Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اقتصاد

ما دلالات إصدار روسيا أول سندات مقومة باليوان الصيني؟

موسكو – في خطوة مالية استراتيجية، أكملت وزارة المالية الروسية بنجاح إصدار أول سندات قروض فدرالية مقومة باليوان الصيني، بقيمة إجمالية بلغت 20 مليار يوان (حوالي 2.8 مليار دولار). يأتي هذا الإصدار في سياق سعي روسيا لتنويع مصادر تمويلها وتقليل الاعتماد على العملات الغربية في ظل العقوبات الدولية المتزايدة.

تم طرح السندات في أوائل ديسمبر الحالي، وشملت إصدارين: سند لأجل 3.2 سنوات بفائدة سنوية 6%، وآخر لأجل 7.5 سنوات بفائدة سنوية 7%. وأعلنت الوزارة أن تسوية نصف المبلغ الإجمالي ستتم باليوان والنصف الآخر بما يعادله بالروبل، وأن الطلب على السندات تجاوز التوقعات الأولية.

خيارات استثمارية جديدة للروس وسندات اليوان

يمثل إصدار هذه السندات خطوة مهمة نحو توفير خيارات استثمارية جديدة للمواطنين والشركات الروسية، خاصةً مع تزايد حجم التبادل التجاري مع الصين. فقد بلغ حجم التجارة السنوي بين البلدين مستوى قياسياً يناهز 245 مليار دولار في عام 2024، مقارنة بنحو 104 مليارات دولار في عام 2020. وبحسب بيانات الوزارة، شكّلت البنوك النسبة الأكبر من المستثمرين (59.6%)، تليها شركات الإدارة (19.6%)، ثم مستثمرو التجزئة (15.9%) وشركات الاستثمار والتأمين بنسب أقل.

أدى الإقبال الكبير على السندات إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس لكلا الإصدارين خلال عملية بناء سجل الاكتتاب، مما يعكس الثقة في الاقتصاد الروسي وقدرته على الوفاء بالتزاماته المالية. وتعتزم وزارة المالية دراسة إمكانية طرح سندات مقومة باليوان بشكل سنوي، إذا استمر الاهتمام بها في السوق.

التحول نحو اليوان كعملة احتياطية

يعكس هذا التحول نحو اليوان اتجاهًا أوسع في السياسة الاقتصادية الروسية، يهدف إلى تقليل الاعتماد على الدولار واليورو في المعاملات التجارية والاستثمارية. فقد ارتفعت حصة اليوان في صندوق الثروة السيادي الروسي لتصل إلى 57% من الأصول السائلة للصندوق في نوفمبر الماضي. ويعتبر هذا التوجه بمثابة استجابة للعقوبات الغربية التي فرضت على روسيا، والتي حدت من قدرتها على الوصول إلى النظام المالي العالمي.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الصين تعد أكبر شريك تجاري لروسيا، حيث بلغت حصتها من الصادرات الروسية 31% ومن الواردات 39% بحلول نهاية عام 2024. وتشكل روسيا مورداً هاماً للموارد الطبيعية للصين، بينما تعوض الصين رحيل الشركات الغربية من السوق الروسي من خلال توفير التكنولوجيا والمعدات.

البعد الجيوسياسي في تحول روسيا نحو اليوان

يرى خبراء أن هذه الخطوة لا تقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تحمل أبعادًا جيوسياسية مهمة. فإن إصدار السندات باليوان يساهم في تعزيز الشراكة الاقتصادية بين روسيا والصين، وتطوير بنية مالية بديلة أقل تأثراً بالعقوبات والضغوط الغربية. ويعتبر هذا التوجه بمثابة رسالة واضحة إلى الغرب بأن روسيا قادرة على التكيف مع الظروف الجديدة وإيجاد حلول بديلة لتلبية احتياجاتها المالية.

ومع ذلك، يرى محللون ماليون أن العلاقة الاقتصادية بين روسيا والصين ليست خالية من التحديات. فقد يؤدي الاعتماد المتزايد على الصين إلى ميل الميزان التجاري نحو صادرات المواد الخام الروسية مقابل السلع النهائية الصينية، مما قد يخلق اختلالات اقتصادية على المدى الطويل. كما أن استدامة هذه العلاقة تعتمد على الوضع الجيوسياسي وقدرة الجانبين على إدارة التناقضات القائمة.

تشير التوقعات إلى تباطؤ طفيف في نمو التجارة بين روسيا والصين خلال عام 2025، مع انخفاض متوقع بنسبة 9.5% خلال الأشهر العشرة الأولى من العام (بالدولار)، لتصل إلى 244 مليار و183 مليون دولار مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. ومع ذلك، من المتوقع أن يستمر اليوان في لعب دور مركزي في الاقتصاد الروسي، وأن تواصل روسيا جهودها لتنويع هيكل الدين واحتياطيات النقد الأجنبي.

من المرجح أن تواصل وزارة المالية الروسية تقييم أداء السندات المقومة باليوان، وتحديد ما إذا كانت ستصدر المزيد منها في المستقبل. وستراقب الأسواق المالية عن كثب تطورات هذا الملف، وتقييم تأثيره على الاقتصاد الروسي والعلاقات التجارية مع الصين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى