كيف وسّعت إسرائيل تحالفاتها وغيّرت عقيدتها الأمنية بعد حرب غزة؟

كشفت التطورات الأخيرة في غزة عن تحولات استراتيجية في التحالفات الإسرائيلية وأهدافها الإقليمية، مما أدى إلى إعادة تقييم الأولويات الأمنية والعسكرية وتوسيع نطاق العمليات خارج نطاق الصراع التقليدي. وتأتي هذه التغييرات في سياق تصاعد التوترات الإقليمية وجهود متزايدة لإعادة تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط.
تُظهر التقارير أن إسرائيل تعمل على تعزيز شبكة من الشراكات مع دول في المنطقة وخارجها، بهدف تحقيق الاستقرار وتعزيز الأمن القومي. وتشمل هذه التحركات التعاون العسكري والاقتصادي والاستخباري مع دول مثل اليونان وقبرص، بالإضافة إلى جهود التطبيع مع دول عربية أخرى.
تطور التحالفات الإسرائيلية في ضوء الصراع
تعود جذور التعاون الإسرائيلي مع اليونان وقبرص إلى عام 2010، بعد فترة من التوتر في العلاقات مع تركيا. ومع اكتشافات الغاز الطبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط، وجدت هذه الدول الثلاث مصالح مشتركة في حماية مواردها وتعزيز التعاون الأمني.
شمل هذا التعاون إجراء تدريبات عسكرية مشتركة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتوقيع اتفاقيات لتوريد الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية. وتهدف هذه الشراكات إلى تعزيز الردع الإقليمي وحماية المصالح المشتركة في مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة، بما في ذلك التهديدات الإرهابية والتدخلات الخارجية.
أثر حرب غزة على الاستراتيجية الإسرائيلية
أدت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى تسريع وتيرة هذه التحولات، حيث أظهرت إسرائيل استعدادًا أكبر للعمل العسكري الاستباقي والشامل لحماية أمنها. وفقًا لتقارير إعلامية، انتقلت إسرائيل من سياسة الاحتواء والردع إلى نهج يركز على مواجهة “جبهات الإسناد” المحتملة، كما وصفها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
شمل ذلك إعلان الحرب على لبنان، وتنفيذ عمليات استهداف لقادة حماس، وتصعيد التوتر مع تركيا. بالإضافة إلى ذلك، تلقت إسرائيل دعمًا أمريكيًا كبيرًا، بما في ذلك المساعدة العسكرية والسياسية، في مواجهة التحديات الإقليمية.
وتشير التحليلات إلى أن إسرائيل تسعى إلى تحقيق أهداف متعددة من خلال هذه التحالفات، بما في ذلك نزع سلاح حزب الله في لبنان، وتثبيت نقاط عسكرية متقدمة في سوريا، ومواجهة الدور الإقليمي لجماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن. وتعتبر هذه الجهود جزءًا من رؤية أوسع لإسرائيل تهدف إلى “تغيير وجه الشرق الأوسط” وتعزيز دورها كقوة إقليمية.
بالإضافة إلى ذلك، تهدف إسرائيل إلى توسيع دائرة التطبيع مع الدول العربية، من خلال ضم دول جديدة إلى “اتفاقات أبراهام”. وتعتبر هذه الاتفاقيات خطوة مهمة نحو إعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة وتعزيز التعاون الاقتصادي والأمني.
ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجية لم تحقق سوى مكاسب جزئية حتى الآن. فقد تمكنت إسرائيل من إضعاف بعض خصومها، لكنها لم تتمكن من القضاء عليهم بشكل كامل. وفي الوقت نفسه، بدأت قوى إقليمية أخرى في إعادة تقييم تحالفاتها وتعزيز قدراتها الدفاعية، مما قد يؤدي إلى مرحلة أكثر تعقيدًا في المنطقة.
في تطور لافت، أعلنت إسرائيل مؤخرًا الاعتراف بجمهورية أرض الصومال كدولة مستقلة، وهو ما أثار ردود فعل إدانة من قبل العديد من الدول العربية والإقليمية والدولية. ويُعد هذا الإعلان بمثابة تحدٍ للجهود الدولية الرامية إلى تحقيق الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي.
من المتوقع أن تستمر إسرائيل في تعزيز تحالفاتها الإقليمية والدولية في الفترة المقبلة، في ظل استمرار التحديات الأمنية والسياسية. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الاستراتيجية سيعتمد على قدرة إسرائيل على تحقيق التوازن بين مصالحها وأمن المنطقة، وعلى استعداد القوى الإقليمية الأخرى للتعاون معها.
في الختام، تشهد المنطقة تحولات عميقة في التحالفات الإقليمية، ومن المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة مزيدًا من التطورات والتقلبات. سيكون من المهم مراقبة ردود الفعل الإقليمية والدولية على هذه التطورات، وتقييم تأثيرها على الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط.





