Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ثقافة وفنون

مدير المسرح الفلسطيني بالقدس: الاحتلال يحاربنا بشتى الطرق

منذ تأسيسه في عام 1984، يواجه المسرح الوطني الفلسطيني في القدس المحتلة تحديات متزايدة من قبل السلطات الإسرائيلية. آخر هذه التحديات كانت مداهمة لقاعة المسرح يوم الأحد الماضي، وإغلاقه لمدة 12 ساعة بذريعة استضافة فعالية ثقافية مدعومة من السلطة الفلسطينية، وهو ما تعتبره إسرائيل مخالفة للقانون في القدس الشرقية.

تأتي هذه المداهمة في سياق طويل من المضايقات والقيود التي تفرضها إسرائيل على المؤسسات الثقافية الفلسطينية في المدينة، والتي تهدف إلى تقويض الهوية الفلسطينية والتراث الثقافي. وقد أدت هذه الإجراءات إلى إثارة قلق واسع في الأوساط الثقافية الفلسطينية، وتجديد المطالبات بضرورة حماية هذه المؤسسات وضمان استمراريتها.

تاريخ من الملاحقات: المسرح الوطني الفلسطيني وصموده الثقافي

تأسس المسرح الوطني الفلسطيني، المعروف أيضًا باسم “الحكواتي”، على أنقاض “سينما النزهة” التي دمرت في عام 1979. قام مجموعة من الفنانين والناشطين الفلسطينيين، بقيادة فرانسوا أبو سالم وعامر خليل، بترميم المكان وإعادة افتتاحه كمسرح في عام 1984. ومنذ ذلك الحين، أصبح المسرح منارة ثقافية مهمة في القدس، يستضيف العروض المسرحية والموسيقية والفنية التي تعبر عن الهوية والتراث الفلسطينيين.

وفي حوار مع الجزيرة نت، أوضح عامر خليل، مدير المسرح، أن الملاحقات الإسرائيلية لم تتوقف يومًا، وأنها تتخذ أشكالًا مختلفة، بما في ذلك الإغلاقات المؤقتة، والتعطيل الإداري، والاستهداف المالي. وأضاف أن هذه الإجراءات تهدف إلى إخضاع المسرح والسيطرة عليه، ومنعه من القيام بدوره في تعزيز الثقافة الفلسطينية.

فعالية “أحلام تحت شجرة الزيتون” والمداهمة الإسرائيلية

يوم الأحد الماضي، اقتحمت قوات المخابرات الإسرائيلية المسرح أثناء استضافته فعالية تراثية موسيقية بعنوان “أحلام تحت شجرة الزيتون”، التي نظمها ملتقى الشباب التراثي المقدسي. ووفقًا لشهود عيان، قامت القوات بإرهاب الحضور، بمن فيهم الأطفال، وأجبرتهم على مغادرة القاعة، قبل أن تغلق المسرح لمدة 12 ساعة.

وبررت السلطات الإسرائيلية إغلاق المسرح بادعاء أن الفعالية كانت مدعومة من السلطة الفلسطينية، وهو ما تعتبره إسرائيل مخالفة للقانون. لكن خليل أكد أن المسرح لم يتلق أي دعم مباشر من السلطة الفلسطينية، وأن الفعالية كانت مبادرة محلية تهدف إلى الحفاظ على التراث الفلسطيني.

التحديات التي تواجه القطاع الثقافي في القدس

تأتي هذه المداهمة في ظل وضع صعب يواجهه القطاع الثقافي في القدس الشرقية. فإسرائيل تفرض قيودًا صارمة على حرية التعبير والتجمع، وتستهدف المؤسسات الثقافية الفلسطينية التي تعتبرها معارضة لسياساتها. بالإضافة إلى ذلك، تعاني هذه المؤسسات من نقص التمويل والدعم، مما يعيق قدرتها على القيام بأنشطتها وتقديم خدماتها للجمهور.

ويواجه المسرح تحديات إدارية ومالية كبيرة، حيث تخضع جميع معاملاته الإسرائيلية لتدقيق ورقابة صارمة. كما يواجه صعوبات في الحصول على التمويل، حيث ترفض المؤسسات الفلسطينية تقديم الدعم المالي للمؤسسات المقدسية، بينما تفرض المؤسسات الأجنبية والعربية شروطًا سياسية تعيق عمل المسرح. المسرح الوطني الفلسطيني يعتمد بشكل كبير على مدخولاته الذاتية من تأجير القاعات وبيع التذاكر، وهو ما لا يكفي لتغطية نفقاته.

دور المسرح في الحفاظ على الهوية الفلسطينية

على الرغم من التحديات، يواصل المسرح الوطني الفلسطيني لعب دور حيوي في الحفاظ على الهوية والتراث الفلسطينيين في القدس. ويقدم المسرح عروضًا مسرحية وموسيقية وفنية تعبر عن قضايا وهموم الفلسطينيين، وتسلط الضوء على تاريخهم وثقافتهم. كما ينظم المسرح ورش عمل ودورات تدريبية للشباب الفلسطيني، بهدف تطوير مهاراتهم الفنية والإبداعية.

ويعتبر خليل أن المسرح هو “بيت” للفلسطينيين في القدس، وأنه يمثل فضاءً آمنًا للتعبير عن الذات والانتماء. ويؤكد أن المسرح سيواصل القيام بدوره في تعزيز الثقافة الفلسطينية، ومواجهة محاولات تهميشها وتشويهها.

في السنوات الأخيرة، أنتج المسرح أكثر من 30 عملاً مسرحياً، جاب بها العالم، مما ساهم في نشر الثقافة الفلسطينية وتعريف العالم بقضاياها. كما استضاف المسرح العديد من الفعاليات الثقافية والفنية، التي شارك فيها فنانون ومثقفون من مختلف أنحاء العالم.

من المتوقع أن يستمر المسرح في مواجهة التحديات في المستقبل القريب، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي وتصاعد التوترات السياسية. ومع ذلك، يظل المسرح رمزًا للصمود والإصرار، ومصدر أمل للفلسطينيين في القدس.

يخطط المسرح لإطلاق مشروع “الحكواتي 50 عامًا” بحلول عام 2034، والذي يهدف إلى إنشاء مدرسة مسرح وتطوير “ريبورتوار” ثابت من العروض المسرحية. يبقى مستقبل المسرح معلقًا على قدرته على الحصول على الدعم المالي والسياسي، وعلى استمرار صمود الفنانين والمثقفين الفلسطينيين في القدس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى