محلل سعودي: ما يجري بجنوب اليمن تمزيق للبلاد وتمرد صريح

يتصاعد التوتر في جنوب اليمن، مع اتجاه الموقف السعودي نحو حسم التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة، والتي تعتبرها الرياض خروجاً عن المرجعيات السياسية والقانونية التي تحكم مسار التسوية، وتهديداً لوحدة اليمن وأمن المنطقة. وتتركز الأزمة حول محاولات فرض سيطرة جديدة من قبل قوى مختلفة، مما يثير مخاوف بشأن استقرار اليمن وتأثير ذلك على الأمن الإقليمي.
ويرى محللون سياسيون أن هذه التطورات ليست منفصلة عن سياق الاضطرابات التي شهدها اليمن خلال العقد الماضي، بل هي تعيد إنتاج منطق القوة الذي فرضه الحوثيون في عام 2014. وتشير القراءات الرسمية إلى أن ما يحدث في الشرق يشبه إلى حد كبير الانقلاب على مخرجات الحوار الوطني، مع سعي قوى معينة للاستئثار بالسلطة خارج الإطار الدستوري والقانوني.
الوضع في حضرموت والمهرة: منظور قانوني وسياسي
وبحسب مراقبين، فإن رفض القوى المحلية للمرجعيات السياسية والقانونية، وعلى رأسها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، يمثل تحدياً مباشراً للجهود الدولية الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار في اليمن. ويؤكدون أن أي محاولة لفرض واقع جديد بالقوة، دون توافق وطني، سيؤدي إلى تفاقم الأزمة وزيادة الانقسامات.
ويشير المحللون إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي يواجه تحديات كبيرة في إثبات قدرته على إدارة مناطق جديدة، خاصةً حضرموت، أكبر محافظات اليمن. ويشككون في قدرته على تقديم نموذج حكم مستقر، بالنظر إلى صعوبات إدارة عدن، العاصمة المؤقتة.
التصعيد الأخير جاء بعد إعلان رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي حزمة قرارات غير مسبوقة، تضمنت المطالبة بخروج القوات الإماراتية خلال 24 ساعة، وإعلان حالة الطوارئ، وإلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع أبوظبي. كما فرض المجلس الرئاسي حظراً جوياً وبرياً مؤقتاً على المنافذ، متهماً الإمارات بشحن أسلحة إلى ميناء المكلا لدعم قوات المجلس الانتقالي.
ردود الفعل الإقليمية والدولية
أثارت هذه القرارات ردود فعل متباينة على المستويين الإقليمي والدولي. ودعت بعض الدول إلى الحوار والتهدئة، بينما أعربت أخرى عن قلقها بشأن تداعيات التصعيد على الأمن الإقليمي. وتشير التقارير إلى أن هناك جهوداً دبلوماسية جارية لتهدئة الأوضاع وتجنب المزيد من التصعيد.
وتؤكد مصادر دبلوماسية أن الرياض تتعامل مع الوضع من منظور قانوني واحد، ولا يمكن أن تمنح شرعية لأي تمرد مسلح لم يمنح سابقاً للحوثيين. ويشددون على أن التحالف لن يسمح بأي تهديد للأمن الوطني السعودي، في ظل الحدود الطويلة مع حضرموت.
مخاوف أمنية وتأثيرات محتملة
ويحذر المحللون من تكرار نماذج الفوضى والانقسام التي شهدتها دول أخرى في المنطقة، مثل ليبيا والسودان والصومال. ويعتبرون أن السعودية لن تسمح بانتقال هذه السيناريوهات إلى خاصرتها الجنوبية، وهو ما يفسر حزم الموقف الحالي. الأمن الإقليمي يمثل أولوية قصوى، وأي تهديد له سيواجه بحزم.
وفي هذا السياق، نفذ تحالف دعم الشرعية ضربة جوية محدودة استهدفت شحنتي سلاح قادمتين من ميناء الفجيرة، بعد رصد تعطيل أنظمة التتبع وإنزال أسلحة لدعم قوات الانتقالي. ويعتبر هذا الإجراء بمثابة إنذار واضح، مفاده أن أي شحنات عسكرية أخرى ستُعامل بالطريقة نفسها.
مستقبل الأوضاع في اليمن
يبدو مستقبل المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة غير مؤكد في ظل هذه التطورات. إذا استمر في القفز على السلطة وفرض الوقائع بالقوة، فمن المرجح أن يواجه تحديات أكبر. الوضع في اليمن يتطلب حواراً وطنياً شاملاً وتوافقاً سياسياً لضمان الاستقرار والازدهار.
من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية خلال الأيام القادمة، بهدف التوصل إلى حل سياسي يرضي جميع الأطراف. ومع ذلك، لا يزال هناك العديد من العقبات التي تعترض طريق السلام، بما في ذلك الخلافات حول تقاسم السلطة والموارد. وستظل الأوضاع في اليمن محل مراقبة دقيقة من قبل المجتمع الدولي.




