Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
دولي

مؤتمر الجزيرة للدراسات يدعو إلى رؤية أفريقية لتجاوز التبعية وتحقيق التكامل والاستدامة

الدوحة – اختتم مركز الجزيرة للدراسات مؤتمره السنوي الرابع الذي ركز على “أفريقيا وتحديات الأمن والسيادة في ظل التحولات الجيوسياسية الراهنة”، وذلك يوم الأحد في العاصمة القطرية. جمع المؤتمر نخبة من الخبراء والأكاديميين والصحفيين لمناقشة القضايا الملحة التي تواجه القارة السمراء، وخلص إلى ضرورة صياغة رؤية أفريقية شاملة تعزز الاستقلال السياسي والاقتصادي، وتدعم التكامل الإقليمي، وتبني سياسات مستدامة طويلة الأمد. وتأتي هذه التوصيات في وقت تشهد فيه أفريقيا تغيرات جيوسياسية متسارعة وتحديات أمنية معقدة.

استمر المؤتمر على مدار يومين، وشهد نقاشات معمقة حول أسباب استمرار التبعية، وآليات تحقيق الاكتفاء الذاتي، ودور المنظمات الإقليمية في تعزيز الاستقرار. وشدد المشاركون على أهمية معالجة الإرث الاستعماري وتأثيره المستمر على التنمية في أفريقيا، بالإضافة إلى ضرورة تعزيز التعاون بين الدول الأفريقية لمواجهة التحديات المشتركة.

تجاوز التبعية السياسية والاقتصادية: رؤية جديدة لأفريقيا

أحد المحاور الرئيسية للمؤتمر كان البحث عن سبل لتجاوز إرث التبعية السياسية والاقتصادية الذي تعاني منه القارة الأفريقية منذ فترة طويلة. وأشار الخبراء إلى أن غياب رؤية وطنية واضحة بعد الاستقلال، والانتقال من القضايا الجامعة إلى المصالح الفردية الضيقة، قد ساهم في ترسيخ هذه التبعية. ويرى المحللون أن تحقيق الاستقلال الحقيقي يتطلب إصلاحًا شاملاً للبنية المؤسسية والإدارية، وتعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد والسلطة.

كما ناقش المشاركون أهمية تنويع الشراكات الاقتصادية، والابتعاد عن الاعتماد على دولة واحدة أو مجموعة دول. واقترحوا التركيز على تطوير الصناعات المحلية، وتحسين البنية التحتية، وتعزيز التجارة البينية الأفريقية، وهي عوامل أساسية لتحقيق النمو المستدام والازدهار الاقتصادي. وتعتبر الاستثمارات في التعليم والتدريب المهني ضرورية لتأهيل الكوادر الأفريقية القادرة على قيادة التنمية.

التكامل الإقليمي: فرص وتحديات

ركز المؤتمر أيضًا على واقع التعاون والتكامل الإقليمي في أفريقيا، حيث أظهرت الدراسات أن حجم التجارة البينية لا يزال ضعيفًا مقارنة بالقارات الأخرى، على الرغم من وجود اتفاقيات تجارية ومؤسسات إقليمية قوية. ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، منها ضعف البنية التحتية، والقيود التجارية غير الجمركية، وعدم التنسيق الكافي بين الدول الأعضاء.

هناك جدل مستمر حول فاعلية المنظمات الإقليمية في أفريقيا. يرى البعض أنها حققت إنجازات ملموسة في مجالات مثل حفظ السلام، وحل النزاعات، وتعزيز التعاون الاقتصادي. بينما ينتقد آخرون ضعفها في التعامل مع الأزمات، وتداخل عضوياتها، مما يؤدي إلى تعارض في الأهداف والسياسات. ويتفق معظم الخبراء على أن تعزيز دور المنظمات الإقليمية يتطلب توفير الدعم المالي والتقني اللازم، وتحسين آليات التنسيق والتعاون بينها.

الأمن والسيادة في أفريقيا: قضايا متداخلة

تطرق المؤتمر إلى التحديات الأمنية المتزايدة التي تواجه القارة الأفريقية، مثل الإرهاب، والجريمة المنظمة، والنزاعات المسلحة. وأشار المشاركون إلى أن هذه التحديات غالبًا ما تكون مرتبطة بقضايا السيادة، حيث تسعى بعض القوى الخارجية إلى التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأفريقية، واستغلال مواردها الطبيعية. ويرى الخبراء أن تعزيز الأمن والسيادة في أفريقيا يتطلب بناء قدرات وطنية قوية، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.

كما ناقش المؤتمر أهمية معالجة الأسباب الجذرية للنزاعات، مثل الفقر، والبطالة، والتهميش الاجتماعي، والفساد. واقترحوا تبني استراتيجيات شاملة للتنمية المستدامة، تعتمد على المشاركة المجتمعية، وتعزيز الحكم الرشيد، وضمان توزيع عادل للموارد. ويعتبر الاستثمار في الشباب، وتمكينهم من المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية، أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق الاستقرار والسلام في أفريقيا.

في الختام، أكد المشاركون على أهمية استمرار الحوار والتعاون بين الدول الأفريقية، والجهات الفاعلة الأخرى، لمواجهة التحديات المشتركة، وتحقيق التنمية المستدامة. ومن المتوقع أن يصدر مركز الجزيرة للدراسات تقريرًا مفصلًا يتضمن توصيات المؤتمر، والذي سيتم تقديمه إلى الحكومات الأفريقية والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية. وستراقب الأوساط الإقليمية والدولية مدى استجابة هذه الجهات لتوصيات المؤتمر، وكيف ستؤثر على مستقبل القارة الأفريقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى