Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ثقافة وفنون

“لقد أحرقوا الخبز”.. أغان من غزة تصنعها التكنولوجيا وتروي الصمود

|

في خضم الحرب، تظل الموسيقى لغة قادرة على كشف الألم وتجسيد الصمود، تتجاوز حدود الفن لتصبح فعل مقاومة ورسالة توثّق المأساة. بهذا التصور، اختار الفلسطيني محمد الأطرش أن يبتكر أغنيات عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، لتكون صوتا يروي حكاية شعبه ويصل بها إلى العالم.

الأطرش، ابن غزة الذي عاش بين أزقتها منذ 40 عاما، فقد عمله ومصدر رزقه بسبب الحرب، لكنه لم يفقد شغفه بالتكنولوجيا. كأب لثلاثة أطفال، قرر أن يحوّل خساراته إلى طاقة إبداعية، مستخدما الذكاء الاصطناعي في كتابة الكلمات وتلحينها وتوليد الأصوات، إضافة إلى اهتمامه بالرسوم المتحركة، ليطلق أعمالا غنائية حظيت باهتمام واسع لما تحمله من رسائل عن الحرب والإصرار على البقاء.

“لقد أحرقوا الخبز”

قبل أيام انتشرت أغنيته “لقد أحرقوا الخبز قبل أن نتمكن حتى من لمسه” (They burned the bread before we could even touch it)، رغم أنه لم يطرحها رسميا بعد. ويقول الأطرش في تصريحاته للجزيرة نت إنه أرسلها إلى عدد من أصدقائه المهتمين بالمجال، لكنه فوجئ بنشرها، موضحا أنها ستُطلق قريبا عبر إحدى المنصات الفلسطينية التي اشترت حقوقها.

ويضيف أنه تفاجأ بحجم التفاعل مع الأغنية، إذ تلقى ردود فعل مشجعة ومحفزة، معتبرا نفسه لا يزال في بداية الطريق، لكنه يحمل شغفا وأملا كبيرا بأن تتوقف الحرب. ويأمل أن يتمكن يوما من امتلاك منزل ولابتوب ومصدر كهرباء ثابت وإمكانيات أفضل، تتيح له الاستمرار في عمله وإيصال رسالة غزة إلى العالم.

تقول كلمات الأغنية:

“غزة ليست عنوانا رئيسيا إنها نبضة قلب..

لكل صرخة صامتة لكل طفل جائع لكل حلم مدفون في التراب..

العالم شاهد لكن الصمت هو خيار..

دع هذه الأغنية يتردد صداها حيث غابت العدالة..

هذه ليست النهاية هذه هي الحقيقة”.

قدّم الأطرش أغنية أخرى بعد استشهاد الصحفي ومراسل الجزيرة أنس الشريف في العاشر من أغسطس/آب الجاري، وأهداها إلى روحه. وكتب عبر حسابه على إنستغرام “كلماتنا وألحاننا ليست سوى محاولة لالتقاط صدى الحقيقة التي نقلتها عدستك وصوتك إلى العالم. لقد حملت الكاميرا كسلاح في وجه الظلم، ونقلت وجع غزة بصدق. هذا العمل إهداء لروحك الحرة، ولكل من جعل من الكلمة والصورة أمانة، ومن الصمت خيانة. رحلت، لكن رسالتك باقية ما بقيت الحقيقة”.

ويضيف الأطرش في حديثه للجزيرة نت أن فكرة الأغنية ولدت بعد استشهاد أنس الشريف، متأثرا برمزيته كصحفي من غزة صامد في أرضه ومتمسك بمبادئه. ويوضح أنه اختار أن يكتبها باللغة الإنجليزية لسببين؛ الأول كونها لغة عالمية تتيح وصول الرسالة إلى جمهور أوسع، والثاني لأن أدوات الذكاء الاصطناعي تتعامل مع الإنجليزية بكفاءة واحترافية أكبر.

جمع محمد الأطرش بين شغفه بالتصميم والمونتاج وعالم الـ3D والجرافيك، وبين ما أتاحته ثورة الذكاء الاصطناعي، ليكون ذلك الدافع وراء سلسلة من الأغنيات التي بدأ بإنتاجها ونشرها عبر حساباته على فيسبوك وإنستغرام وتيك توك.

ويقول محمد الأطرش “رغم الإبادة والمجاعة، لا بد أن نحافظ على تواصلنا مع العالم، خصوصا في ظل ثورة الذكاء الاصطناعي. بدأت قبل عام تقريبا بأغنية أهديتها في ذكرى رحيل والدي، ثم راحت الأفكار تكبر وتتوسع، وصولا إلى آخر عمل قدمته عن أنس الشريف رحمه الله”.

ويعترف الأطرش بضعفه في كتابة الكلمات، موضحا: “أحيانا أستعين بالذكاء الاصطناعي لصياغة النصوص، ثم أعدلها لتناسب الغناء”. وأضاف أنه فوجئ بحجم التفاعل الذي حصدته أعماله، لاسيما أغنيته الأخيرة التي تصدرت الترند على إنستغرام وتيك توك، محققة مشاهدات ومشاركات لم يكن يتوقعها.

وعن الظروف التي يعمل فيها أوضح “لا يوجد فريق يساعدني، أملك فقط اتصال إنترنت ضعيف 2 ميغا أو 4 ميغا في أفضل الأحوال، إضافة إلى هاتف قديم وإمكانات متواضعة جدا”.

ويتابع “استخدمت الرسوم المتحركة لأنها قادرة على مخاطبة الجميع، ويمكن صياغتها وتحريكها بحرية.

في البداية كنت ألجأ إلى مواد مصورة متاحة على الإنترنت، لكن معظمها كان يحمل توقيعات من التقطوها، وهو ما جعل الأمر مزعجا. مع تجربة أغنية أنس الشريف قررت استخدام الرسوم المتحركة، ونجحت الفكرة أكثر وأوصلت الرسالة بشكل أفضل”.

يعيش محمد الأطرش في غزة منذ 4 عقود، وهو أب لثلاثة أطفال فقد مصدر رزقه مع اندلاع الحرب. آخر عمل له كان عام 2017 في قناة “الكتاب” التابعة للجامعة الإسلامية قبل أن تنهار وتُغلق نتيجة الحصار.

على مدى سنوات، ساهم الأطرش في تأسيس عدد من المشاريع الإعلامية، من بينها إذاعة “القرآن التعليمية” التابعة للجامعة الإسلامية، وإذاعة “الإرادة” الموجهة لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة، كما عمل في مؤسسات وإذاعات محلية عدة. بدأ مسيرته في المونتاج الصوتي، ثم طور مهاراته ليعمل في مونتاج الفيديو ويتعلم الجرافيك، وصولا إلى تجربته الحالية في التصميم والإنتاج باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى