كيف تعمل الشرطة في غزة بعد تدمير مقرّاتها؟

بدأت الشرطة الفلسطينية في قطاع غزة في إعادة الانتشار وتفعيل عملها بشكل تدريجي بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، في محاولة لاستعادة الأمن والنظام في مناطق تعرضت لدمار واسع خلال العامين الماضيين. ورغم التحديات الهائلة التي تواجهها، بما في ذلك تدمير البنية التحتية واستهداف الكوادر، تسعى الشرطة إلى تقديم خدماتها للمواطنين وإعادة الثقة في المؤسسات الأمنية. يمثل عودة عمل الشرطة خطوة حاسمة في عملية التعافي وإعادة الإعمار في غزة.
وتواجه الشرطة مهمة معقدة في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها القطاع، حيث تضررت مقراتها بشكل كبير، وفقدت العديد من عناصرها نتيجة القصف الإسرائيلي المستمر. ومع ذلك، تؤكد القيادات الأمنية على استمرار عملها وتفانيها في خدمة الشعب الفلسطيني، بالتعاون مع الجهات الأخرى المعنية.
تحديات تواجه الشرطة الفلسطينية في غزة
أكد العقيد محمد الزرقا، الناطق باسم الشرطة الفلسطينية في قطاع غزة، أن جهاز الشرطة لم يتوقف عن أداء واجبه منذ بداية الحرب، بل استمر في العمل رغم الاستهداف المباشر لمقراته وكوادره. وأوضح أن طبيعة العمل تغيرت بفعل الظروف الميدانية، مما استدعى اتخاذ تدابير استثنائية لضمان سلامة العناصر وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.
وأضاف الزرقا أن الشرطة واصلت العمل جنبًا إلى جنب مع أبناء الشعب الفلسطيني طوال فترة الحرب، وقدمت ما استطاعت من خدمات شرطية وإنسانية، مثل تحييد مخاطر مخلفات الحرب غير المنفجرة، والاستدلال على مسارح الجرائم، وتقديم المساعدة للمتضررين.
الاستهداف المباشر للبنية التحتية الشرطية
تشير الإحصائيات المحدثة من المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت أكثر من 787 عنصراً من الأجهزة الأمنية والشرطية وعناصر تأمين المساعدات في غزة خلال الحرب. كما تم تدمير 20 مركزًا للشرطة بمختلف محافظات القطاع، مما أدى إلى انعدام شبه كامل للإمكانيات اللازمة لأداء المهام بفعالية.
وأشار مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي، إسماعيل الثوابتة، إلى أن الشرطة كانت في مقدمة أهداف الاحتلال، في محاولة لزعزعة الجبهة الداخلية وخلق حالة من الفوضى. وأضاف أن الاحتلال استهدف القيادات والعناصر بهدف إرباك المنظومة الشرطية، إلا أنها استطاعت تجاوز هذه الاستهدافات من خلال إيجاد بدائل وملء الشواغر.
صعوبات في تطبيق القانون
مع تعمّد الاحتلال استهداف كل المكونات الأمنية والقضائية في غزة، يواجه جهاز الشرطة صعوبات كبيرة في تنفيذ القانون. فقد تم تعطيل عمل المحاكم والنيابات نتيجة القصف والتدمير، مما أثر على سير الإجراءات القانونية وحقوق المواطنين.
ومع ذلك، تعمل الشرطة والنيابة حاليًا جنبًا إلى جنب، حيث يباشر وكلاء النيابة عملهم من داخل مراكز الشرطة، لمتابعة القضايا وتسييرها. ويشدد العقيد الزرقا على أن حقوق المواطنين وملفاتهم محفوظة، وتُتابع بعلم النيابة العامة وتحت إشراف القضاء.
جهود إعادة الانتشار وتقديم الخدمات
بدأت الشرطة الفلسطينية بممارسة عملها بشكل أوسع مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وأعادت انتشارها في جميع محافظات قطاع غزة. وعاد أفراد الشرطة للالتزام بالزي الشرطي المتوفر، مع التركيز على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، مثل تنظيم حركة المرور، ومكافحة الجريمة، وضمان الأمن العام.
وتعمل إدارات الشرطة المختلفة، بما في ذلك إدارة الاستجابة السريعة، والمباحث العامة، والمرور، ومكافحة المخدرات، والحراسات، ومباحث التموين، والمباحث الفنية والطبية، ضمن إطار لجان الطوارئ لضمان التنسيق والفعالية في تقديم الخدمات.
تعتبر عودة الشرطة الفلسطينية إلى العمل الكامل في غزة أمرًا حيويًا لعملية الاستقرار وإعادة الإعمار. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجهها، بما في ذلك نقص الإمكانيات، وتدمير البنية التحتية، واستمرار التهديدات الأمنية.
من المتوقع أن تستمر جهود إعادة تأهيل الشرطة الفلسطينية في غزة خلال الأشهر القادمة، بالتعاون مع الجهات الدولية والمحلية المعنية. وسيتم التركيز على توفير التدريب والمعدات اللازمة للعناصر، وإعادة بناء المقرات والمراكز الشرطية، وتعزيز التعاون مع المجتمع المحلي. يبقى الوضع الأمني في غزة هشًا، ويتطلب متابعة دقيقة وجهودًا متواصلة لضمان استقرار دائم.




