مسؤول أميركي يكشف سبب إلغاء اجتماعات مع قائد الجيش اللبناني

ألغت الولايات المتحدة اجتماعات كان من المقرر أن يعقدها قائد الجيش اللبناني، العماد رودولف هيكل، في واشنطن، وذلك على خلفية بيان أصدره الجيش اللبناني اعتبرته الإدارة الأمريكية منحازًا ضد إسرائيل. يأتي هذا الإجراء في وقت حرج بالنسبة للبنان، الذي يعتمد بشكل كبير على المساعدات الأمريكية، خاصةً فيما يتعلق بتعزيز قدرات الجيش اللبناني وحماية الحدود، وتحديدًا في سياق جهود حصر السلاح بيد الدولة، وهو موضوع المساعدات العسكرية اللبنانية.
وقد أكدت مصادر أمريكية ولبنانية هذا الإلغاء، مشيرةً إلى أن البيان الصادر عن الجيش اللبناني الأحد الماضي، والذي استنكر فيه الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، أثار استياءً في الإدارة الأمريكية. ورأت الإدارة أن البيان يركز على إلقاء اللوم على إسرائيل ويتجاهل دور حزب الله في زعزعة الاستقرار الإقليمي.
تأثير إلغاء الاجتماعات على المساعدات العسكرية اللبنانية
يأتي هذا التطور في ظل دعم أمريكي تاريخي للجيش اللبناني، حيث قدمت واشنطن أكثر من 3 مليارات دولار على مدى العقدين الماضيين. يهدف هذا الدعم إلى تعزيز مؤسسات الدولة اللبنانية وقدرتها على الحفاظ على الأمن والاستقرار، بالإضافة إلى دعم جهود نزع سلاح الجماعات المسلحة. إلغاء الاجتماعات يثير تساؤلات حول مستقبل هذا الدعم.
خلفية التوتر بين لبنان وإسرائيل
تتصاعد التوترات بين لبنان وإسرائيل بشكل دوري، خاصةً على طول الحدود الجنوبية. يتهم الجانب اللبناني إسرائيل بانتهاك سيادته الجوية والبحرية، بينما تتهم إسرائيل حزب الله بتهريب الأسلحة وبناء بنية تحتية عسكرية في جنوب لبنان. وقد شهدت المنطقة اتفاق وقف إطلاق النار عام 2006، لكنه لم يحل المشاكل الأساسية.
الخطة اللبنانية لحصر السلاح
في سياق منفصل، كانت الحكومة اللبنانية قد أقرت في سبتمبر الماضي خطة للجيش تهدف إلى حصر السلاح في يد الدولة. تعتبر هذه الخطة جزءًا من جهود أوسع لتعزيز سلطة الدولة ومواجهة التحديات الأمنية. ومع ذلك، يواجه الجيش اللبناني صعوبات في تنفيذ هذه الخطة، خاصةً في ظل المعارضة من قبل حزب الله.
وبحسب مسؤولين لبنانيين، فإن إلغاء الاجتماعات في واشنطن يمثل رسالة واضحة من الإدارة الأمريكية حول أهمية تنفيذ هذه الخطة بفعالية. ويرى البعض أن الولايات المتحدة تشعر بالإحباط بسبب التقدم البطيء في هذا المجال، وتخشى من أن استمرار الوضع الحالي قد يؤدي إلى تصعيد جديد في المنطقة.
الجيش اللبناني أكد في بيانه الأخير على استمرار الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، معربًا عن قلقه إزاء استهداف دورية تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل). وشدد الجيش على أنه يعمل بالتنسيق مع الدول الصديقة لوضع حد لهذه الانتهاكات.
في أكتوبر الماضي، وافقت إدارة ترامب على تقديم 230 مليون دولار لقوات الأمن اللبنانية، بهدف دعم الجيش وقوات الأمن الداخلي وتعزيز الأمن الداخلي ونزع سلاح حزب الله. هذا الدعم كان يعتبر حاسمًا لتمكين الجيش اللبناني من القيام بمهامه بفعالية.
بالإضافة إلى المساعدات العسكرية اللبنانية، تقدم الولايات المتحدة مساعدات مالية وإنسانية للبنان. ومع ذلك، فإن هذه المساعدات مشروطة بإجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية، ومكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية والمساءلة. وتعتبر هذه الشروط جزءًا من استراتيجية أمريكية أوسع تهدف إلى دعم الاستقرار والازدهار في لبنان.
الوضع الحالي يثير مخاوف بشأن مستقبل العلاقات بين لبنان والولايات المتحدة. قد يؤدي إلغاء الاجتماعات إلى تجميد أو تقليل المساعدات الأمريكية، مما قد يضعف قدرة الجيش اللبناني على مواجهة التحديات الأمنية. كما قد يؤدي إلى زيادة التوترات بين لبنان وإسرائيل.
من المتوقع أن تقوم الإدارة الأمريكية بمراجعة شاملة لسياساتها تجاه لبنان في ضوء هذه التطورات. وستراقب عن كثب مدى التزام الحكومة اللبنانية بتنفيذ خطة حصر السلاح، ومعالجة المخاوف الأمريكية بشأن دور حزب الله. من المرجح أن يعتمد مستقبل التعاون الأمني بين البلدين على نتائج هذه المراجعة. كما يجب مراقبة رد فعل الأطراف اللبنانية المختلفة على هذا الإجراء الأمريكي، وتأثير ذلك على الاستقرار السياسي في البلاد. الوضع لا يزال متقلبًا، ويتطلب متابعة دقيقة.
وتشمل التحديات الأخرى التي تواجه الجيش اللبناني، بالإضافة إلى نزع سلاح حزب الله، مكافحة الإرهاب، ومكافحة التهريب، وحماية الحدود. ويحتاج الجيش إلى دعم مستمر من الولايات المتحدة والدول الصديقة الأخرى لمواجهة هذه التحديات بفعالية. كما أن الاستقرار السياسي والاقتصادي في لبنان ضروري لتمكين الجيش من القيام بمهامه على أكمل وجه. الوضع الاقتصادي المتردي في لبنان يمثل تحديًا إضافيًا للجيش، حيث يواجه صعوبات في توفير المعدات والتدريب اللازمين لجنوده.





