كيف تبدو حضرموت بعد أسبوع من سيطرة “الانتقالي الجنوبي” عليها؟

سيئون – تشهد محافظة حضرموت، وتحديداً وادي وصحراء حضرموت، تصاعداً ملحوظاً في التوترات الأمنية والسياسية، بعد سيطرة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على المنطقة في الثالث من ديسمبر/كانون الأول الجاري. وقد أسفرت هذه التوترات عن مقتل قيادات عسكرية بارزة، بما في ذلك العقيد الركن فتحي الضبوي، مما أثار موجة غضب واستياء واسعة في أوساط السكان المحليين، وزاد من حالة عدم اليقين بشأن مستقبل المحافظة. وتثير الأحداث الجارية مخاوف متزايدة بشأن استقرار المنطقة واحتمالية انزلاقها نحو صراعات أوسع.
فقد عثر على جثث العقيد الضبوي وثلاثة من مرافقيه، بعد يومين من اختطافهم من قبل قوات الانتقالي، في ظروف غامضة. ووفقاً لمصادر عسكرية، فقد تم اعتقال الضبوي ورفاقه أثناء اقتحام مقر قيادة المنطقة العسكرية الأولى، واحتجزوا في مطار سيئون قبل أن يتم إعدامهم ميدانياً. العقيد الضبوي كان يشغل منصب قائد الكتيبة الثانية في المنطقة العسكرية الأولى، وله سجل حافل بالمهام العسكرية والتكريمات.
الوضع الأمني في حضرموت: تصعيد وتداعيات
تأتي هذه الأحداث في سياق صراع أوسع على السلطة والنفوذ في اليمن، حيث يتنافس المجلس الانتقالي الجنوبي مع الحكومة المعترف بها دولياً على السيطرة على مناطق الجنوب. وتعتبر حضرموت، الغنية بالنفط، ذات أهمية استراتيجية كبيرة، مما يجعلها نقطة جذب للقوى المتنافسة.
وتشير التقارير إلى أن قوات الانتقالي تهدف إلى فرض سيطرتها الكاملة على المحافظة، وهو ما يثير مقاومة من القوى المحلية، بما في ذلك حلف قبائل حضرموت والقوات الحكومية. وقد أدى ذلك إلى اشتباكات متفرقة وعمليات نهب وسلب في مناطق مختلفة من وادي حضرموت، مما أثار حالة من الرعب والقلق بين السكان.
انتهاكات حقوقية ونهب للممتلكات
تداول نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي صورا ومقاطع فيديو لما وصفوه بعمليات نهب وسلب للممتلكات العامة والخاصة في وادي حضرموت. وقد اعترف محافظ حضرموت سالم الخنبشي بوقوع بعض هذه العمليات، ودعا القوات القادمة من خارج المحافظة إلى المغادرة. كما طالب ناشطون وحقوقيون بفتح تحقيق عاجل في الانتهاكات المرتكبة، وضمان حماية المدنيين.
وتشمل الانتهاكات الموثقة، وفقاً لشهادات شهود عيان، مداهمات ليلية، واعتقالات تعسفية، وتمزيق الوثائق الشخصية، وإهانات لفظية وجسدية. وتثير هذه الانتهاكات مخاوف جدية بشأن الوضع الحقوقي والإنساني في وادي حضرموت، واحتمالية تفاقمه في المستقبل القريب.
وتتهم بعض الجهات المجلس الانتقالي الجنوبي بممارسة سياسة ممنهجة لإقصاء وتهميش أبناء المحافظات الشمالية في حضرموت، مما يزيد من حدة التوتر ويقوض جهود تحقيق الاستقرار. وتشير التقارير إلى أن هناك حملة تحريض إعلامي تستهدف السكان الشماليين، وتدفعهم إلى مغادرة المحافظة.
ردود الفعل المحلية والدعوات إلى التدخل
أصدر حلف قبائل حضرموت بياناً ندد فيه بالعمليات العسكرية التي نفذها المجلس الانتقالي، وطالب بخروج قواته من المحافظة. كما دعا البيان إلى تدخل عاجل من الحكومة اليمنية والأطراف المعنية لإنقاذ حضرموت من الفوضى والصراع. وفي أول ظهور له منذ الأربعاء الماضي، خرج الشيخ عمرو بن حبريش، القائد الأعلى لقوات حماية حضرموت، بتسجيل مرئي أكد فيه رفض أبناء حضرموت لمحاولات فرض السيطرة بالقوة.
في المقابل، دافع المجلس الانتقالي الجنوبي عن تحركاته العسكرية، مبرراً إياها بضرورة استعادة الأمن والاستقرار في وادي حضرموت، ووقف نشاط الجماعات الإرهابية والمهربين. وأكد الانتقالي أنه يسعى إلى حماية مصالح أبناء الجنوب، وتحقيق التنمية والازدهار في المنطقة. وقد عقد المكتب التنفيذي لوادي وصحراء حضرموت اجتماعاً لبحث سبل تعزيز الاستقرار، لكن الاجتماع شهد اعتراضا من بعض المسؤولين المحليين بسبب حضور قيادات من المجلس الانتقالي.
وتشير التطورات الأخيرة إلى أن الوضع في حضرموت يتجه نحو مزيد من التعقيد والتدهور. ويتطلب ذلك جهوداً مكثفة من جميع الأطراف المعنية لتهدئة التوتر، والتوصل إلى حلول سياسية شاملة، تضمن حقوق جميع اليمنيين، وتحافظ على وحدة البلاد وسيادتها.
من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيداً من التطورات الميدانية والسياسية في حضرموت. ويجب مراقبة الوضع عن كثب، وتقييم المخاطر المحتملة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع انزلاق المحافظة نحو صراع شامل. كما يجب على المجتمع الدولي ممارسة الضغط على جميع الأطراف لوقف التصعيد، والعودة إلى طاولة المفاوضات.





