ما آمال دمشق من زيارة وفدها إلى موسكو؟

موسكو – أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن المحادثات التي أجراها وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كانت “مثمرة” وناقشت قضايا ثنائية رئيسية بالإضافة إلى الوضع الإقليمي. وتأتي هذه المحادثات في إطار تعزيز العلاقات السورية الروسية وتعميق التعاون في مجالات متعددة، وفقًا لتصريحات لافروف.
وأشار لافروف إلى أن الجانبين ركّزا على تطوير التعاون الثنائي ومناقشة الوضع في الشرق الأوسط بشكل عام، مع تأكيد الجانب السوري على استعداده لتعزيز هذا التعاون. كما جدد موسكو تأكيدها على التزامها بسيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها، وهو موقف ثابت تتبناه روسيا تجاه الأزمة السورية.
مرحلة جديدة في العلاقات السورية الروسية
تأتي زيارة الشيباني إلى موسكو، برفقة وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ومسؤولين في الاستخبارات، في وقت تشهد فيه سوريا تحولات سياسية واقتصادية كبيرة. وتهدف الزيارة إلى وضع أسس شراكة استراتيجية جديدة بين البلدين، تتجاوز التحديات التي واجهت العلاقات السورية الروسية في الماضي.
وشدد الشيباني خلال زيارته على أن العلاقات بين سوريا وروسيا “تدخل مرحلة جديدة بعد التغلب على تبعات المرحلة السابقة”، مؤكدًا سعي دمشق لنقل العلاقة مع موسكو إلى مستوى استراتيجي يخدم مصالح البلدين. وتشمل هذه المرحلة التركيز على إعادة الإعمار وتطوير البنية التحتية المتضررة بسبب سنوات النزاع.
التعاون العسكري والأمني
تعتبر قضية التعاون العسكري والأمني من أهم الملفات التي نوقشت خلال المحادثات بين الجانبين. وتشير التقارير إلى أن سوريا تسعى للاستفادة من الخبرات الروسية في تحديث جيشها وتعزيز قدراته الدفاعية، في ظل التهديدات المستمرة التي تواجهها البلاد. كما تم التأكيد على أهمية استمرار الوجود العسكري الروسي في سوريا، وضمان استقرار المنطقة.
الوضع الاقتصادي وفرص الاستثمار
بالإضافة إلى التعاون العسكري، ناقشت المحادثات أيضًا سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين سوريا وروسيا. وتشهد سوريا حاليًا جهودًا لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، وهو ما يفتح آفاقًا جديدة للاستثمارات الروسية في مشاريع البناء وإعادة الإعمار، وخاصة في قطاعات الطاقة والنقل. وتعتبر روسيا من بين الدول القليلة التي حافظت على علاقات اقتصادية قوية مع سوريا خلال فترة الأزمة.
اعتراف روسي بالسلطات السورية الجديدة
يعتبر المحللون الروس زيارة الشيباني إلى موسكو بمثابة اعتراف رسمي من روسيا بالسلطات السورية الجديدة، وتأكيد على التزامها بدعم الاستقرار في سوريا. وتأتي هذه الخطوة بعد سنوات من الدعم الروسي للحكومة السورية خلال الحرب الأهلية، والتي أسفرت عن تدخلات دولية معقدة.
ويرى الخبير في الشؤون العربية، أندريه أونتيكوف، أن الزيارة تمثل علامة فارقة في بناء علاقات الكرملين مع السلطات في دمشق بعد التطورات الأخيرة. وأضاف أن هذه الزيارة تعكس رغبة روسيا في الحفاظ على نفوذها في سوريا، وتعزيز دورها كلاعب رئيسي في المنطقة.
براغماتية ومصالح مشتركة
تتميز العلاقات السورية الروسية بالبراغماتية والتركيز على المصالح المشتركة. فبالنسبة لروسيا، تمثل سوريا قاعدة استراتيجية مهمة في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى كونها شريكًا تجاريًا واعدًا. أما بالنسبة لسوريا، فتمثل روسيا حليفًا رئيسيًا يمكن الاعتماد عليه في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
وتشير التطورات الأخيرة إلى أن البلدين يسعيان إلى تعزيز هذا التعاون في مختلف المجالات، بما في ذلك السياسة والاقتصاد والعسكر. ومن المتوقع أن تشهد الفترة القادمة المزيد من الزيارات المتبادلة بين المسؤولين السوريين والروس، بهدف وضع خطط عمل مشتركة لتنفيذ هذه الرؤية. وتعتبر قضية اللاجئين السوريين في روسيا من القضايا التي قد تشهد تطورات إيجابية في ضوء هذه العلاقات المتنامية.
من المرجح أن تستمر روسيا في دعم جهود إعادة الإعمار في سوريا، وتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب. كما من المتوقع أن تلعب موسكو دورًا فعالًا في التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، بما يضمن استقرار البلاد ووحدة أراضيها. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من التحديات التي تواجه هذا المسعى، بما في ذلك استمرار التدخلات الخارجية وتعقيد المشهد السياسي السوري. وستبقى التطورات على الساحة السورية، وخاصة فيما يتعلق بالجهود الدبلوماسية والعمليات العسكرية، محور اهتمام المراقبين والمحللين في الفترة القادمة.




