Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اقتصاد

كيف أعاد الذكاء الاصطناعي تعريف الأمان الوظيفي في أميركا؟

لم يعد الشعور بالقلق من فقدان الوظيفة حكراً على القطاعات الاقتصادية الهشة أو العمالة ذات المهارات المتدنية، بل امتد ليشمل بشكل متزايد موظفي المكاتب في الولايات المتحدة مع اقتراب عام 2026. يشير تقرير حديث لصحيفة وول ستريت جورنال إلى حالة من عدم اليقين تسيطر على العاملين في الوظائف المكتبية، مدفوعة بتباطؤ وتيرة التوظيف، وزيادة عمليات التسريح، والتحذيرات المتكررة بشأن التوسع الكبير في استخدام الذكاء الاصطناعي كبديل للعمالة البشرية.

وتأتي هذه المخاوف في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة نمواً اقتصادياً معتدلاً، لكن مع استمرار التحديات المتعلقة بالتضخم وارتفاع أسعار الفائدة. وتظهر البيانات أن العديد من الشركات تعيد تقييم استراتيجياتها، وتسعى إلى خفض التكاليف وزيادة الكفاءة، مما يؤدي إلى إعادة الهيكلة وتقليل الاعتماد على الوظائف التقليدية.

بطالة منخفضة وقلق متزايد بشأن الذكاء الاصطناعي

على الرغم من أن معدل البطالة الكلي في الولايات المتحدة لا يزال منخفضاً نسبياً، إلا أن هناك علامات تشير إلى تدهور طفيف في سوق العمل بالنسبة لأصحاب الشهادات الجامعية. ووفقاً لبيانات وزارة العمل الأميركية، ارتفع معدل البطالة بين هذه الفئة إلى 2.9%، مقارنة بـ 2.5% قبل عام.

الأهم من ذلك، هو التحول في توقعات العاملين أنفسهم. فقد أظهر استطلاع رأي حديث أجراه بنك الاحتياطي الفدرالي في نيويورك أن نسبة العاملين المتعلمين الذين يتوقعون فقدان وظائفهم خلال العام المقبل ارتفعت إلى 15%، مقارنة بـ 11% قبل ثلاث سنوات. وهذا يعكس قلقاً متزايداً بشأن مستقبل الوظائف في ظل التقدم التكنولوجي السريع.

الذكاء الاصطناعي أصبح عامل ضغط مباشر على استقرار الوظائف البيضاء (شترستوك)

تأثير التباطؤ الاقتصادي

لا يقتصر القلق على الذكاء الاصطناعي وحده، بل يتأثر أيضاً بالتباطؤ الاقتصادي العالمي وارتفاع معدلات التضخم. فمع تزايد الضغوط على الشركات، تميل إلى تقليل النفقات وتأجيل خطط التوظيف الجديدة. وهذا يقلل من فرص العمل المتاحة ويجعل المنافسة أكثر حدة.

وتُظهر بيانات منصة “إنديد” أن إعلانات الوظائف في قطاع تطوير البرمجيات قد انخفضت بنسبة 68% مقارنة بمستويات ما قبل جائحة كوفيد-19، في حين انخفضت وظائف التسويق بنسبة 81%. في المقابل، حافظ قطاع الرعاية الصحية على استقراره نسبياً، نظراً لصعوبة استبدال العديد من الوظائف فيه بالتقنيات الآلية.

تغير ديناميكيات سوق العمل

يصف الاقتصاديون الوضع الحالي بأنه تحول في ديناميكيات سوق العمل. فبعد سنوات من النمو القوي وتوفر فرص العمل، يواجه العاملون الآن بيئة أكثر تنافسية، حيث لا يمكنهم الاعتماد على استقرار وظائفهم.

وفي هذا السياق، يشير جاي بيرغر، كبير الاقتصاديين في معهد “برنينغ غلاس”، إلى أن هذه المخاوف “مفهومة تماما في ضوء ما يُهيمن على المشهد الإخباري”. ويضيف أن الباحثين عن عمل قد يواجهون فترات بحث أطول وأكثر صعوبة في العثور على وظيفة جديدة.

FILE PHOTO: Figurines with computers and smartphones are seen in front of the words "Artificial Intelligence AI" in this illustration taken, February 19, 2024. REUTERS/Dado Ruvic/Illustration/File Photo
القطاع الحكومي يفقد سمعته كملاذ وظيفي ثابت مع تقلّص التوظيف الفدرالي (رويترز)

تأثير برامج الاستقالة الاختيارية

تفيد التقارير بأن القطاع الحكومي، الذي كان يُنظر إليه تقليدياً على أنه ملاذ وظيفي ثابت، قد تأثر أيضاً بهذا التحول. فقد أدت برامج الاستقالة الاختيارية إلى انخفاض كبير في التوظيف الفدرالي، حيث فقد أكثر من 162 ألف وظيفة في شهر أكتوبر الماضي وحده.

بشكل عام، يشير الوضع الراهن إلى أن سوق العمل الأميركي يشهد تحولاً هيكليًا عميقًا، يتطلب من العاملين التكيف مع المتطلبات الجديدة وتعزيز مهاراتهم لمواجهة التحديات المستقبلية. ويشمل ذلك الاستثمار في التعليم والتدريب، وتطوير مهارات جديدة في مجالات مثل التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.

من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه على المدى القصير والمتوسط، حيث تواصل الشركات تبني التقنيات الجديدة وإعادة هيكلة عملياتها. ومن الضروري مراقبة البيانات الاقتصادية عن كثب، وتقييم تأثير هذه التغيرات على مختلف القطاعات والوظائف، واتخاذ الإجراءات المناسبة للتخفيف من الآثار السلبية وضمان انتقال سلس إلى اقتصاد المستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى