ما الذي دفع الوسطاء لإجراء مباحثات في ميامي قبل زيارة نتنياهو؟

في ظلّ محاولات الوساطة الدولية لإحياء اتّفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تتصاعد المخاوف بشأن التزام إسرائيل بتنفيذ بنود الاتّفاق، وهو ما يثير تساؤلات حول مستقبل العملية السياسية في المنطقة. وتأتي هذه التطورات بينما تتجه الأنظار نحو مباحثات مرتقبة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الاتفاق.
ففي الوقت الذي بحثت فيه الولايات المتحدة، بالتعاون مع قطر ومصر وتركيا، تفاصيل المرحلة الثانية من الاتّفاق، والتي تشمل تبادل الأسرى وتخفيف القيود على قطاع غزة، قصفت إسرائيل مبنى سكنيًا في حي التفاح شرق غزة، مما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من الفلسطينيين. وتعتبر هذه الخطوة، بحسب خبراء، خرقًا واضحًا للاتفاق وقد تقوض الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار.
الوضع في غزة ومستقبل اتفاق وقف إطلاق النار
تكمن أهمية الاجتماع الذي عقد في ميامي بين المبعوثين الأميركيين ونظرائهم من مصر وقطر وتركيا في كونه يسبق اللقاء المباشر بين ترامب ونتنياهو. وتتركز النقاشات حول سبل إقناع إسرائيل بالالتزام ببنود الاتفاق، خاصةً فيما يتعلق بتمكين حكومة موحدة في غزة وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار.
ويرى محللون أن الموقف الإسرائيلي يمثل أكبر تحدٍ أمام تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، إذ يبدو نتنياهو غير راغب في تقديم تنازلات حقيقية. ويوضح أستاذ النزاعات الدولية إبراهيم فريحات أن إصرار نتنياهو على عدم الانسحاب الكامل من غزة، ورغبته في الحفاظ على حالة الحرب، يتعارض مع رؤية الإدارة الأميركية التي تسعى إلى تحقيق نوع من الاستقرار في المنطقة.
من جهته، يشير توماس واريك، المسؤول السابق في الخارجية الأميركية، إلى أن الهدف الأساسي للولايات المتحدة هو تسريع عملية نزع سلاح المقاومة في غزة، حتى تتمكن إسرائيل من التخفيف من ضغوطها العسكرية. إلا أن هذه الرؤية تواجه رفضًا من قبل العديد من الأطراف الدولية والإقليمية.
دور الوساطة العربية والإقليمية
تلعب قطر ومصر وتركيا دورًا محوريًا في جهود الوساطة، وتعمل على إقناع جميع الأطراف بالعودة إلى طاولة المفاوضات والالتزام ببنود الاتفاق. وقد أصدرت هذه الدول بيانًا مشتركًا أثنت فيه على ما تم إنجازه في المرحلة الأولى، وأكدت على أهمية تمكين الحكومة الفلسطينية في غزة.
لكن بلال سلايمة، الباحث في الشؤون الدولية، يعتقد أن الإدارة الأميركية ترغب في أكثر من ذلك، وتسعى إلى ضمان عدم عودة غزة إلى دائرة العنف. ويضيف سلايمة أن واشنطن ترى في الاتفاق فرصة لتوسيع العلاقات الإسرائيلية مع دول المنطقة، وتعزيز محور الاعتدال.
تصعيد أميركي محتمل؟
في المقابل، يرى خبراء آخرون أن الرئيس ترامب قد يواجه صعوبات في إقناع نتنياهو بتغيير مواقفه. ويشير عادل شديد، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، إلى أن إدارة ترامب قد تضطر إلى تقديم تنازلات لإسرائيل، مقابل الحصول على دعمها في قضايا أخرى.
ويضيف شديد أن نتنياهو قد يسعى إلى استغلال الزيارة المرتقبة لواشنطن للحصول على المزيد من الدعم، حتى يتمكن من مواصلة القتال في جبهات أخرى. وهذا قد يؤدي إلى تفاقم الوضع في المنطقة وزيادة التوترات.
في الختام، يبقى مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة معلقًا على نتائج المباحثات بين ترامب ونتنياهو، وعلى مدى قدرة الأطراف الدولية والإقليمية على التوصل إلى حلول مرضية للجميع. ومن المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيدًا من التطورات والجهود الدبلوماسية، إلا أن الوضع يبقى هشًا وغير مستقر، وهو ما يتطلب حذرًا شديدًا ومسؤولية مشتركة من جميع الأطراف. وتشكل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية تحديًا كبيرًا للجهود المبذولة، وتلقي بظلالها على فرص تحقيق السلام والاستقرار في قطاع غزة.





