Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سياسة

لغز الخلافة في إيران.. من يخلف المرشد؟

طهران- مع حلول الذكرى الـ36 لرحيل مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله روح الله الخميني في الرابع من يونيو/حزيران 1989، تدور في الأوساط النخبوية بإيران تساؤلات مصيرية، منها: من سيخلف المرشد الحالي؟ وكيف يستعد “مجلس خبراء القيادة” لاختيار ثاني أقوى شخصية في تاريخ إيران الحديث؟

وفي خضم تصاعد التقارير الإعلامية عن صحة المرشد الأعلى آية علي خامنئي (86 عاما)، وتأثير وفاة الرئيس السابق آية الله إبراهيم رئيسي -الذي كان ينظر إليه في طهران على أنه خليفة محتمل للمرشد الحالي- يعود موضوع الخلافة إلى واجهة المناقشات لدى الأوساط السياسية في إيران.

فبعد رحيل رئيسي في حادث سقوط المروحية الرئاسية التي أودت بحياته ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان، قبل نحو عام، توجهت الأنظار إلى آية الله مجتبى خامنئي (56 عاما) وهو نجل المرشد الحالي المقرب جدا من والده حيث يصفه أنصار التيار المحافظ بـ”الفقيه المتميز” والمتمرّس في إدارة المؤسسات القيادية الكبرى بحكم قربه من مكتب المرشد الأعلى في البلاد.

لا يشترط الدستور الإيراني أن يكون المرشد ذا أصول إيرانية لأنه ولي للمسلمين (الجزيرة)

آليات دستورية

لكن معضلة “التوريث” الإشكالية في إيران سرعان ما أجهضت آمال هذه الشريحة، إذ تناقلت وسائل إعلام فارسية تقارير عن معارضة المرشد نفسه لتوريث منصبه لأحد أبنائه انطلاقا من موقفه الرافض لخوض أفراد أسرته مضمار السياسة في البلاد، ناهيك عن النظر إلى أحدهم كخليفة محتمل لمنصبه.

من ناحيته، وصف السياسي حسين كنعاني مقدم، الأمين العام لحزب سبز (الأخضر)، المعروف بقربه من المؤسسات السيادية في طهران، الحالة الصحية للمرشد بأنها “جيدة جدا”، موضحا أنه خلافا للمشهد الذي ترسمه وسائل إعلام مناوئة للنظام الإيراني فإنه لا توجد معضلة ولا خشية بشأن اختيار خليفة للمرشد الحالي.

وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح كنعاني، الذي كان مقربا من روح الله الخميني وأخذ مهمة نقل رسائله على عاتقه، أن الدستور الإيراني يرسم خارطة طريق واضحة المعالم لاختيار المرشد، وأن الآليات الدستورية أثبتت كفاءتها في إجراء انتخابات رئاسية مبكرة أفضت العام الماضي إلى انتخاب الرئيس مسعود بزشكيان خلفا للرئيس الراحل إبراهيم رئيسي.

وتابع السياسي الإيراني أن الدستور الإيراني يضع مهمة اختيار المرشد على عاتق مجلس خبراء القيادة المكون من 88 عضوا من الفقهاء ورجال الدين، على أن يختار شخصا واحدا وفق شروط ومؤهلات واضحة للإشراف على عمل مختلف سلطات الدولة أو أن يختار “مجلس قيادة” إذا تعذر الإجماع على شخص واحد.

لجنة سرية

وخلافا لمنصب الرئاسة الذي يشترط أن يكون المرشح إيرانيا، فإن الدستور الإيراني لا يشترط ذلك لمنصب المرشد باعتباره وليا لأمور المسلمين، وفقا لكنعاني الذي يعتقد أن “منصب المرشد الأعلى لا يتبع الرؤية القومية للديمقراطية (nation state) وإنما لمبدأ (الأمة، والإمام)”، وبذلك يسقط شرط الانتماء القومي لمنصب المرشد، ولا يشترط أن يكون من جذور إيرانية.

وأوضح المتحدث نفسه أن عملية اختيار المرشد الأعلى في إيران تخضع لآليات دستورية دقيقة، ترتكز على سرية التحضيرات الأولية عبر إعداد لجنة سرية من مجلس خبراء القيادة قائمة المرشحين المحتملين، مضيفا أن هذه اللجنة تقوم بتقييم وفحص مؤهلات الأشخاص المحتملين للقيادة بشكل دوري بكامل السرية.

