مسجد مدمر.. ملاذ أخير لعائلة فلسطينية من الأمطار والبرد القارس

في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يعيشها قطاع غزة، تتفاقم معاناة العائلات النازحة مع حلول فصل الشتاء وبرودة الطقس. تحاول عائلات فلسطينية في قطاع غزة، مثل عائلة داود، إيجاد مأوى مؤقت وسط الأنقاض، بعد تدمير منازلها بفعل الحرب، مما يزيد من التحديات التي تواجهها في الحصول على الاحتياجات الأساسية، بما في ذلك المأوى الآمن والملابس الدافئة. هذا الوضع يبرز الحاجة الماسة إلى توفير المساعدات الإنسانية العاجلة للسكان المتضررين.
تعاني العائلات النازحة من نقص حاد في الموارد، حيث يفتقرون إلى المأوى المناسب والملابس الشتوية والأغطية، مما يجعلهم عرضة للأمراض والبرد القارس. وتواجه هذه العائلات صعوبات كبيرة في تأمين الغذاء والدواء، بالإضافة إلى المخاوف الأمنية المستمرة. وتشير التقارير إلى أن عدد النازحين في قطاع غزة يتزايد بشكل مطرد، مما يزيد من الضغط على الموارد المتاحة.
المساعدات الإنسانية ضرورة ملحة في قطاع غزة
تصف مراسلة الجزيرة مباشر، علا أبو معمر، الوضع المأساوي لعائلة داود التي لجأت إلى مسجد مدمر في قطاع غزة بحثًا عن مأوى من قسوة الشتاء ونيران الحرب. تعيش العائلة في ظروف غير إنسانية، محاطة بالأعمدة المهدمة والنوافذ المتصدعة، مع تسرب مياه الأمطار والرياح الباردة من كل اتجاه.
يقول أبو مصعب داود، رب الأسرة، بمرارة: “نعيش وسط الرياح والبرد الشديد، والأطفال جميعهم يشعرون بالبرد، ولا نملك ما نفعله. نحن عائلة من 6 أفراد، إضافة إلى اثنين من أبنائي. عندما تمطر الدنيا، تدخل علينا الأمطار ونغرق بالمياه. رغم أنني موظف في وكالة الأونروا، لا أستطيع تلبية احتياجات أسرتي”.
تحديات تواجه العائلات النازحة
تواجه العائلات النازحة تحديات متعددة، بما في ذلك نقص المأوى المناسب، ونقص الغذاء والدواء، والمخاوف الأمنية المستمرة. بالإضافة إلى ذلك، يعاني الأطفال من الصدمات النفسية بسبب الحرب والنزوح، مما يتطلب توفير الدعم النفسي والاجتماعي لهم.
وتروي أم مصعب لحظات الخوف التي تعيشها الأسرة كلما اشتدت الأمطار: “عندما يهطل المطر، تأتي المياه دفعة واحدة، فيجتمع الأطفال حولي خائفين ويسألون: ماذا يحدث. أحاول طمأنتهم، لكننا بحاجة إلى خيمة أو أي مأوى. النوافذ سقطت، وملابسنا وأغراضنا غرقت بالمياه. الجدران متصدعة، وكلما مسحت المكان عاد ليغرق من جديد. هذه ليست حياة، لكننا نقول: الحمد لله”.
وتضيف الأم أن الغطاء البلاستيكي الذي كانت الأسرة تعتمد عليه سقط في إحدى الليالي، فوجدوا أنفسهم في العراء، دون خيام أو مكان بديل، ليعودوا مجددا إلى المسجد المدمر طلبا لشيء من الدفء. وتشير إلى أن الطفلة ليان أصيبت بحروق في قدمها منذ بداية الحرب، ولم تتلق علاجا مناسبا بسبب الاكتظاظ في المراكز الطبية.
تأثير الأوضاع الجوية على الوضع الإنساني
تفاقم الظروف الجوية السيئة من الوضع الإنساني في قطاع غزة، حيث أدت الأمطار الغزيرة والرياح القوية إلى إلحاق أضرار إضافية بالمنازل والمرافق المتضررة بالفعل. وتشير التقارير إلى أن العديد من العائلات النازحة تعاني من نقص في الأغطية والملابس الشتوية، مما يجعلهم عرضة للإصابة بالأمراض.
وتؤكد الابنة هدى داود أن المكان لا يصلح للعيش مطلقا: “عندما تمطر الدنيا نضطر لإيقاظ الأطفال والهرب بهم. لا توجد ملابس كافية، وأنا أعاني من ضغط الدم. الأطفال خائفون والبرد يفتك بنا”.
وتختتم الطفلة ليان المشهد بكلمات بسيطة “أشعر بالبرد الشديد، ولا توجد لدينا ملابس أو جوارب عندما تمطر”.
وتدعو المنظمات الدولية إلى زيادة المساعدات الإنسانية المقدمة لقطاع غزة، وتوفير المأوى المناسب والملابس الشتوية والأغطية للعائلات النازحة. كما تشدد على أهمية توفير الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال المتضررين من الحرب والنزوح.
من المتوقع أن تستمر الظروف الجوية السيئة في قطاع غزة خلال الأسابيع القادمة، مما يزيد من التحديات التي تواجه العائلات النازحة. وتشير التقديرات إلى أن هناك حاجة ماسة إلى زيادة المساعدات الإنسانية لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان المتضررين. وستراقب المنظمات الدولية عن كثب تطورات الوضع، وتقييم الاحتياجات المتغيرة، وتنسيق الجهود لتقديم المساعدة اللازمة.



