Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سياسة

لوبوان تكشف الذاكرة المدفونة لحرب فرنسا في الكاميرون

تكشف مجلة لوبوان عن واحدة من أكثر الفترات دموية وتعتيما في تاريخ الكاميرون الحديث، بالعودة إلى شهادات حية حول قمع فرنسا لتمرد الاستقلاليين. هذا التقرير يلقي الضوء على فترة حساسة من تاريخ الكاميرون، ويستعرض تفاصيل الحرب القذرة التي خاضتها فرنسا في محاولة لقمع الحركة الاستقلالية، مما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من الكاميرونيين.

التقرير، الذي كتبه غيوم بيرييه، يعيد إلى الواجهة ذاكرة هذه الحقبة المؤلمة، والتي اتسمت بالصمت الرسمي والتواطؤ في طمس الحقيقة. ويستند إلى شهادات شهود عيان، بما في ذلك البروفيسور تيتاني إيكوي، أحد آخر الناجين من تلك الفترة، والذي قرر كسر صمته بعد عقود من الصمت.

شهادات حية على فظائع الحرب القذرة

يروي البروفيسور إيكوي، الذي نشأ في ثكنة عسكرية في منطقة باميليكي، مشاهداته المباشرة للاعتقالات والتعذيب والإعدامات السرية التي استهدفت مناضلي حزب اتحاد شعوب الكاميرون، وعلى رأسهم جاكوب فوسي، المعروف باسم نيكوديم. لقد شهد بعينيه وحشية القمع الفرنسي.

وتصل المأساة إلى ذروتها في شهادته عن ليلة الثامن إلى التاسع من مايو/أيار 1957، عندما ألقي العشرات من السجناء الاستقلاليين في شلالات ميتشي. كان هذا الفعل بمثابة إعدام جماعي وحشي، حيث تم رمي السجناء وهم مكبلون، وشهد إيكوي لحظاتهم الأخيرة.

ويضيف إيكوي أن جاكوب فوسي، الذي عقد معه صداقة من وراء القضبان، قاوم بشجاعة أثناء رميه في الشلال، حيث أمسك بقائد الدرك الفرنسي أوتارد وجره معه إلى الهاوية. هذه الحادثة، على الرغم من تجاهلها في الأرشيفات الرسمية، تظل رمزًا للمقاومة البطولية.

تكتيكات القمع الفرنسية وتأثيرها على الكاميرون

لم تقتصر فظائع تلك الفترة على شلالات ميتشي. يشير التقرير إلى أن القرى المجاورة كانت تتعرض لحملات تمشيط وقصف جوي وحرق ممنهج، بهدف ترويع السكان وكبح أي دعم للحركة الاستقلالية. كما يذكر التعذيب الوحشي والإعدامات العلنية وعرض رؤوس المقاومين في الساحات العامة.

وعلى الرغم من إعلان استقلال الكاميرون عام 1960، يوضح التقرير أن القمع لم يتوقف فعليًا. فقد واصل نظام الرئيس أحمدو أهيجو، بدعم فرنسي، السياسات القمعية نفسها، مما أدى إلى اغتيال أو إعدام أبرز قادة الحركة الاستقلالية، مثل روبين أوم نييوب وفيليكس مومييه وإرنست وواندي.

الاستعمار الفرنسي في الكاميرون ترك ندوبًا عميقة في الذاكرة الجماعية، ولا تزال تداعياته محسوسة حتى اليوم. وتشير المجلة إلى أن هذه الفترة تمثل نقطة تحول في تاريخ البلاد، وأثرت بشكل كبير على مسارها السياسي والاجتماعي.

الذاكرة الجماعية والاعتراف بالمسؤولية

يبرز التقرير مفارقة الذاكرة الجماعية في الكاميرون، حيث لا يزال أبطال الاستقلال محل إعجاب صامت، بينما يتم الاحتفاء ببعض المتعاونين مع الاستعمار عبر تماثيل وأسماء مدن. هذا يعكس استمرار النظام السياسي الموروث عن الحقبة الاستعمارية، وصعوبة مواجهة الماضي.

ومع ذلك، يشير التقرير إلى خطوة إيجابية اتخذتها فرنسا في السنوات الأخيرة، بعد أن طلب الرئيس إيمانويل ماكرون عام 2022 فتح ملف الحرب الاستعمارية في الكاميرون. وقد أدت هذه الخطوة إلى تشكيل لجنة مشتركة فرنسية كاميرونية أصدرت تقريراً في يناير/كانون الثاني 2025 يدعو فرنسا إلى الاعتراف بمسؤوليتها المباشرة عن القتل والقمع الممنهج.

الاعتراف بالمسؤولية هو خطوة ضرورية نحو المصالحة وبناء مستقبل أفضل للعلاقات بين الكاميرون وفرنسا. كما أنه يمثل اعترافًا بآلام ومعاناة ضحايا الاستعمار.

من المتوقع أن يتم تقديم هذا التقرير رسميًا إلى الرئيس الكاميروني بول بيا في حفل في ياوندي. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الرئيس بيا سيستجيب لدعوات الاعتراف بالمسؤولية وتقديم التعويضات للضحايا. يجب مراقبة رد فعل الحكومة الكاميرونية عن كثب، وكذلك التطورات في العلاقات بين البلدين في الأشهر المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى