أكدت المحامية رنا الدكنان أن **غسيل الأموال** يظل تحديًا قانونيًا واقتصاديًا كبيرًا، وأن العملات الرقمية مثل البيتكوين أصبحت من بين الأدوات الأكثر استخدامًا في هذه الجرائم بسبب صعوبة تتبعها. جاء ذلك في تصريحات لها خلال برنامج “ياهلا” على قناة “روتانا خليجية”، حيث أشارت إلى وجود طرق أخرى متنوعة يستخدمها المجرمون لإخفاء مصادر الأموال غير المشروعة. هذه التصريحات تلقي الضوء على تعقيد مكافحة الجرائم المالية في العصر الحديث.
وأوضحت الدكنان أن استخدام البيتكوين في عمليات **غسيل الأموال** ليس بالأمر الجديد، ولكنه اكتسب زخمًا أكبر مع تزايد شعبية العملات المشفرة. وتحدثت أيضًا عن أساليب أخرى مثل إبرام صفقات وهمية، وتكرار عمليات بيع وشراء العقارات، وغيرها من الطرق التي تهدف إلى إخفاء أصل الأموال وتضليل الجهات الرقابية. لم تفصح عن حالات محددة، ولكنها أكدت على زيادة انتشار هذه الأساليب.
مراحل جريمة غسيل الأموال وعلاقتها بالبيتكوين
تتضمن جريمة **غسيل الأموال** – وفقًا للدكنان – عدة مراحل رئيسية تبدأ بـ “احتضان المال”، أي إدخال الأموال غير المشروعة إلى النظام المالي. ثم تأتي مرحلة “التمويه” أو “التحويل” والتي تهدف إلى إخفاء أصل الأموال من خلال سلسلة من المعاملات المعقدة.
كيف تسهل البيتكوين عملية التمويه؟
تتميز البيتكوين، بالإضافة إلى العملات الرقمية الأخرى، بقدرتها على إتاحة معاملات شبه مجهولة، مما يجعل من الصعب على السلطات تتبع مسار الأموال. يسمح هذا للمجرمين بتحويل الأموال عبر الحدود بسهولة أكبر، وتجنب الرقابة الكبيرة التي تخضع لها المعاملات التقليدية.
تلي مرحلة التمويه، مرحلة “التغطية” حيث يتم تحويل الأموال المغسولة إلى أصول مشروعة مثل العقارات أو الشركات، لإضفاء الشرعية عليها. وأضافت الدكنان أن الهدف النهائي من هذه الجريمة هو إعطاء الأموال الناتجة عن أنشطة غير قانونية مظهرًا قانونيًا.
تحديات مكافحة غسل الأموال في السعودية
تعتبر المملكة العربية السعودية من بين الدول التي تبذل جهودًا كبيرة في مكافحة **غسل الأموال** وتمويل الإرهاب. ومع ذلك، تواجه السلطات تحديات متزايدة بسبب التطور السريع في الأساليب الإجرامية، وظهور تقنيات جديدة مثل العملات الرقمية.
تتعاون السعودية بشكل وثيق مع المنظمات الدولية مثل مجموعة العمل المالي (FATF) لتحديث قوانينها ولوائحها المتعلقة بمكافحة الجرائم المالية. وقد قامت بتطبيق العديد من الإجراءات الرامية إلى تعزيز الشفافية في النظام المالي، وزيادة الرقابة على المعاملات المشبوهة.
تعتبر عمليات تداول العقارات من بين المجالات التي تخضع لتدقيق خاص، وذلك بسبب إمكانية استخدامها لغسل الأموال. بالإضافة إلى ذلك، تركز الجهات الرقابية على المؤسسات المالية مثل البنوك وشركات الصرافة، لضمان التزامها بقواعد مكافحة **غسل الأموال**.
جرائم أخرى مرتبطة بغسل الأموال
لا يقتصر **غسل الأموال** على استخدام البيتكوين والعملات الرقمية. فقد ذكرت الدكنان أن هناك العديد من الطرق الأخرى التي يستخدمها المجرمون، مثل إنشاء شركات وهمية، وتزوير المستندات، والتلاعب بالأسعار. وبحسب تقارير حديثة، فإن الاحتيال المالي والرشوة والاختلاس يعتبرون من بين المصادر الرئيسية للأموال التي يتم تبييضها.
تتطلب مكافحة هذه الجرائم تعاونًا وثيقًا بين مختلف الجهات الحكومية، مثل وزارة الداخلية، وهيئة الرقابة والتحقيق، ومؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي). بالإضافة إلى ذلك، يلعب القطاع الخاص دورًا مهمًا في الإبلاغ عن أي معاملات مشبوهة.
الجرائم السيبرانية تشكل أيضًا مصدر قلق متزايد، حيث يمكن استخدامها لسرقة الأموال ثم تبييضها. وتتعامل السلطات السعودية مع هذه الجرائم بجدية كبيرة، وتسعى إلى تطوير قدراتها في مجال الأمن السيبراني. فالاستثمار في التكنولوجيا الحديثة يعتبر ضروريًا لمواكبة التهديدات المتطورة.
من المتوقع أن تشهد الجهود الرامية إلى مكافحة **غسل الأموال** في السعودية تصعيدًا خلال الفترة القادمة، خاصة مع التزام المملكة بتطبيق المعايير الدولية، وتحقيق رؤية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز الشفافية. كما ينبغي متابعة التطورات التنظيمية المتعلقة بالعملات الرقمية، وتقييم المخاطر التي تنطوي عليها. سيتم التركيز بشكل خاص على التعاون الدولي لتبادل المعلومات وملاحقة المجرمين الذين يحاولون تبييض الأموال عبر الحدود.
أخيرًا، من المهم ملاحظة أن تحديات مكافحة غسل الأموال مستمرة وتتطلب يقظة دائمة وتطويرًا مستمرًا للاستراتيجيات والأدوات المستخدمة.