وبين أنه حتى الأفراد المحتملين للقيادة لا يعرفون بوجود أسمائهم في القائمة التي تعدها اللجنة السرية، كما لا يعرف أحد في إيران تركيبة أفراد اللجنة القائمة على دراسة الأشخاص المؤهلين للقيادة لتحييد الضغوط عنهم.

وتابع الأمين العام لحزب “سبز” أن مجلس خبراء القيادة يعقد اجتماعات بين الفينة والأخرى دون الكشف عنها إلى جانب اجتماعاته الدورية العلنية لمناقشة موضوع اختيار المرشد، مستدركا أن مجلس الخبراء لا بد أن يكون لديه عدة مرشحين محتملين جاهزين، لمناقشة مؤهلاتهم بشكل علني عندما تقتضي الضرورة.

صلاحيات استرشادية

وأوضح أن عدد الأفراد الذين يطلعون على أسماء قائمة المرشحين المحتملين لمنصب المرشد الأعلى في البلاد قد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، مؤكدا أن بعد التجربة الفاشلة في اختيار السياسي الراحل حسين علي منتظري عام 1985، نائبا لمؤسس الجمهورية الإسلامية، والتي أثارت أزمة داخلية انتهت بعزله، تقرر أن تمارس هذه اللجنة عملها بسرية تامة.

ويستدرك كنعاني أن هذه اللجنة ليست مصيرية ولا تمتلك صلاحيات قانونية، ولا حق لها في اختيار المرشد، وإنما مهمتها دراسة المؤهلين للقيادة مستقبلا وإعداد قائمة استرشادية ليس أكثر، وأن المرشد سيتم اختياره في جلسة مجلس الخبراء عند الحاجة وقد يكون خارج هذه القائمة.

وخلص إلى أن تسريب أسماء القائمة قد يحوّلهم إلى أهداف للتصفيات أو أدوات ضغط سياسية، لما للكشف عن الأسماء من تداعيات سلبية، حيث قد يُفهم خطأ في المجتمع بأن المذكورة أسماؤهم أصبحوا قادة فعليين، أو قد يُساء استخدام القائمة، وأن “سرية عمل اللجنة تحمي المجتمع من تداعيات غير ضرورية”.

صلاحيات مجلس الخبراء

من ناحيته، يكشف الناشط السياسي عبد الرضا داوري عن وجود فريق متكامل يعتني بصحة المرشد الإيراني وأنه على علم بأن خامنئي يمارس برنامجه الرياضي بشكل يومي، كما يحافظ علی برنامجه الأسبوعي لصعود الجبل المطل على شمال طهران مشيا على الأقدام، مضيفا أن معدل أعمار آل خامنئي عادة يتجاوز 100 عام.

وفي حديثه للجزيرة نت، يعتبر داوري، المعروف بقربه من المؤسسات السيادية بسبب سجله المهني في مكاتب الرئاسة السابقة، معارضة المرشد الأعلى للنظر إلى نجله مجتبى مرشحا قياديا محتملا وصية إرشادية، وأنها لا تمنع مجلس خبراء القيادة من اختياره إذا تم التوصل إلى نتيجة أن جميع شروط ومؤهلات القيادة متوفرة لديه.

وأشار داوري إلى أن مجلس خبراء القيادة في إيران يتمتع بأعلى الصلاحيات الدستورية بسبب دوره الرقابي على مرشد البلاد، وأن الأخير لا يستطيع أن يملي إرادته على المجلس الذي يحدد صلاحياته بنفسه، مؤكدا أنه في ظل وجود المجالس المختلفة والمؤسسات الدستورية المتداخلة في إيران لم يعد الحديث عن تشكيل مجلس قيادي مطروحا بعد في طهران.

وخلص المتحدث نفسه إلى أن الديمقراطية الدينية لا تقبل بتشتيت صلاحيات المرشد بين أفراد أعضاء مجلس قيادي، وأن الثقافة السائدة في المجتمع الإيراني لا ترحب بتوريث الحكم، مضيفا أن مكانة المرشد في النظام السياسي الإيراني رمز للوحدة الوطنية، ولا ينبغي التفريط بدور عباءة المرشد التي تؤوي جميع الأوساط السياسية وشرائح المجتمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى