لماذا استهدفت إسرائيل “الرجل الثاني” في القسام الآن؟

أعلنت إسرائيل عن استهدافها قيادياً بارزاً في حركة حماس في قطاع غزة، في عملية عسكرية أثارت جدلاً حول توقيتها وتداعياتها المحتملة على مفاوضات وقف إطلاق النار. يأتي هذا الاستهداف في ظل حالة من التوتر المستمر، ويثير تساؤلات حول مستقبل الوضع الأمني في المنطقة، خاصةً مع استمرار الجهود الدبلوماسية للوصول إلى حل دائم. وتعتبر هذه العملية تطوراً هاماً في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وتلقي الضوء على التحديات التي تواجه أي اتفاق سلام مستقبلي.
ورغم أن الجيش الإسرائيلي لم يكشف عن اسم القيادي المستهدف بشكل رسمي، إلا أن وسائل الإعلام الإسرائيلية رجحت أن يكون رائد سعد، والذي وصفته بأنه شخصية بارزة في كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس. وتأتي هذه الخطوة بعد فترة من الهدوء النسبي، حيث يراقب المراقبون عن كثب ردود الفعل المحتملة من الجانب الفلسطيني.
تداعيات الاستهداف وتأثيره على مفاوضات وقف إطلاق النار
أفاد مراسل الجزيرة بأن عدم الإعلان عن اسم القيادي المستهدف يعكس حذرًا إسرائيليًا، وربما عدم التأكد الكامل من نجاح العملية. غالبًا ما تنتظر البيانات الرسمية تأكيدًا استخباراتيًا قبل الإعلان عن تفاصيل كهذه، وذلك لتجنب أي إحراج محتمل.
وبحسب التقارير، فإن إسرائيل تتهم رائد سعد بالعمل على إعادة تأهيل البنية التحتية العسكرية لحماس، وتحديدًا تلك التي تستهدف إسرائيل. هذا الاتهام يمثل تبريرًا إسرائيليًا للعملية، حيث تعتبر تل أبيب أي جهود لتسليح حماس تهديدًا لأمنها القومي.
تزامنت هذه العملية مع حملة إعلامية إسرائيلية تهدف إلى إبراز دور رائد سعد في حماس، وتصويره كأحد المسؤولين الرئيسيين عن هجوم السابع من أكتوبر. تهدف هذه الحملة إلى تبرير عملية الاغتيال في نظر الرأي العام الدولي.
أعلنت مصادر إسرائيلية عن نجاح العملية، مشيرة إلى أن رائد سعد كان من مهندسي هجوم أكتوبر، ويعمل على إعادة تنظيم حماس والتخطيط لعمليات مستقبلية. ومع ذلك، لم يتم تأكيد هذه الأنباء بشكل مستقل.
في غضون ذلك، أفادت مصادر طبية في غزة باستشهاد خمسة أشخاص وإصابة أكثر من 25 آخرين جراء قصف إسرائيلي استهدف سيارة مدنية جنوب غربي مدينة غزة. يعكس هذا الحادث الأضرار الجانبية المحتملة للعمليات العسكرية، ويثير مخاوف بشأن سلامة المدنيين.
الخلاف حول انتهاك الاتفاق
يثير هذا الاستهداف تساؤلات حول مدى التزام إسرائيل ببنود اتفاق وقف إطلاق النار. يرى البعض أن العملية تمثل انتهاكًا واضحًا للاتفاق، بينما يدافع مسؤولون إسرائيليون عن حقهم في الدفاع عن النفس، مشيرين إلى أن الاتفاق لا يشمل القيادات العسكرية لحماس.
وتشير التقارير إلى أن إسرائيل تعتبر جميع قيادات حماس أهدافًا مشروعة، ولا تعترف بأي حصانة لهم بموجب اتفاق وقف إطلاق النار. هذا الموقف يعكس رؤية إسرائيل لحماس كمنظمة إرهابية، ويبرر في نظرها استهداف أي من قادتها.
التوقيت السياسي للعملية
يأتي توقيت هذه العملية في ظل تزايد الضغوط الأمريكية على إسرائيل للانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار. قد تسعى إسرائيل من خلال هذا التصعيد إلى فرض شروطها الخاصة، أو عرقلة تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق. وقف إطلاق النار هو محور النقاش الدبلوماسي الحالي.
ويرى مراقبون أن إسرائيل تحاول من خلال هذه العملية إرسال رسالة إلى حماس، مفادها أنها لن تتسامح مع أي جهود لإعادة بناء قدراتها العسكرية. كما تسعى إسرائيل إلى إظهار قوتها وردعها أمام المجتمع الدولي.
وتشير بعض التحليلات إلى أن إسرائيل قد تسعى إلى تطبيق نموذج أمني مشابه لما تتبعه في لبنان، حيث تنفذ عمليات اغتيال مستمرة ضد كوادر حزب الله. هذا النموذج يعكس استراتيجية إسرائيلية طويلة الأمد، تهدف إلى إضعاف الجماعات المسلحة التي تعتبرها تهديدًا لأمنها.
من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة تصعيدًا في التوتر بين إسرائيل وحماس، مع احتمال حدوث ردود فعل من الجانب الفلسطيني. الوضع الأمني في غزة يبقى هشًا للغاية. تعتبر زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي لواشنطن حدثًا بالغ الأهمية، حيث من المتوقع أن يناقش مع المسؤولين الأمريكيين مستقبل مفاوضات الهدنة. سيكون رد فعل حماس على هذا الاستهداف، وموقف الإدارة الأمريكية، من العوامل الرئيسية التي ستحدد مسار الأحداث في الأيام والأسابيع القادمة.





