ماكرون يُروج لـ”صنع في أوروبا” لمواجهة المنافسة الصينية في صناعة السيارات الكهربائية

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن دعمه لسياسة “الأفضلية الأوروبية” في سوق السيارات الكهربائية، في ظل مناقشات الاتحاد الأوروبي حول مقترحات جديدة تهدف إلى تنظيم صناعة السيارات. تأتي هذه الخطوة في وقت يرى فيه العديد من المصنّعين الأوروبيين ضرورة حماية إنتاجهم من المنافسة المتزايدة، خاصةً من الصين، في قطاع السيارات الكهربائية. وتهدف هذه السياسة إلى تعزيز القدرة التنافسية للشركات الأوروبية في هذا السوق الحيوي.
وجاء تأكيد ماكرون خلال زيارته لتشنغدو في الصين، حيث أكد على أن حماية قاعدة الإنتاج الأوروبية أصبحت ضرورة اقتصادية واستراتيجية. وأشار إلى وجود توافق مع ألمانيا حول هذا التوجه، مع التركيز على تحقيق مرونة تكنولوجية أكبر بحلول عام 2035. ويأتي هذا الجهد بالتوازي مع مراجعة الاتحاد الأوروبي لإستراتيجيته الخاصة بإزالة الكربون في قطاع السيارات.
حماية الإنتاج الأوروبي للسيارات الكهربائية
تعتزم فرنسا، وفقا لتصريحات ماكرون، تطبيق معايير “الأفضلية الأوروبية” التي تشترط على السيارات الكهربائية لتستفيد من الدعم الحكومي أن تكون مصنعة في أوروبا، أو على الأقل، أن تحتوي على نسبة كبيرة من المكونات المصنعة داخل الاتحاد الأوروبي. ويقترح البعض وضع علامة “صنع في أوروبا” لقطع السيارات، بحيث تتطلب هذه العلامة أن تكون 80% من المكونات محلية، في محاولة لإنشاء حاجز دفاعي ضد التوسع الصيني.
يأتي هذا المقترح في وقت تعاني فيه الصناعة الأوروبية من ضغوط متزايدة بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة والمواد الخام، بالإضافة إلى المنافسة الشديدة من الشركات الصينية التي تتمتع بدعم حكومي كبير وتكاليف إنتاج أقل. ويرى بعض الخبراء أن هذه السياسات قد تؤدي إلى تصعيد التوترات التجارية مع الصين.
مخاوف الصناعة الأوروبية وتأثيرها على القرارات
تضغط شركات صناعة السيارات الأوروبية بقوة من أجل تخفيف قواعد الانبعاثات، وذلك تخوفًا من فقدان الوظائف وتفاقم مشكلة التنافسية. ويرون أن الانتقال السريع إلى السيارات الكهربائية قد يكون صعبًا ومكلفًا، خاصةً مع استمرار الطلب على سيارات محركات الاحتراق الداخلي.
وفي هذا السياق، أفادت وكالة بلومبيرغ بأن المفوضية الأوروبية تعيد النظر في إستراتيجية إزالة الكربون في قطاع السيارات. ومع ذلك، تشدد المفوضية على أهمية تحقيق أهداف المناخ الطويل الأجل، وتؤكد على أن الانتقال إلى السيارات الكهربائية أمر لا مفر منه. ويشمل النقاش مسألة القيود المفروضة على بيع سيارات محركات الاحتراق الداخلي بحلول عام 2035.
التداعيات المحتملة والخطوات التالية
يرى محللون أن مبادرة ماكرون تمثل تصعيدًا في الصراع التجاري مع الصين، وتشير إلى رغبة أوروبا في حماية صناعتها المحلية. من المرجح أن تثير هذه الخطوة ردود فعل من الشركات الصينية والحكومة الصينية، وقد تؤدي إلى فرض إجراءات مضادة.
بالإضافة إلى ذلك، قد تؤثر هذه السياسات على أسعار السيارات الكهربائية للمستهلكين الأوروبيين، حيث قد ترتفع التكاليف بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج والتأثير المحتمل للرسوم الجمركية. وينتظر أن تعلن المفوضية الأوروبية عن مقترحاتها الجديدة لصناعة السيارات في الأشهر القادمة، وسيكون من المهم مراقبة ردود الفعل من مختلف الأطراف المعنية.
ويرجح أن تشهد الفترة القادمة مفاوضات مكثفة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي للوصول إلى اتفاق بشأن هذه المقترحات. مستقبل السيارات الكهربائية في أوروبا، والقدرة التنافسية لصناعتها، والتوازن في العلاقات التجارية مع الصين، كلها عوامل ستحدد بشكل كبير مسار هذه المناقشات ونتائجها النهائية. سيكون من المهم أيضا متابعة تطورات التكنولوجيا المتعلقة بـ البطاريات الكهربائية، وهي عنصر أساسي في السيارات الكهربائية، وحصص الإنتاج والتصنيع الأوروبية منها.





