مجلس الأمن يمدد مهمة قوة مراقبة حفظ السلام بالجولان

قرر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تمديد ولاية قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك في الجولان السوري (أوندوف) لمدة ستة أشهر إضافية، وذلك في ظل تطورات جيوسياسية متسارعة في المنطقة. يهدف هذا التجديد، الذي يأتي في 30 ديسمبر/كانون الأول 2025، إلى الحفاظ على الاستقرار النسبي في المنطقة الحدودية بين سوريا وإسرائيل. ويهدف بشكل خاص إلى مواصلة مراقبة الالتزام باتفاقية فصل القوات لعام 1974، على الرغم من التحديات المتزايدة التي تواجهها.
تجديد ولاية أوندوف: تفاصيل القرار وتأثيره على الوضع في الجولان
وصوّت أعضاء المجلس الخمسة عشر بالإجماع لصالح القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة وروسيا، حسبما أفاد مراسلون للأمم المتحدة. وينص القرار على أن ولاية القوة الأممية ستستمر حتى 30 يونيو/حزيران 2026. كما أكد المجلس على ضرورة أن تتمكن القوة الدولية من القيام بمهامها بفعالية وأمان، مع إدانة أي أنشطة تعرض عناصر حفظ السلام للخطر.
يأتي هذا التمديد في وقت يشهد فيه جنوب سوريا توتراً متزايداً. فمنذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، أعلنت إسرائيل تعليق العمل باتفاقية فصل القوات من جانب واحد، وبدأت في بسط سيطرتها على أجزاء من المنطقة منزوعة السلاح. وقد أثار هذا التحرك قلقاً دولياً بشأن احتمال التصعيد.
خلفية تاريخية لـ أوندوف واتفاقية فصل القوات
تأسست قوة أوندوف في عام 1973 عقب حرب أكتوبر، وذلك بموجب القرار رقم 350 لمجلس الأمن. وكان الهدف الرئيسي من إنشاء هذه القوة هو مراقبة وقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل، وتنفيذ بنود اتفاقية فصل القوات التي وُقعت في 31 مايو 1974. ويعتبر التزام الأطراف بهذه الاتفاقية أمراً ضرورياً للحفاظ على الاستقرار الإقليمي و منع نشوب صراعات جديدة.
تشمل مهام القوة الأممية إجراء دوريات في المنطقة العازلة، والتحقيق في أي انتهاكات لوقف إطلاق النار، والعمل كوسيط بين الجانبين السوري والإسرائيلي. وقد ساهمت أوندوف على مر السنين في منع العديد من الحوادث التي كان يمكن أن تتطور إلى مواجهات عسكرية واسعة النطاق.
ومع ذلك، شهدت المنطقة في الأشهر الأخيرة تصاعداً في الأنشطة العسكرية الإسرائيلية. وتفيد التقارير الواردة من جنوب سوريا بأن القوات الإسرائيلية تنفذ توغلات شبه يومية، وتقيم نقاط عسكرية جديدة، وتشن غارات جوية على مواقع يُزعم أنها تابعة لجماعات مسلحة. وقد أسفرت هذه الغارات عن سقوط ضحايا مدنيين وأضرار مادية كبيرة.
توترات متصاعدة وغارات إسرائيلية مستمرة
على الرغم من تأكيدات الحكومة السورية الجديدة بعد سقوط النظام السابق بأنها لا تسعى إلى التصعيد، إلا أن الوضع على الأرض لا يزال متوتراً للغاية. وواصلت إسرائيل شن غاراتها الجوية، مستهدفةً ما تصفه بأنه “بنية تحتية عسكرية” تابعة لقوات النظام والجهات التابعة لها. وتأتي هذه الغارات في سياق جهود إسرائيلية لمنع إيران من ترسيخ وجودها العسكري في سوريا.
وقد أثار هذا التطور قلقاً متزايداً في الأمم المتحدة، حيث يرى بعض المسؤولين أن إسرائيل تخاطر بتقويض اتفاقية فصل القوات وإعادة إشعال الصراع في المنطقة. قوة الأمم المتحدة في الجولان تلعب دوراً حاسماً في محاولة احتواء هذا الخطر. كما تشير بعض التحليلات إلى أن التصعيد قد يؤدي إلى ردود فعل من قبل الجماعات المسلحة في سوريا، مما يزيد من تعقيد الوضع.
الوضع في جنوب سوريا يشكل تحدياً كبيراً أمام جهود السلام والاستقرار في المنطقة. ويتطلب الأمر جهوداً دبلوماسية مكثفة من قبل جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك سوريا وإسرائيل والجهات الدولية الفاعلة، من أجل التوصل إلى حلول مستدامة تضمن الأمن والازدهار للجميع. وإضافة إلى ذلك، فإن الرعاية الإنسانية للمدنيين المتضررين من النزاع تعتبر ضرورية.
ويراقب المجتمع الدولي عن كثب التطورات الجارية في المنطقة، مع التركيز بشكل خاص على جهود مجلس الأمن لتعزيز دور أوندوف والحفاظ على فصل القوات. مراقبة فض الاشتباك تظل الأولوية القصوى.
من المتوقع أن يقدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً مفصلاً إلى مجلس الأمن في غضون ثلاثة أشهر حول تنفيذ القرار الخاص بتمديد ولاية أوندوف والوضع العام في الجولان السوري، مع مراعاة التحديات السياسية والعسكرية الأمنية التي تواجه المنطقة. وقد يتضمن هذا التقرير توصيات بشأن الخطوات اللازمة لتحسين أداء القوة الأممية وتعزيز قدرتها على الوفاء بمهامها. يجب مراقبة الوضع عن كثب لمعرفة ما إذا كانت إسرائيل ستلتزم بالكامل بقرارات مجلس الأمن، وما إذا كانت ستتواصل في بسط سيطرتها على المنطقة منزوعة السلاح.





