ليبرمان يتهم نتنياهو بسرقة أموال الجنود لإرضاء “الحريديم”

أثار تصريح أفيغدور ليبرمان، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، جدلاً واسعاً حول توزيع الموارد المالية في إسرائيل، وتحديداً فيما يتعلق بالخدمة العسكرية الإلزامية. فقد اتهم ليبرمان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتحويل أموال مخصصة للجنود إلى الأحزاب الحريدية مقابل دعمها السياسي، مما زاد من حدة النقاش الدائر حول مشروع قانون مثير للجدل يهدف إلى تنظيم التجنيد في الجيش الإسرائيلي. هذا الجدل حول التجنيد الإلزامي يأتي في وقت يشهد فيه الجيش الإسرائيلي تحديات متزايدة.
جاءت تصريحات ليبرمان خلال مقابلة إذاعية، بالتزامن مع مناقشة الكنيست لمشروع قانون يرى معارضوه أنه يكرس استثناءات واسعة للحريديم من الخدمة العسكرية. ووفقاً لليبرمان، فإن نتنياهو يضع مصالح الأحزاب الحريدية فوق احتياجات الجيش وأفراده، ويخشى فقدان دعمها في أي تركيبة حكومية مستقبلية. هذا الوضع يثير تساؤلات حول أولويات الحكومة الإسرائيلية وتأثيرها على الأمن القومي.
مشروع قانون التجنيد في الكنيست والجدل الدائر
يركز الجدل الحالي على مشروع قانون يناقشه الكنيست، والذي يسمح لطلاب المدارس الدينية (يشيفا) بتأجيل خدمتهم العسكرية سنوياً طالما هم منخرطون في الدراسة بدوام كامل ولا يمارسون أي مهنة أخرى. يهدف هذا القانون، بحسب مؤيديه، إلى الحفاظ على التوازن بين احتياجات الجيش وحرية المعتقد الديني.
ومع ذلك، يرى منتقدو القانون أنه يخلق ثغرات واسعة تسمح بالتهرب من التجنيد، ويضع عبئاً غير عادل على بقية المواطنين. كما يشيرون إلى أن النسخة الحالية من القانون قد خففت من العقوبات المفروضة على المتخلفين عن الخدمة، مما يقلل من فعاليته في تشجيع التجنيد. هذا التخفيف يثير قلقاً بشأن المساواة في الخدمة العسكرية.
تاريخ التجنيد الإلزامي في إسرائيل والتوترات مع الحريديم
لطالما كانت مسألة التجنيد الإلزامي في إسرائيل قضية حساسة ومثيرة للانقسام، خاصة فيما يتعلق بالحريديم الذين يشكلون حوالي 13% من السكان. تاريخياً، تمتع الحريديم بإعفاءات من الخدمة العسكرية، بحجة أن دراسة التوراة هي مساهمتهم الأساسية في المجتمع.
لكن هذا الإعفاء أثار انتقادات متزايدة على مر السنين، خاصة في ظل الحروب والصراعات المتكررة التي تشهدها إسرائيل. يرى الكثيرون أن الحريديم يجب أن يشاركوا في تحمل عبء الدفاع عن البلاد، وأن استمرار إعفائهم يخلق شعوراً بالظلم وعدم المساواة.
في عام 2024، أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قراراً يلزم الحريديم بالتجنيد، ويمنع تقديم مساعدات مالية للمؤسسات الدينية التي يرفض طلابها الخدمة العسكرية. أثار هذا القرار احتجاجات واسعة من قبل الحريديم، الذين يعتبرونه تهديداً لأسلوب حياتهم وهويتهم الدينية.
الخلافات السياسية وتأثيرها على القانون
تفاقمت الأزمة السياسية حول التجنيد الإلزامي بعد انسحاب حزبي “شاس” و”يهدوت هتوراه” من الائتلاف الحكومي، وربطهما عودتهما بتمرير مشروع قانون يمنح الحريديم إعفاءات من الخدمة العسكرية. هذا الانسحاب يضع نتنياهو في موقف صعب، حيث قد يضطر إلى تقديم تنازلات كبيرة للأحزاب الحريدية من أجل الحفاظ على أغلبية برلمانية.
وتشير التقديرات إلى أن تمرير القانون قد يؤدي إلى انتخابات مبكرة، حيث تنتهي ولاية الكنيست الحالي في أكتوبر 2026. بالإضافة إلى ذلك، فإن مسألة التجنيد مرتبطة بقضايا أخرى مثل الميزانية الحكومية وتوزيع الموارد المالية، مما يجعلها أكثر تعقيداً وصعوبة في الحل.
الوضع الحالي يعكس أيضاً التوترات المتزايدة بين العلمانيين والحريديم في إسرائيل، حيث يرى العلمانيون أن الحريديم لا يتحملون نصيبهم العادل من المسؤولية الوطنية، بينما يرى الحريديم أنهم يتعرضون للتمييز والاضطهاد بسبب معتقداتهم الدينية. هذه التوترات قد تؤدي إلى مزيد من الانقسامات والصدامات في المجتمع الإسرائيلي.
بالإضافة إلى التجنيد الإلزامي، تتناول النقاشات أيضاً قضايا المساواة في الخدمة و الخدمة الوطنية المدنية كبدائل للخدمة العسكرية.
من المتوقع أن يستمر النقاش حول مشروع قانون التجنيد في الكنيست خلال الأسابيع القادمة، مع احتمال إجراء تعديلات عليه في محاولة للتوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف. ومع ذلك، فإن التحديات كبيرة، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الحكومة الإسرائيلية ستتمكن من تمرير القانون وتجنب أزمة سياسية أعمق. يجب مراقبة رد فعل الأحزاب المعارضة والمجتمع المدني عن كثب، بالإضافة إلى أي تطورات جديدة في المفاوضات بين الحكومة والأحزاب الحريدية.





