ما الذي سيفعله ترامب إزاء تجاهل نتنياهو الواضح لأهدافه في سوريا؟

في ظل استمرار التوترات الإقليمية، تتصاعد المخاوف بشأن مستقبل سوريا، وخاصةً مع استمرار التوغلات الإسرائيلية في الأراضي السورية، بينما تسعى الولايات المتحدة إلى لعب دور الوسيط في تحقيق الاستقرار. تترافق هذه التطورات مع تأكيدات متكررة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن رغبته في رؤية سوريا دولة مستقرة ومزدهرة، بالإضافة إلى سعيه لإبرام اتفاق أمني بينها وبين إسرائيل، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى جدية هذه المساعي في ضوء التحديات القائمة على الأرض.
أكد ترامب أن أي إجراء يعيق تحول سوريا إلى دولة مزدهرة أمر غير مقبول، معربًا عن قلقه من أن التوغلات الإسرائيلية قد تعرقل التوصل إلى اتفاق أمني بين البلدين، وتحول دمشق إلى خصم. ووفقًا لمصادر إعلامية، فإن الإدارة الأمريكية الحالية تبدي رضاها عن أداء الرئيس السوري أحمد الشرع، وتشجعه على المضي قدمًا في جهود الاستقرار السياسي والاقتصادي.
الوضع السوري والتوترات الإسرائيلية: نظرة على التطورات
تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات جيوسياسية كبيرة، وتصاعدًا في حدة الصراع بين القوى الإقليمية والدولية. فقد كشف موقع أكسيوس الإخباري عن مشاورات متوترة أجراها المبعوث الأميركي توم براك مع مسؤولين أمنيين إسرائيليين بشأن سوريا، مما يعكس وجود خلافات جوهرية حول كيفية التعامل مع الوضع السوري.
في المقابل، يصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على ضرورة إنشاء منطقة منزوعة السلاح بين دمشق والمنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل في جنوب سوريا. ويؤكد نتنياهو، الذي يواجه اتهامات جنائية، أنه لن يتخلى عن الأراضي التي دخلها بعد سقوط نظام بشار الأسد، وأن أي اتفاق مع السوريين يجب أن يحترم “مبادئ” إسرائيل.
موقف إسرائيل: قوة وتحديات
يرى المحللون أن إسرائيل تستغل ضعف الدولة السورية لتحقيق مكاسب استراتيجية في المنطقة. ويعتقد جوشوا لاندس، مدير معهد الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما، أن نتنياهو يشعر بالقوة، وأن سوريا لا تمثل تهديدًا حقيقيًا لإسرائيل في الوقت الحالي. ويضيف لاندس أن ترامب بحاجة إلى دعم نتنياهو في معركته الانتخابية، مما يجعله حريصًا على تجنب الضغط على إسرائيل.
ويشير لاندس إلى أن ترامب يسعى إلى مساعدة سوريا كجزء من استراتيجية أوسع لتعزيز تحالفه مع تركيا والمملكة العربية السعودية، ولكنه في الوقت نفسه يريد الحصول على تنازلات من نتنياهو بشأن قضايا أخرى، مثل قطاع غزة وبيع الأسلحة.
توقعات مستقبلية: دور ترامب والسيناريوهات المحتملة
على الرغم من هذه التحديات، يعتقد البعض أن ترامب قد يتمكن من إقناع نتنياهو بتوقيع اتفاق أمني مع سوريا خلال زيارته المرتقبة لواشنطن. ويرى الكاتب والمحلل السياسي السوري ياسر النجار أن ترامب عازم على إلزام نتنياهو باتفاق، كما فعل في غزة، وذلك بهدف جعل سوريا “رأس حربة” في مكافحة الإرهاب ومنع عودة الجماعات المتطرفة إلى المنطقة.
في المقابل، يرى الدكتور مهند مصطفى، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن سوريا لا تمثل تهديدًا أمنيًا لإسرائيل منذ عام 1973، وأن نتنياهو قد لا يكون مستعدًا لتقديم تنازلات كبيرة. ويضيف مصطفى أن انصياع نتنياهو لترامب يتراجع كلما اقتربت الانتخابات الإسرائيلية، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي قد يحاول إفشال أي اتفاق يهدد مصالحه السياسية.
من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيدًا من المشاورات والمفاوضات بين الولايات المتحدة وإسرائيل وسوريا، بهدف التوصل إلى حلول مقبولة للأطراف المعنية. ومع ذلك، لا يزال مستقبل سوريا غير واضح، وهناك العديد من السيناريوهات المحتملة، بما في ذلك استمرار الوضع الراهن، أو اندلاع صراع جديد، أو التوصل إلى اتفاق سلام شامل.





