مشروع سان جيرمان الجديد يركز على المواهب المحلية

شهد نادي باريس سان جيرمان تحولًا استراتيجيًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، بعيدًا عن سياسة التعاقدات الباذخة نحو التركيز على تطوير المواهب الشابة من خلال أكاديميته. هذا التحول، الذي تجسد في الفوز التاريخي بدوري أبطال أوروبا في عام 2025، يهدف إلى بناء فريق مستدام يعتمد على اللاعبين المحليين وتقليل الاعتماد على المبالغ الطائلة في سوق الانتقالات. و يعد المجمع التدريبي لسان جيرمان الجديد ركيزة أساسية في هذه الاستراتيجية الطموحة.
مشروع المجمع التدريبي لسان جيرمان
يعد المجمع التدريبي الجديد، الذي بلغت تكلفته 350 مليون يورو، قلب هذه الاستراتيجية الجديدة. ويهدف إلى توفير بيئة متكاملة لتطوير اللاعبين الشبان في جميع المراحل العمرية، بدءًا من الفئات الصغرى وصولًا إلى الفريق الأول.
ويضم المرفق فرق الرجال والسيدات والشباب تحت سقف واحد، مما يعزز التكامل والتنافس بين جميع المستويات. هذا يمثل تحولاً كبيرًا عن الماضي، عندما كانت الأكاديمية تعمل بمعزل عن الفريق الأول.
وأكد لويس كامبوس، المدير الرياضي للنادي، أن هذا المشروع يهدف إلى بناء فريق قادر على المنافسة على أعلى المستويات دون الحاجة إلى إنفاق مبالغ طائلة في سوق الانتقالات. ويرى كامبوس أن الاستثمار في الأكاديمية هو استثمار في مستقبل النادي.
التحول نحو الهوية الفرنسية
تتجلى الهوية الفرنسية الجديدة في النادي بوضوح في زيادة عدد اللاعبين المنضمين من الأكاديمية إلى الفريق الأول. هذا الموسم، شهد الفريق الأول انضمام خمسة لاعبين من الأكاديمية، مما يعكس الثقة المتزايدة في المواهب المحلية.
وعلاوة على ذلك، لعب باريس سان جيرمان بمعدل أعمار أصغر في مباريات مهمة هذا الموسم، مما يدل على التزام النادي بمنح الشباب فرصة لإثبات قدراتهم. وقد أكد خبراء كرة القدم على أهمية هذه الخطوة في بناء فريق قادر على المنافسة على المدى الطويل.
بالإضافة إلى ذلك، شهد الفريق الأول تقليصًا في عدد اللاعبين، مما أتاح مساحة أكبر للاعبين من الأكاديمية للعب بشكل منتظم واكتساب الخبرة.
ركائز التطوير في الأكاديمية
يرتكز عمل الأكاديمية على ثلاثة أعمدة رئيسية، بحسب يوهان كاباي، مدير الأكاديمية: التطوير الرياضي، والتعليم، والنمو الشخصي. وهذا يعني أن الأكاديمية لا تركز فقط على تطوير المهارات الكروية للاعبين، بل تهتم أيضًا بتعليمهم وتأهيلهم ليكونوا مواطنين مسؤولين.

يأتي هذا التحول في وقت تواجه فيه كرة القدم الفرنسية تحديات اقتصادية متزايدة، مثل تراجع إيرادات حقوق البث التلفزيوني. وبالتالي، فإن تطوير اللاعبين داخليًا يمثل ضرورة اقتصادية بالإضافة إلى كونه هدفًا رياضيًا. ويعتبر الاستثمار في الأكاديمية بديلاً مستدامًا للتعاقدات الباهظة الثمن.
و تظهر أهمية أكاديمية باريس سان جيرمان كأحد أهم مصادر المواهب في فرنسا و أوروبا، و هو ما يسهم في تعزيز مكانة النادي على الساحة العالمية. و يمثل هذا التحول نموذجًا يحتذى به للأندية الأخرى التي تسعى إلى بناء فرق قوية ومستدامة. كما أن تطوير اللاعبين المحليين يعزز الهوية الوطنية للنادي ويجعله أكثر جاذبية للجماهير الفرنسية.
وفي الختام، يمثل التحول الذي يقوم به باريس سان جيرمان خطوة جريئة نحو مستقبل أكثر استدامة. الخطوة التالية ستكون تقييم أداء الأكاديمية بشكل دوري والتأكد من أنها تحقق أهدافها. و يجب مراقبة مدى نجاح النادي في دمج اللاعبين الشباب في الفريق الأول وتحقيق النتائج المرجوة في البطولات المختلفة. من المتوقع أن يظهر تأثير هذا التحول بشكل كامل خلال السنوات القليلة القادمة.





