مرشح رئاسي سابق: تغيير السلطة في تونس حتمي

قال السياسي التونسي والمُرشح الرئاسي السابق محمد عبو إن تونس تعيش وضعًا سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا صعبًا، يتسم بتدهور الأوضاع وغياب الأفق، وذلك بعد مرور أكثر من أربع سنوات على إجراءات 25 يوليو 2021. وأكد عبو في تصريحات له أن البلاد تتجه نحو أزمة أعمق ما لم يتم إيجاد حلول جذرية للأوضاع الراهنة، مشددًا على ضرورة إعادة المسار الديمقراطي في تونس.
وأشار عبو إلى أن غياب سيادة القانون وتراجع الثقة في المؤسسات الحكومية، وخاصة القضاء والإدارة، يُفاقم من حدة الأزمة. كما أعرب عن قلقه من تزايد الشعور بالإحباط وفقدان الأمل في التغيير الإيجابي، وهو ما قد يؤدي إلى تصاعد التوترات الاجتماعية والسياسية، ويزيد من صعوبة إيجاد مخرج للأزمة الحالية في تونس.
تونس: هل نشهد تغييرًا وشيكًا في المشهد السياسي؟
يرى عبو أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستدام طويلًا في دولة مثل تونس، التي تعاني من محدودية الموارد الطبيعية وتحديات اقتصادية واجتماعية جمة. وأضاف أن الأنظمة الاستبدادية غالبًا ما تجد صعوبة في البقاء في السلطة في ظل هذه الظروف، وأن التغيير بات أمرًا حتميًا، وإن كانت تفاصيله غير واضحة حتى الآن.
وشكك عبو في قدرة الرئيس قيس سعيد على الاستمرار في الحكم حتى نهاية ولايته الحالية في عام 2029، أو في إمكانية تعديل الدستور لتمديد فترة ولايته. ويرجع ذلك إلى تفاقم الأزمة وتزايد المعارضة الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى الضغوط الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة. واعتبر أن أي محاولة لفرض واقع جديد بالقوة ستؤدي إلى مزيد من العزلة والتدهور.
تداعيات الوضع السياسي على الاقتصاد
ولفت عبو إلى أن الأوضاع السياسية المتدهورة تؤثر سلبًا على الاقتصاد التونسي، وتعيق جهود التنمية والاستثمار. وأضاف أن غياب الاستقرار السياسي والقانوني يُنفر المستثمرين الأجانب، ويؤدي إلى تراجع الإنتاجية وتصاعد معدلات البطالة. كما حذر من خطر تفاقم الأزمة الاجتماعية نتيجة لارتفاع الأسعار وتدهور الخدمات الأساسية.
أهمية دور المجتمع المدني والنخب السياسية
وشدد عبو على أهمية دور المجتمع المدني والنخب السياسية في إحداث التغيير المنشود. وأكد أن المجتمع المدني يجب أن يلعب دورًا رياديًا في توعية المواطنين وحشدهم للمطالبة بحقوقهم، وأن النخب السياسية يجب أن تتحمل مسؤوليتها في تقديم رؤية واضحة للخروج من الأزمة. ودعا إلى الحوار والتوافق الوطني من أجل إيجاد حلول شاملة ومستدامة للأزمة.
التحذير من العنف والدعوة إلى التغيير السلمي
وفي سياق متصل، عبّر عبو عن رفضه القاطع للعنف والدعوة إلى الثورات الدموية، مؤكدًا أنه لا يتمنى أن يدفع الشعب التونسي ثمن التغيير بأرواح بريئة. لكنه في الوقت ذاته، أعرب عن تأييده لحق الشعب في مقاومة الاستبداد، مشددًا على أن التغيير الشعبي غالبًا ما يأتي في صورة غير متوقعة، كما حدث في تونس خلال ثورة 2010.
وأضاف أن الحل يجب أن يكون تونسيًا صرفًا، يعتمد على خلق رأي عام واسع يضغط من أجل إنهاء ما وصفه بـ”العبث بالدولة”، وإعادة المسار الديمقراطي على أسس سليمة، مع الاستفادة من التجارب والأخطاء الماضية. ويرى أن هذا يتطلب إصلاحًا جذريًا للمؤسسات الحكومية، وتعزيز استقلال القضاء، وضمان حرية التعبير والإعلام. (تونس، الوضع السياسي، التغيير الديمقراطي)
رسالة إلى الرئيس قيس سعيد
ووجه عبو رسالة مباشرة إلى الرئيس قيس سعيد، داعيًا إياه إلى إدراك حجم التحديات التي تواجه تونس، وأن صورته قد تضررت بسبب الإجراءات الأخيرة. وأضاف أن البلاد لم تعد تحتمل المزيد من القرارات الشعبوية والنصوص الغامضة، وأن الرئيس بحاجة إلى الاستماع إلى المعارضة والتعاون مع جميع القوى الوطنية من أجل إيجاد حل للأزمة. (تحديات تونس، القرارات السياسية)
وطالب عبو الرئيس سعيد بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإعادة العمل بالدستور السابق، وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة، لتمكين الشعب التونسي من اختيار ممثليه بحرية وشفافية. كما دعا إلى إجراء حوار وطني شامل يهدف إلى صياغة رؤية مشتركة لمستقبل تونس.
في الختام، يبدو أن الوضع السياسي في تونس لا يزال غامضًا، مع تزايد المخاوف بشأن مستقبل الديمقراطية والحريات. من المتوقع أن تشهد البلاد مزيدًا من التوترات والمواجهات في الفترة القادمة، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية. سيكون من المهم مراقبة ردود فعل الرئيس قيس سعيد والمعارضة السياسية، فضلاً عن تطورات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، التي قد تؤثر على مسار الأحداث في تونس.





