كيف يقرأ الإيرانيون مناورات طهران الصاروخية؟

طهران – على خلفية التوترات المتصاعدة في المنطقة، وتحديداً التحذيرات الإسرائيلية بشأن برنامج الصواريخ الإيراني، أجرت إيران مناورات صاروخية واسعة النطاق في عدة محافظات. تأتي هذه المناورات قبل لقاء مرتقب بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث من المتوقع مناقشة الخيارات العسكرية المحتملة ضد طهران، مما يزيد من حالة التأهب والقلق في كلا الجانبين. وتثير هذه التحركات تساؤلات حول الأهداف المحددة والرسائل التي تسعى إيران لإيصالها.
وذكرت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية، يوم الاثنين، أن المناورات شملت مناطق في خرم آباد (غرب)، ومهاباد (شمال غرب)، وأصفهان (وسط)، والعاصمة طهران (شمال)، ومشهد (شمال شرق). وتزامن ذلك مع تقارير عن نقل منصات إطلاق صواريخ إلى المحافظات الغربية، الأمر الذي أثار مخاوف إسرائيلية من أن تكون هذه التحركات تمهيداً لشن هجوم مفاجئ.
مناورات الصواريخ الإيرانية وتصعيد التوترات الإقليمية
تأتي هذه المناورات في وقت تشهد فيه المنطقة تصعيداً ملحوظاً في التوترات، خاصةً بعد اتهامات متبادلة بين إيران وإسرائيل بشأن دعم جماعات مسلحة وتقويض الأمن الإقليمي. وتعتبر إيران برنامجها الصاروخي جزءاً لا يتجزأ من استراتيجيتها الدفاعية، بينما تنظر إليه إسرائيل والولايات المتحدة على أنه تهديد مباشر لأمنهما ومصالحها في المنطقة.
وصرح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، بأنه أبلغ قائد القيادة العسكرية الأمريكية الوسطى (سنتكوم) الأدميرال براد كوبر بمخاوفه من أن التحركات الإيرانية قد تكون ستاراً لعمل عدائي. في المقابل، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، أن الصواريخ الإيرانية تهدف إلى الدفاع عن النفس وردع أي هجوم محتمل، وأن هذا البرنامج ليس موضوعاً قابلاً للتفاوض.
رسائل موجهة إلى واشنطن وتل أبيب
يرى مراقبون أن المناورات الصاروخية تحمل رسائل متعددة الأوجه، موجهة بشكل أساسي إلى واشنطن وتل أبيب. وتشير هذه الرسائل إلى أن إيران مستعدة للرد على أي تهديد أو عمل عدواني، وأنها تمتلك القدرات العسكرية اللازمة لردع أي طرف يفكر في استهدافها. كما أنها تعكس رفض إيران لأي محاولة لتقييد برنامجها الصاروخي أو جعله جزءاً من أي اتفاق أو مفاوضات.
وأوضح أستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة طهران، كيومرث يزدان بناه، أن عمق العداء الاستراتيجي بين طهران وتل أبيب قد وصل إلى مستوى يجعل المواجهة العسكرية المباشرة خياراً وارداً. وأضاف أن إغلاق الأبواب أمام الحلول الدبلوماسية يزيد من احتمالية هذا السيناريو، مما يبرر استعدادات إيران العسكرية.
التحليل العسكري لأهداف المناورات
من الناحية العسكرية، يرى الباحث العسكري محمد مهدي يزدي أن إجراء التجارب في مناطق جغرافية متباينة يهدف إلى إظهار القدرة على الانتشار والمرونة في استخدام الصواريخ. ويشير إلى أن اختيار هذه المناطق قد يكون مرتبطاً بإمكانية استهداف مواقع إسرائيلية حساسة من هناك. كما أن السرية التي تحيط بهذه المناورات تعزز عنصر المفاجأة وتزيد من صعوبة مواجهة أي هجوم محتمل.
وأضاف يزدي أن هذه المناورات تبعث برسالة واضحة إلى إسرائيل والولايات المتحدة مفادها أن أي تدخل عسكري ضد إيران سيواجه بقدرة ردع قوية، وأن البرنامج الصاروخي الإيراني خط أحمر لا يمكن تجاوزه. ويؤكد أن إيران تسعى إلى تطوير قدراتها الدفاعية بشكل مستقل، دون الخضوع لأي ضغوط أو قيود خارجية.
وتشير التقارير إلى أن إيران تعمل على تطوير صواريخ باليستية بعيدة المدى، قادرة على الوصول إلى أهداف في إسرائيل وأوروبا. ويثير هذا التطور قلقاً متزايداً في الأوساط الغربية، التي تدعو إلى فرض المزيد من العقوبات على إيران للحد من برنامجها الصاروخي.
من المتوقع أن تكون المناقشات بين نتنياهو وترامب الأسبوع المقبل حاسمة في تحديد مسار التوترات الإقليمية. وستراقب الأوساط الدولية عن كثب نتائج هذا اللقاء، وما إذا كان سيؤدي إلى تصعيد إضافي أو إلى جهود دبلوماسية جديدة لتهدئة الأوضاع. في الوقت الحالي، لا تزال التوقعات غير واضحة، وتشير إلى أن المنطقة قد تكون على أعتاب فترة جديدة من عدم الاستقرار.





