Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
صحة وجمال

كيف يؤثر انخفاض درجات الحرارة في الشتاء على الصحة النفسية؟ خبيرة نفسية تجيب

مع حلول فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة، يلاحظ الكثيرون زيادة في مستويات القلق والتوتر. ووفقًا لعالمة النفس ناتاليا بيزوس، فإن هذا الارتفاع في القلق الشتوي ليس مجرد شعور عابر، بل هو استجابة طبيعية لتغيرات فسيولوجية ونفسية مرتبطة بالطقس البارد وقلة ضوء النهار. يشمل ذلك تغيرات في إفراز الهرمونات، واضطرابات في النوم، وزيادة الضغوط الاجتماعية والاقتصادية.

تأتي هذه الزيادة في الشعور بالقلق في وقت يشهد فيه العالم تقلبات مناخية وارتفاعًا في تكاليف المعيشة، مما يزيد من حدة هذه المشاعر لدى الكثيرين. وتشير الإحصائيات الأولية من مراكز الصحة النفسية في بعض الدول العربية إلى زيادة طفيفة في طلبات المساعدة خلال الأشهر الأخيرة من العام، على الرغم من عدم وجود بيانات شاملة تربط ذلك بشكل مباشر بالطقس.

فهم أسباب القلق الشتوي

هناك عدة عوامل متداخلة تساهم في ظهور وتفاقم القلق الشتوي، بحسب خبراء الصحة النفسية. لا يقتصر الأمر على الجوانب البيولوجية المتعلقة بالتغيرات الموسمية، بل يشمل أيضًا العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي تزيد من الضغوط النفسية.

التأثيرات البيولوجية للطقس البارد

تؤثر البرودة وانخفاض الإضاءة على وظائف الجسم بشكل ملحوظ. وفقًا للدراسات العلمية، يحفز انخفاض درجة الحرارة الجهاز العصبي الودي، مما يؤدي إلى إفراز هرمونات التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول. هذا بدوره يزيد من معدل ضربات القلب وضغط الدم، ويسبب شعورًا عامًا بالتوتر والقلق.

بالإضافة إلى ذلك، فإن قلة التعرض لأشعة الشمس في فصل الشتاء يؤثر على مستويات فيتامين د والسيروتونين في الدماغ. يلعب السيروتونين دورًا حاسمًا في تنظيم المزاج والشعور بالسعادة، ونقصه يمكن أن يؤدي إلى ظهور أعراض الاكتئاب والقلق. وتعتبر اضطرابات المزاج الموسمية (SAD) من الأمثلة الواضحة على العلاقة بين الطقس والمشاعر.

اضطرابات النوم والروتين اليومي

يعتبر الشتاء غالبًا فترة اضطراب في الروتين اليومي. يؤدي طول الليل وبرودة الأجواء إلى تغيير أنماط النوم والاستيقاظ، مما يؤثر على الساعة البيولوجية للجسم. نقص النوم الناتج عن ذلك يزيد من صعوبة التعامل مع الضغوط ويعزز الأفكار السلبية.

تُظهر الأبحاث أن قلة النوم المزمنة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالقلق والاكتئاب. لذلك، من الضروري الحفاظ على جدول نوم منتظم قدر الإمكان خلال فصل الشتاء.

الضغوط الاقتصادية والاجتماعية

يُعد الشتاء فترة مكلفة للكثير من الأسر، بسبب الحاجة إلى التدفئة والملابس الثقيلة. هذه التكاليف الإضافية يمكن أن تسبب ضغوطًا مالية كبيرة، مما يؤدي إلى القلق بشأن القدرة على تغطية النفقات. التوتر المالي هو أحد محركات القلق الشائعة.

بالإضافة إلى الضغوط الاقتصادية، يمكن أن تؤدي قلة الحركة الاجتماعية والعزلة إلى تفاقم الشعور بالقلق. قد يميل الأشخاص إلى البقاء في المنزل لفترات أطول بسبب الطقس البارد، مما يقلل من فرص التفاعل الاجتماعي والدعم النفسي.

استراتيجيات للتعامل مع القلق الشتوي

على الرغم من أن القلق الشتوي هو استجابة طبيعية، إلا أنه يمكن اتخاذ خطوات للحد من تأثيره. تنصح ناتاليا بيزوس، وغيرهم من المتخصصين في الصحة النفسية، بتبني مجموعة من الاستراتيجيات التي تساعد على تحسين المزاج وتقليل التوتر.

من بين هذه الاستراتيجيات، الالتزام بروتين يومي ثابت، بما في ذلك مواعيد النوم والاستيقاظ والوجبات. كما يُنصح بممارسة نشاط بدني معتدل بانتظام، حتى لو كان مجرد المشي القصير في الهواء الطلق. النشاط البدني يفرز الإندورفين، وهي مواد كيميائية طبيعية في الدماغ تعمل على تحسين المزاج وتخفيف الألم.

علاوة على ذلك، يمكن أن تساعد تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق والتأمل على تهدئة الأعصاب وتقليل القلق. كما أن قضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء وتنمية الهوايات والاهتمامات يمكن أن توفر الدعم النفسي والترفيه اللازمين.

تشير التقارير الحديثة إلى أن العلاج بالضوء قد يكون فعالًا في علاج اضطرابات المزاج الموسمية، حيث يساعد على تعويض نقص أشعة الشمس وتحسين مستويات السيروتونين. ومع ذلك، يجب استشارة الطبيب قبل البدء في أي علاج جديد.

من المتوقع أن تواصل مراكز الصحة النفسية في المنطقة العربية مراقبة حالات القلق والاكتئاب خلال فصل الشتاء، وتقديم الدعم والمساعدة للمحتاجين. وستعتمد الجهود المستقبلية على جمع وتحليل البيانات لتقديم تدخلات أكثر فعالية وتلبية الاحتياجات المتزايدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى