متحف “غريفان” بباريس.. 250 تمثالا شمعيا لإضاءة صفحات التاريخ

منذ تأسيسه عام 1882، يواصل متحف “غريفان” الشهير في باريس جذب الزوار من جميع أنحاء العالم بفضل مجموعته الفريدة من تماثيل الشمع. يعرض المتحف ما يقرب من 250 تمثالاً لشخصيات بارزة من التاريخ والثقافة والفن والرياضة، مما يجعله وجهة سياحية وثقافية رئيسية في العاصمة الفرنسية.
يستقبل المتحف ملايين الزوار سنوياً، الذين يأتون للاطلاع على تماثيل شخصياتهم المفضلة، بدءًا من القادة السياسيين وصولاً إلى نجوم السينما والموسيقى. يُعد المتحف بمثابة سجل بصري حيوي للتاريخ الحديث والمعاصر، حيث يتم تحديث المجموعة باستمرار لإضافة شخصيات جديدة تركت بصمتها في العالم.
تخليد ذكرى المشاهير من خلال تماثيل الشمع
يضم متحف غريفان تماثيل لشخصيات تاريخية مؤثرة مثل الكاتب الفرنسي فيكتور هوغو، والنجمة الأمريكية مارلين مونرو، ورئيس جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا. تهدف هذه التماثيل إلى تقديم تجربة فريدة للزوار، تسمح لهم بالتفاعل مع الشخصيات التاريخية بطريقة ملموسة وشخصية.
في نوفمبر الماضي، أضاف المتحف تمثالاً للأميرة ديانا، تخليداً لذكراها، وتحديداً في ذكرى وفاتها المأساوية. تم تصميم التمثال بعناية ليعكس مظهر الأميرة في “فستان الانتقام” الشهير، مما أضفى عليه بعداً رمزياً عميقاً.
أصول المتحف وتطوره
بدأت فكرة إنشاء متحف غريفان في عام 1882 على يد الصحفي آرثر ماير، مدير صحيفة “لو غالوا”. لاحظ ماير أن غالبية القراء لم يكونوا على دراية بمظهر الشخصيات التي يقرأون عنها في الصحف، بسبب محدودية انتشار الصور الفوتوغرافية في ذلك الوقت.
لذلك، قرر ماير إنشاء “صحيفة ثلاثية الأبعاد” من خلال تماثيل الشمع، مما يسمح للناس برؤية الشخصيات البارزة كما هي في الواقع. بدأ المتحف بمجموعة صغيرة تضم حوالي 80 تمثالاً، ثم توسع تدريجياً على مر السنين.
عملية إنشاء تماثيل الشمع
تستغرق عملية تصميم وإنشاء كل تمثال شمعي حوالي ستة أشهر. تبدأ العملية بلقاء أولي مع الشخصية المراد تجسيدها، يستغرق حوالي ساعتين ونصف، لجمع تفاصيل دقيقة حول ملامح الوجه ولون البشرة والشعر والعينين.
يستخدم الفنانون في المتحف مواد متنوعة في عملية الإنشاء، حيث يتم تشكيل الجسم من البلاستيلين، بينما يتم تشكيل الرأس من شمع العسل التقليدي. يتم بعد ذلك إضافة الشعر والحاجبين واللحية بشكل يدوي، ويتم استخدام الطلاء الزيتي لإضفاء لمسة نهائية واقعية على الوجه.
غالباً ما يتم تزويد التماثيل بملابس وهدايا قدمتها الشخصيات الحقيقية التي تمثلها، مما يزيد من أصالتها وقيمتها التاريخية. تعتبر هذه العملية مزيجاً من الفن والتقنية والمهارة اليدوية العالية.
متحف غريفان: وجهة سياحية وثقافية بارزة
يضم المتحف أيضاً معالم تاريخية أخرى، مثل درج رخامي فاخر وصالة مسرحية عمرها قرن من الزمن. تتوزع تماثيل لشخصيات بارزة في هذه الصالة، مما يخلق جواً من الأناقة والرقي.
يستمر متحف غريفان في التطور والتجديد، مع إضافة شخصيات جديدة باستمرار. يهدف المتحف إلى مواكبة الأحداث الجارية والتغيرات الثقافية، وتقديم تجربة فريدة ومثيرة للاهتمام للزوار. تعتبر إضافة شخصيات مثل المغني “دي جي سنايك” دليلاً على هذا التوجه.
من المتوقع أن يستمر متحف غريفان في جذب الزوار من جميع أنحاء العالم، وأن يلعب دوراً هاماً في الحفاظ على الذاكرة التاريخية والثقافية. سيراقب القائمون على المتحف عن كثب ردود فعل الجمهور على التمثال الجديد للأميرة ديانا، وقد يؤدي ذلك إلى إضافة المزيد من الشخصيات الملكية في المستقبل. يبقى المتحف ملتزماً بتقديم تجربة فريدة وممتعة للزوار، مع الحفاظ على معايير الجودة والتميز التي اشتهر بها على مر السنين.





