Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ثقافة وفنون

مسلسل “كارثة طبيعية”.. عندما تتحول الأبوة إلى معركة من أجل البقاء

ينضم مسلسل “كارثة طبيعية” إلى خريطة الدراما المصرية المعاصرة كخطوة نوعية للفنان محمد سلام، الذي يخوض أولى بطولاته المطلقة على الشاشة الصغيرة. بعد مسيرة ارتبطت أكثر بالشخصيات الكوميدية المساعدة، تأتي هذه النقلة لتحمل العمل خصوصية وتسمح لسلام بتقديم جانب أكثر اتزانا وعمقا في أدائه.

يأتي المسلسل بوصفه عملا دراميا يحمل بصمة مختلفة داخل المشهد التلفزيوني، إذ يقترب بذكاء من مأزق الإنسان المعاصر الذي يستيقظ كل يوم على تحدٍّ جديد يهدد استقراره. لا يحاول العمل أن يبهرنا بمواقف خارقة للعادة، بل يستقي مادته من الروتين المألوف، ليحول تفاصيل الحياة البسيطة إلى ساحة اختبار قاسية.

رؤية أكثر واقعية

نشأت شهرة المسلسل في بدايات عرضه من كونه يضع أمامنا بطلا يواجه مفاجآت الحياة المربكة. ولعل العنوان “كارثة طبيعية” يحمل دلالة مزدوجة: من جهة الكارثة التي تفتعلها الطبيعة أو القدر، ومن جهة أخرى الكارثة اليومية التي تهدد استقرار حياة الأسرة في مجتمع سريع التحول.

تعد هذه الخلفية السياقية بكاملها مفتاحا لفهم المناخ العام للعمل، إذ تتوغل الحكاية في قلب الطبقة المتوسطة المصرية، التي أصبحت في مواجهة مباشرة مع أزمات اقتصادية واجتماعية تعصف بطموحاتها.

تتركز الحكاية حول محمد شعبان (محمد سلام)، شاب متزوج حديثا ويعمل في إحدى شركات الاتصالات، يقرر تأجيل الأبوة إلى حين تتحسن الظروف المعيشية. بيد أن زوجته شروق (جهاد حسام الدين) تتشبث بحلم الأمومة لتأتي المفاجأة الصادمة بإنجاب سبعة أطفال دفعة واحدة، فتغرق الأسرة في دوامة مالية ونفسية لا تنتهي.

ما بعد “بالطو”

المسلسل من تأليف أحمد عاطف فياض، الذي نجح في تقديم عمل درامي قصير نال استحسان الجمهور. في تجربته الثانية، يؤكد فياض موهبته بمجال التأليف وقدرته على توجيه قلمه نحو مناطق مهملة في دراما الطبقة المتوسطة.

ورغم أن العمل يصنف كوميديا، فإنه لم يبن على الاستسهال بالكتابة أو يلجأ إلى الإيفيهات السريعة المعلبة. وإنما حظِي ببناء درامي تصاعدي، حيث البداية الهادئة نسبيا، لكنها سرعان ما تشهد تقلبا.

أداء متوازن

على صعيد الأداء، يعود محمد سلام إلى الشاشة بشخصية ذات أبعاد إنسانية معقدة، تمكن من خلالها من التعبير عن مشاعر متباينة من الدهشة والتوتر واليأس. محافظا على توازن دقيق بين الكوميديا والدراما، دون أن يحتكر المشاهد المضحكة أو يتحول إليها بالكامل.

أما جهاد حسام الدين فقدمت شخصية الزوجة بأداء متزن وواقعي، بعيد عن المبالغة أو التصنع. في حين أضفى كمال أبو رية حضورا هادئا ومرحا في آن، مجسدا دورا داعما دون مبالغة.

تجربة أولى مبشرة

يعد “كارثة طبيعية” العمل الأول للمخرج حسام حامد، الذي نجح في المزج بين الكوميديا السوداء والدراما الاجتماعية. مستخدما إيقاعا متسارعا بما يناسب عدد الحلقات ويخدم فكرة توالي الكارثة.

وقد تنوع استخدام الكاميرا بين الزوايا المقربة ولقطات البانوراما لإبراز حجم المعضلة. في حين اتسم العمل بالمونتاج ذي الإيقاع السريع، وهو ما ساهم في الحفاظ على تفاعل المشاهد.

المسلسل من 10 حلقات ويعرض حاليا عبر منصة “واتش إت”. لم يكتف العمل بطرح قصة عائلية تحت الضغط بغرض الترفيه، بل تعامل مع حالة جيل كامل يعيش بين ارتفاع كلفة الحلم وانسداد الأفق.

ورغم أن بعض العناصر الفنية كانت تحتاج إلى مزيد من التعمق، فإن المسلسل ينجح بالتقاط نبض الواقع المصري الراهن بذكاء وحرفية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى