائلات النازحة، فإنها تواجه تحديات كبيرة في الحفاظ على هويتها الدينية والاجتماعية في ظل الظروف الراهنة. مستقبل الكنيسة والمجتمع المحلي بأكمله يعتمد على التطورات السياسية والأمنية في المنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى