شهدت أسعار الفضة ارتفاعًا ملحوظًا في أواخر عام 2025، حيث تجاوزت 67 دولارًا للأونصة، مسجلةً مكاسب سنوية تتجاوز 132%. هذا الارتفاع اللافت للنظر جعل الفضة تتفوق على أداء الذهب، الذي حقق مكاسب بلغت حوالي 65% خلال نفس الفترة. يرجع هذا الصعود القوي إلى تضافر عوامل متعددة، تشمل زيادة الطلب الاستثماري، وتراجع المعروض، بالإضافة إلى التحولات في الاقتصاد الكلي.
يأتي هذا الارتفاع بعد سنوات من الأداء الضعيف للفضة مقارنة بالذهب، حيث كانت تعتبر غالبًا مجرد معدن صناعي أكثر من كونها مخزنًا للقيمة. ولكن مع تغير الظروف الاقتصادية والسياسية العالمية، بدأت الفضة تستعيد بريقها كأصل استثماري جذاب، مدفوعةً بمجموعة من العوامل المتشابكة.
لماذا تضاعف سعر الفضة مرتين في عام 2025؟
وفقًا لتقارير حديثة، لم يكن صعود سعر الفضة مجرد تقلب عابر في سوق السلع، بل يمثل تحولًا جوهريًا يعكس قناعة متزايدة بقيمة هذا المعدن. يعزى هذا التحول إلى ثلاثة مسارات رئيسية تداخلت خلال العام.
أولاً، شهدت تدفقات الاستثمار نحو الفضة انعكاسًا كبيرًا، حيث بدأت الصناديق المتداولة المدعومة بالفضة في جذب رؤوس الأموال بعد سنوات من تدفقها للخارج. هذا التدفق النقدي أدى إلى زيادة الطلب على الفضة، وساهم في دفع أسعارها إلى الأعلى. وقد سجلت العديد من هذه الصناديق عوائد مذهلة، تقارب أو تتجاوز 100% خلال العام.
ثانيًا، عاد الطلب الصناعي على الفضة بقوة. تعتبر الفضة مكونًا أساسيًا في العديد من الصناعات، بما في ذلك الخلايا الشمسية، والإلكترونيات، وتقنيات الجيل الخامس، والسيارات الكهربائية. مع النمو المستمر لهذه الصناعات، زاد الطلب على الفضة، مما أدى إلى الضغط على المعروض المحدود.
أخيرًا، لعبت البيئة الاقتصادية الكلية دورًا مهمًا في دعم أسعار الفضة. تراجع الدولار الأمريكي، وانخفاض أسعار الفائدة، بالإضافة إلى بعض الإجراءات التنظيمية التي قد تعزز مكانة الفضة كمعدن استراتيجي، ساهمت جميعها في تغيير نظرة المستثمرين تجاه الفضة. ويعتبر بعض الخبراء الفضة وسيلة تحوط جيدة ضد التضخم وتقلبات الأسواق.
الآفاق المستقبلية لسوق الفضة
تتوقع بعض التحليلات استمرار صعود أسعار الفضة في المستقبل، مدفوعةً باستمرار العوامل الداعمة المذكورة أعلاه. ومع ذلك، هناك أيضًا مخاطر محتملة قد تؤدي إلى تراجع الأسعار، مثل التحول المفاجئ في السياسات النقدية، أو ارتفاع الدولار الأمريكي، أو حدوث عمليات بيع مكثفة من قبل المستثمرين الكبار.
تشير التقديرات إلى ثلاث سيناريوهات محتملة. السيناريو الأول هو امتداد الاتجاه الصعودي، حيث يمكن أن تصل الأسعار إلى 70 دولارًا للأونصة أو أكثر في أوائل عام 2026، إذا استمرت تدفقات الاستثمار وثبات الطلب الصناعي. بينما السيناريو الثاني هو فترة من التماسك، حيث قد تشهد الأسعار استقرارًا نسبيًا أو تراجعًا طفيفًا، بسبب جني الأرباح أو التقلبات قصيرة الأجل. أما السيناريو الثالث، فهو الأكثر تشاؤمًا، حيث يمكن أن تشهد الأسعار انخفاضًا حادًا إذا تغيرت الظروف الاقتصادية والسياسية بشكل كبير.
من المتوقع أن تشهد الأشهر القليلة القادمة مزيدًا من التقلبات في سوق الفضة، حيث يستجيب المستثمرون لأحدث البيانات الاقتصادية والأخبار الجيوسياسية. سيراقب المحللون عن كثب تطورات الطلب الصناعي، وتدفقات الاستثمار، وأداء الدولار الأمريكي، بالإضافة إلى أي تغييرات في السياسات النقدية للبنوك المركزية الرئيسية. يتوقع أن تكون هذه العوامل حاسمة في تحديد مسار أسعار الفضة خلال عام 2026.
تُعتبر الفضة أيضًا بديلاً عن الاستثمار في الذهب، خاصةً مع ارتفاع أسعار الذهب. الاستثمار في المعادن الثمينة بشكل عام، بما في ذلك الفضة، يعتبر وسيلة لتنويع المحافظ الاستثمارية وتقليل المخاطر. التحركات المستقبلية في أسعار الفضة قد تكون مرتبطة أيضًا بتحركات أسعار الذهب والبلاتين والمعادن الأخرى.
