مسلمو فيتنام.. أقلية جذورها تاريخية وشعارها التسامح

لم يكن الشاب النيجيري يحيى يوسف يعتقد البتة أن الأقدار ستضعه يوما أمام مصدح ليشدو بصوته الرقيق رافعا الأذان في “مسجد المسلمين” أكبر مساجد مدينة هو تشي منه وفيتنام التي يعيش فيها نحو 90 ألف مسلم.
وصل يحيى (25 عاما) إلى هو تشي منه منذ نحو عام على أمل الظفر بعمل يخرجه من الفقر والخصاصة التي كان يعيشها في لاغوس الرئة الاقتصادية لبلده الأم نيجيريا ذات الـ100 مليون نسمة والغالبية المسلمة.
وفي حديثه مع موفد الجزيرة نت، قال يحيى إن الحظ لم يسعفه في الحصول على عمل والاستقرار بشكل رسمي، لكنه وجد كل الخير والمساعدة من القائمين على “مسجد المسلمين” في هوتشي منه، وهو الأكبر بين مساجد المدينة الـ17.
وعبر يحيى عن امتنانه للجالية المسلمة في هو تشي منه التي لا تتوانى في تقديم العون له ولغيره من مرتادي المسجد من المحتاجين.
وأكد أنه يقيم الأذان في المسجد منذ وصوله إلى فيتنام وأن الجميع يشتاقون للأذان بصوته إن غاب يوما لسبب أو لآخر، وذهبوا إلى حد تشبيهه بالصحابي بلال بن رباح الحبشي لوجه الشبه بينهما في اللون والصوت.
حضور تاريخي وثقافي
ورغم أن الإسلام من ديانات الأقلية في فيتنام، إلا أن له حضورا تاريخيا وثقافيا فارقا، خاصة بين أبناء أقلية “التشام” التي تتركز في دلتا نهر الميكونغ جنوب شرقي البلاد ذات الأغلبية البوذية.
وتشير التقديرات إلى أن عدد المسلمين في فيتنام لا يتجاوز 90 ألفا، ما يمثل أقل من 0.2% من إجمالي السكان البالغ عددهم نحو 100 مليون نسمة.
وتُعد هو تشي منه، العاصمة الاقتصادية للبلاد في الجنوب، موطنا لحوالي 10 آلاف مسلم. وتضم المدينة 17 مسجدا، أبرزها “مسجد المسلمين” ومسجد “جميع المسلمين” (المسجد الهندي).

أغلب المسلمين من أقلية التشام
وينتمي معظم المسلمين في فيتنام إلى أقلية التشام، وهم أحفاد مملكة “تشامبا” التي ازدهرت في القرون الوسطى، وتُقدر أعدادهم بنحو 180 ألفا، يعيش معظمهم في مقاطعتي نينه ثوان وبين ثوان في دلتا نهر الميكونغ.
ويسعى المسلمون في فيتنام، خاصة في مدينة هو تشي منه، إلى الحفاظ على هويتهم الثقافية والدينية من خلال إنشاء مطاعم حلال ومبادرات مجتمعية لتعزيز الاندماج والتواصل بين المسلمين وبقية الأديان.
وتُعد المدينة وجهة متزايدة للسياح المسلمين من ماليزيا وإندونيسيا والعرب من قطر والسعودية والمقيمين أيضا وأغلبهم من تونس والجزائر والمغرب ومصر واليمن، مما يعزز من حضور الثقافة الإسلامية في الحياة العامة ويعزز شعار التسامح الذي يميز مسلمي فيتنام.

مسجدان جامعان
وفي زيارة للجزيرة نت إلى مسجد المسلمين، المعروف أيضا باسم مسجد سايغون المركزي أو مسجد “دونغ دو”، قبالة شارع التسوق الشهير دونغ كوي، قال المسؤول في المسجد ويدعى “ذو القرنين” إن تاريخ بناء المسجد يعود إلى عام 1935، وخصص في الأصل للجالية الهندية المسلمة التي تعيش في هو تشي منه.
وأضاف أن المسجد يمتاز بهيكله الخارجي الملوّن بالأبيض والأخضر ويتضمّن 4 مآذن بمعمار أشبه إلى الماليزي، ويوفر للمصلين مساحات هادئة للوضوء والصلاة. كما لاحظت الجزيرة نت وقوع المسجد أمام مطعمين حلال من ماليزيا وتركيا.

كما قامت الجزيرة نت بجولة ثانية في مسجد “جميع المسلمين” المعروف أيضا باسم “المسجد الهندي”، وهو أصغر نسبيا من مسجد المسلمين، لكنه ذو طابع معماري جميل ويميزه حوض مائي بهيج في فنائه الخلفي، تسبح فيه الأسماك ويتوضأ منه المصلون.
وفيما يلي جولة بعدسة موفد الجزيرة نت في “مسجد المسلمين” ومسجد “جميع المسلمين” في هو تشي منه.

















