ما تأثيرات قرار “الدعم السريع” وقف صادرات السودان نحو مصر؟
الخرطوم- صعّدت قيادة قوات الدعم السريع مواقفها تجاه القاهرة، وتبنّت مقاطعة “تجارية” مع مصر، بعرقلة الصادرات السودانية إليها، في حين اعتبر مراقبون أن القرار سياسي وليس له تأثير اقتصادي كبير، وسيرتد سلبا على قطاع من المنتجين السودانيين ومزارعي ولايات غرب السودان.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والسودان 1.4 مليار دولار خلال 2023 مقابل 1.5 مليار دولار خلال 2022، بنسبة انخفاض قدرها 6.4%.
وفي يونيو/حزيران الماضي أفادت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بارتفاع قيمة الصادرات المصرية إلى السودان، مسجلة نحو 980 مليون دولار خلال عام 2023، مقابل 954.3 مليون دولار خلال عام 2022، بنسبة ارتفاع قدرها 2.7%
فيما بلغت قيمة الواردات المصرية من السودان زهاء 387 مليون دولار خلال عام 2023، مقابل 505.4 ملايين دولار خلال عام 2022، بنسبة انخفاض قدرها 23.4%.
وتعزيزا لاتهامات قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” لمصر بقصف قواته بالطيران الحربي، الأمر الذي نفته القاهرة بشدة، حذّر المك أبو شوتال القيادي بقوات الدعم السريع من منطقة النيل الأزرق، في مقطع فيديو، التجارَ في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع من تصدير أي بضائع إلى مصر، وتوعدهم بالمحاسبة وفقا لقرار صادر مما سماه المجلس الاستشاري لقوات الدعم السريع.
ويصدّر السودان إلى مصر سلعا زراعية وحيوانية، تشمل الفول السوداني والسمسم والصمغ العربي والقطن والجمال والأبقار والضأن وغيرها، وهي سلع يُنتَج جزء منها في مناطق للدعم السريع بدارفور وكردفان، بجانب مواقع تعبرها الشاحنات وقوافل الإبل المتجهة إلى مصر.
وفي 8 أكتوبر/تشرين الأول الجاري أصدر المستشار العام لقوات الدعم السريع النذير يونس أحمد قرارا حظَر بموجبه عبور سلع إلى مناطق سيطرة الجيش، تشمل الصمغ، والفول السوداني، وزيت الطعام، والماشية والسمسم، والدخن والذرة، والذهب، والمعادن الأخرى، والكركديه، والأمباز (علف حيوانات)، والبامية المجففة (الويكة).
وحذّر أحمد من أن كل من يخالف ذلك سيعرّض نفسه للمساءلة والحجز ومصادرة السلع المهربة لصالح قوات الدعم السريع.
قرار بلا تأثير
أكد مدير قطاع اللحوم بالشركة المصرية السودانية للتنمية والاستثمارات المتعددة عمر عوض أن قوات الدعم السريع لا تسيطر على مناطق التصدير، مشيرا إلى أنه جرى توريد شحنة الخميس الماضي، ويجري توريد شحنات جديدة.
وأوضح عوض، في تصريح الأحد، أن المعابر الحدودية تعمل بشكل طبيعي، وتستقبل الصادرات، وليس كما يُشاع أنه تم حظر تصدير الصادرات السودانية إلى مصر.
وأشار إلى استمرار توريد اللحوم السودانية إلى السوق المحلية، وذلك عبر صنادل نهر النيل نتيجة الظروف التي تشهدها دولة السودان.
أما وزير التجارة السوداني السابق الفاتح عبد الله يوسف فقد قلل من قرار الدعم السريع، لأن الصادرات السودانية إلى مصر رغم تراجعها مصدرها ليس مواقع سيطرة الدعم السريع فحسب، بل ولايات أخرى في شرق ووسط وشمال السودان، مشيرا إلى أن حجم الصادرات تراجع بسبب الحرب.
وفي حديث للجزيرة نت يقول يوسف إن قوات الدعم السريع تفرض “إتاوات” كبيرة على أصحاب السلع والمحاصيل الزراعية في الطرق التي تنتشر فيها، خصوصا من كردفان ودارفور، مما يضاعف أسعارها، ويجعلها لا تنافس في الأسواق الخارجية في حال تصديرها، ولذلك يتم تسويق معظمها داخل البلاد.
ويوضح الوزير السابق أن الذهب والماشية هي أكثر الصادرات السودانية بعد الحرب، ويذهب غالبها نحو السعودية، في حين تستورد مصر الإبل والأبقار بجانب حبوب زيتية.
ويشير إلى أن السودان يستورد معظم السلع الغذائية من مصر بسبب تدمير 85% من القطاع الصناعي في البلاد نتيجة الحرب.
عوض: المعابر الحدودية تعمل بشكل طبيعى وتستقبل الصادرات، وليس كما يشاع أنه تم حظر تصدير الصادرات السودانية إلى مصر
ارتباك في دارفور
وتعطلت حركة النقل والتجارة من إقليم دارفور إلى شمال السودان، الأحد، بعد حظر قوات الدعم السريع عبور بعض السلع إلى مناطق سيطرة الجيش.
فيما فرض مسلحون من قوات الدعم السريع على الطريق بين مدينة الدبة شمالي السودان وولايات دارفور “غرامات” مالية عالية على الشاحنات، مما تسبب في تعطيل حركة النقل وإرباك الأسواق في دارفور.
وتخوف تجار في سوق الضعين عاصمة ولاية شرق دارفور، تحدثت إليهم الجزيرة نت، من تعرضهم لخسائر وكساد السلع لتوقف تسويق المحاصيل الزراعية، التي تنقل إلى منطقة الدبة في شمال السودان قبل ترحيلها إلى ميناء بورتسودان أو إلى مصر للتصدير أو توزيعها داخل البلاد.
من جهته، يقول الخبير الاقتصادي هيثم فتحي إن السودان يصدر إلى مصر سلعا زراعية وحيوانية، أبرزها الفول السوداني، والصمغ العربي والإبل والضأن والأبقار وحب البطيخ وغيرها، وهي سلع تُنتَج في مناطق يسيطر عليها الدعم السريع في ولايات دارفور وكردفان.
وحسب حديث الخبير الاقتصادي للجزيرة نت، فإن مصر منذ إطاحة نظام الرئيس عمر البشير في أبريل/نيسان 2019، عملت على إيجاد بدائل، فهي تستورد اللحوم من دول أفريقية عدة أخرى مثل جيبوتي والصومال وتشاد، وحسب إحصائية رسمية فإن مصر تستورد من هذه الدول كميات أكبر من تلك المستورَدة من السودان.
ويُفيد الخبير أنه منذ اندلاع الحرب بالبلاد في منتصف أبريل/نيسان 2023 توقف كبار المنتجين للصمغ العربي عن العمل مع تزايد المخاطر، التي تحيط بهم ويتم تهريب المنتج إلى دول الجوار، مما أثر بشكل كبير على الصادرات السودانية وتراوحت الإيرادات بين 100 – 120 مليون دولار سنويا.
وشهدت المنتجات القادمة من غرب السودان تراجعا كبيرا بسبب تردي الأوضاع الأمنية على الطرق، مما أدى لارتفاع تكلفة نقل المواشي من ولايات دارفور وكردفان، مع نهب أعداد منها من كل شاحنة، مما يؤثر على أرباح المصدر السوداني، وفقا للخبير الاقتصادي.