كي لا ننسى؟
يعيش الكثير من العرب في هذه الأيام حالة من التشتت والإرباك، بسبب تأزم الموقف في العديد من الدول العربية، وتحديداً في لبنان وفلسطين واليمن… وما يتعرض له الأبرياء في هذه الدول من قتل وإبادة وتهجير، وكأنهم قرابين مجانية، يتم التضحية بهم في صراع مصالح ملتبس ومعقد جداً، ظاهره شعارات عظيمة حول القضايا المقدسة، والتحرير والشهادة والمقاومة، أما حقيقته فمختلفة تماماً، وهو ما ظهر جلياً في النهاية المأساوية لزعيم وقيادة وتنظيم حزب الله اللبناني!
هذه الحالة من التباس الموقف وتبادل الاتهامات ليست جديدة أبداً، وهنا تعود بنا الذاكرة إلى عام 2003 وقبله عام 1967، فعندما شنت قوات التحالف الدولية ضرباتها على العراق، وعندما كان يظهر وزير إعلام النظام العراقي يومها، ليبث لنا رسائل يومية حول الانتصارات والصمود، وأن العراق والجيش العراقي منتصر لا محالة، تسمرنا في تلك الأيام أمام الشاشات بانتظار إعلان انتصار العراق، تماماً كما فعل إعلامي النظام الناصري أحمد سعيد خلال حرب 1967، بنفس اللغة، ونفس الاستراتيجية، والتلاعب النفسي على وجدان الجماهير العربية المتعطشة للانتصار، ورفع المعنويات بعد سنوات من الهزائم والاندحارات، والإحساس بالدونية أمام الصهاينة!
وكما صدّق العرب في تلك السنوات ادعاءات وأكاذيب النصر، التي كانت تبث بصوت أحمد سعيد عبر إذاعة صوت العرب، صدّقوا كذلك، ولا ندري كيف أن العراق وحيداً، وبعد سلسلة طويلة ومنهكة من الحروب مع إيران يمكنه أن ينتصر على تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية! فكانت النتيجة هزيمة مدوية للنظام، وسقوطاً مدمراً لبلد عربي أطاح بالكثير من الآمال، وأدخل الوطن العربي في حالة صدمة وحزن شديدين!
ما يحدث اليوم لا يبتعد مليمتراً واحداً عن تلك الصورة، الكثير من الادعاءات والمزايدات، وسنوات من الكذب والدجل السياسي، والتخريب المقنن، انتهى في غمضة عين، كما انتهى الجيش العراقي في أقل من شهر، والجيش المصري في سبعة أيام! وما زلنا نمارس الكذب على النفس، ومطلوب منا مجدداً أن نرفع الدجل فوق رؤوسنا، ونصدّق مجموعة من المرتزقة، باعوا أنفسهم للشيطان الذي سرعان ما تبرأ منهم، وأطلق عليهم رصاص الإعدام في غمضة عين!