قد يؤدي النمو السريع للذكاء الاصطناعي والطلب المتزايد على الطاقة إلى تغيير ديناميكيات سوق سندات الشركات الأمريكية، مما يهدد الأمان التقليدي الذي كانت تتمتع به هذه الأصول الاستثمارية. تشير التقارير إلى أن تمويل مشاريع الذكاء الاصطناعي، وخاصةً البنية التحتية اللازمة لتشغيلها، يعتمد بشكل كبير على إصدار المزيد من السندات، مما قد يؤثر على تقييمها ومخاطرها.
وتشهد شركات المرافق، التي توفر الطاقة الضرورية لمراكز البيانات وغيرها من عمليات الذكاء الاصطناعي، زيادة كبيرة في الاقتراض لتمويل التوسع في البنية التحتية. وقد ارتفعت مبيعات سندات شركات المرافق الأمريكية بنسبة 19% هذا العام، لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 158 مليار دولار، مما يعكس هذا الاتجاه المتزايد.
تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق سندات الشركات
يعتمد ازدهار الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد على أسواق الائتمان لتمويل الاستثمارات الضخمة المطلوبة. تتوقع مؤسسة إديسون الكهربائية أن شركات الكهرباء الأمريكية ستنفق أكثر من 1.1 تريليون دولار على تطوير شبكات الطاقة خلال السنوات الخمس المقبلة، بزيادة قدرها 44% مقارنة بالفترة السابقة، مع توقعات بأن يلعب الدين دورًا كبيرًا في تمويل هذه النفقات.
ومع ذلك، فإن هذا التوسع في الاقتراض قد يؤدي إلى تحول في قطاع الخدمات، الذي يعتبر تقليديًا من أكثر القطاعات أمانًا في سوق سندات الشركات. قد يصبح هذا القطاع أكثر عرضة للمخاطر مع زيادة المعروض من السندات، خاصةً إذا واجهت أرباح الشركات ضغوطًا بسبب التدخلات التنظيمية التي تهدف إلى كبح جماح ارتفاع أسعار الطاقة.
مخاوف المستثمرين وتوقعات السوق
على الرغم من أن شركات المرافق تتمتع بحماية نسبية بفضل العقود التي تحدد حدًا أدنى للدفعات ورسوم الإنهاء، إلا أن المستثمرين يراقبون عن كثب تطورات سوق الذكاء الاصطناعي. تزايدت المخاوف من فقاعة الذكاء الاصطناعي في الأشهر الأخيرة، مما أثار تساؤلات حول مدى استدامة الاستثمارات الحالية في قطاع الطاقة.
وتشير التقديرات إلى أن أي تباطؤ كبير في الإنفاق على الذكاء الاصطناعي قد يؤثر سلبًا على توقعات النمو التي تعتمد عليها شركات المرافق لجذب المستثمرين. بالإضافة إلى ذلك، يواجه المستثمرون مخاطر سياسية متزايدة، حيث شهدت أسعار الكهرباء في الولايات المتحدة ارتفاعًا ملحوظًا في الأشهر الأخيرة.
وقد تعهد العديد من السياسيين بخفض فواتير الطاقة خلال حملاتهم الانتخابية، مما يضع ضغوطًا على المنظمين لإبقاء الزيادات في الأسعار تحت السيطرة. وفقًا لتيم وينتر، مدير محافظ الأسهم في شركة غابيلي فاندز، فإن هذه الضغوط التنظيمية قد تؤثر سلبًا على عوائد المستثمرين في قطاع الطاقة.
توقعات بنك جيه بي مورغان
يتوقع بنك جيه بي مورغان ارتفاعًا بنسبة 8% في إصدار سندات شركات المرافق العام المقبل، مدفوعًا بالطلب المتزايد على مراكز البيانات الجديدة والاستثمارات في تعزيز مرونة شبكة الكهرباء. يعكس هذا التوقع استمرار النمو في قطاع الذكاء الاصطناعي والحاجة إلى بنية تحتية قوية لدعم هذا النمو.
ومع ذلك، يرى المحللون أن هذا النمو قد يأتي بتكلفة، حيث قد يؤدي إلى زيادة المخاطر في سوق سندات الشركات. يجب على المستثمرين تقييم هذه المخاطر بعناية قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية.
في الختام، يشير الوضع الحالي إلى أن سوق سندات الشركات الأمريكية، وخاصةً سندات شركات المرافق، قد تشهد تغييرات كبيرة في الأشهر والسنوات القادمة. من المتوقع أن يستمر الطلب على الطاقة في النمو مع انتشار الذكاء الاصطناعي، مما سيؤدي إلى زيادة الاقتراض والاستثمار في البنية التحتية. ومع ذلك، يجب على المستثمرين مراقبة المخاطر السياسية والتنظيمية المحتملة، بالإضافة إلى أي علامات على تباطؤ النمو في قطاع التكنولوجيا، لضمان اتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة. سيراقب السوق عن كثب بيانات التضخم وأسعار الفائدة في الربع الأول من عام 2026 لتقييم تأثيرها على هذه التوجهات.
